إحياء - (245) سُنَّة الشرب جالسًا

منذ 2015-03-01

يحب رسول الله لأُمَّته أن يكون لها سمتها الخاص، لذا كان له هَدْي في أمور كثيرة؛ ومن سُنَّته أنه كان يشرب جالسًا؛ بل نهى عن الشرب قائمًا..

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبُّ لأُمَّته أن يكون لها سمتها الخاص؛ لذا كان له هَدْيٌ في أمور كثيرة قد يظنُّها الناس من العاديات التي يفعل فيها كل إنسان ما يشاء؛ مثل: أمور الطعام، والشراب، واللباس، والكلام، وغير ذلك من أمور، وهي ما يُسَمِّيها الغربُ: "قواعد الإتيكيت"، وللأسف قد يتقبَّل بعض المسلمين تنفيذ هذه القواعد الغربية ويتكاسلون في تنفيذ قواعد نبيِّهم صلى الله عليه وسلم! ومن هَدْي رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يشرب جالسًا؛ بل نهى عن الشرب قائمًا؛ فقد روى مسلم عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، "أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «زَجَرَ عَنِ الشُّرْبِ قَائِمًا»".

 وروى مسلم عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، «أَنَّهُ نَهَى أَنْ يَشْرَبَ الرَّجُلُ قَائِمًا»، قَالَ قَتَادَةُ: "فَقُلْنَا: فَالأَكْلُ؟ فَقَالَ -أي أنس رضي الله عنه-: «ذَاكَ أَشَرُّ أَوْ أَخْبَثُ»"،  بل أكثر من ذلك روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَشْرَبَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ قَائِمًا، فَمَنْ نَسِيَ فَلْيَسْتَقِئْ».

 وروى أحمد والبيهقي وابن حبان -وقال الألباني والأرناءوط: صحيح- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَوْ يَعْلَمُ الَّذِي يَشْرَبُ وَهُوَ قَائِمٌ مَا فِي بَطْنِهِ لاَسْتَقَاءَ».

 ومع كل ذلك ورد في البخاري أنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه: "وقف عَلَى بَابِ الرَّحَبَةِ فَشَرِبَ قَائِمًا، فَقَالَ: إِنَّ نَاسًا يَكْرَهُ أَحَدُهُمْ أَنْ يَشْرَبَ وَهُوَ قَائِمٌ، وَإِنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ كَمَا رَأَيْتُمُونِي فَعَلْتُ".

 وللعلماء في تفصيل هذا الاختلاف أقوال كثيرة، ورَأْيُ الجمهور أن السُّنَّة أن يشرب المسلم جالسًا، وأنه يجوز له أن يشرب قائمًا؛ ولكن يُكْرَه له ذلك، كما يُستحَبُّ لمن شرب قائمًا أن يستقيء، وعلَّل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية أخرى بأن الشيطان يشرب مع المسلم إذا شرب قائمًا؛ فقد روى أحمد وابن حبان -وقال الألباني: صحيح- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: "رَأَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلاً يَشْرَبُ قَائِمًا فَقَالَ لَهُ: «قِه»، قَالَ: لِمَهْ؟ قَالَ: «أَيَسُرُّكَ أَنْ يَشْرَبَ مَعَكَ الْهِرُّ؟»، قَالَ: لاَ. قَالَ: «فَإِنَّهُ قَدْ شَرِبَ مَعَكَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مِنْهُ، الشَّيْطَانُ».

 فلْيحرص كلٌّ منا على الشرب جالسًا ما استطاع؛ فإن ذلك من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ولا تنسوا شعارنا قول الله تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور:54].

راغب السرجاني

أستاذ جراحة المسالك البولية بكلية طب القصر العيني بمصر.

  • 19
  • 2
  • 41,839
المقال السابق
(244) سُنَّة دعاء الاستيقاظ من النوم
المقال التالي
(246) سُنَّة اتخاذ مسجد في المنزل

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً