إحياء - (223) سُنَّة حفظ عشر آيات من الكهف

منذ 2015-02-12

فتنة الدجال من أعظم الفتن التي ستمر بالأرض! فهي تقود إلى الكفر الصريح، وعلى المؤمن أن يستعد لها، ومن ذلك سُنَّة حفظ عشر آيات من الكهف..

فتنة الدجَّال من أعظم الفتن التي ستمرُّ بالأرض؛ بل جعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم مساويةً أو أشدَّ من فتنة الإنسان في قبره! فقد روى البخاري ومسلم عَنْ أَسْمَاءَ رضي الله عنها، قَالَتْ: قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «...فَأُوحِيَ إِلَيَّ: أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي قُبُورِكُمْ مِثْلَ أَوْ قَرِيبَ -لاَ أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ- مِنْ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ...».

 وذلك أن الفتنة بالدجَّال تقود إلى الكفر الصريح، وهذا يقود بدوره إلى الخلود الأبدي في جهنم؛ ومن هنا كان على المؤمن أن يستعدَّ لمثل هذه الفتنة الشديدة إذا ما قدَّر اللهُ له أن يرى الدجَّال، ومن وسائل هذا الاستعداد حفظ الآيات العشر الأولى من سورة الكهف؛ فإنها تعصم من فتنة الدجَّال؛ فقد روى مسلم عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْكَهْفِ عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ»، وفي روايات أخرى عند مسلم قال: «مِنْ آخِرِ الْكَهْفِ». وعند أبي داود -وقال الألباني: صحيح- «مَنْ حَفِظَ مِنْ خَوَاتِيمِ سُورَةِ الْكَهْفِ».

 ومع ذلك فالأشهر هو حفظ الآيات العشر الأولى وليست الأخيرة، وجاء في بعض الروايات حفظ ثلاث آيات فقط؛ وذلك في رواية الترمذي -وقال الألباني: صحيح- عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ قَرَأَ ثَلاَثَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ الكَهْفِ عُصِمَ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ».

 وقد اختلف العلماء في الحكمة من أن هذه الآيات تحديدًا تعصم من الدجال، والله أعلم بمراده، ولكن يُحتمل -في رأيي- أن فواتح الكهف ذكرت أمر إنذار مَنِ ادَّعى البنوَّة لله عز وجل؛ ومِن ثَمَّ ادَّعى الألوهية لغير الله؛ وذلك في قوله تعالى: {وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا} [الكهف:4]، ونعلم أن الدجَّال سيدَّعي الألوهية؛ ومن هنا جاءت المشابهة.

 كما أن الآيات العشر أدركت قصة الفتية الذين اعتزلوا في الكهف، وهذه وسيلة مهمَّة من وسائل تجنُّب فتنة الدجَّال، وهي وسيلة اعتزاله وتجنُّب لقائه؛ فقد روى أبو داود عن عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَمِعَ بِالدَّجَّالِ فَلْيَنْأَ عَنْهُ؛ فَوَاللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَأْتِيهِ وَهُوَ يَحْسِبُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ فَيَتَّبِعُهُ، مِمَّا يَبْعَثُ بِهِ مِنَ الشُّبُهَاتِ».

 أمَّا مَنْ قدَّر اللهُ أن يلقاه فليستعن عليه بقراءة الآيات العشر الأولى من الكهف؛ فقد روى مسلم عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «..فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ، فَلْيَقْرَأْ عَلَيْهِ فَوَاتِحَ سُورَةِ الْكَهْفِ..».

 فلنحفظ هذه الآيات المباركة، ونسأل الله العصمة من فتنة الدجال.

ولا تنسوا شعارنا قول الله تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور:54].

 

راغب السرجاني

أستاذ جراحة المسالك البولية بكلية طب القصر العيني بمصر.

  • 45
  • 13
  • 205,066
المقال السابق
(222) سُنَّة عدم سب الريح
المقال التالي
(224) سُنَّة الدعاء لصاحب الوليمة

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً