إحياء - (256) سُنَّة ختام المجلس

منذ 2015-03-11

المهمة الأولى للإنسان في هذه الأرض هي العبادة، كان رسول الله لا يَدَعُ موقفًا يمرُّ عليه دون عبادة وذِكْر لله، فكان يختم مجالسه بدعاء خاص..

وضَّح لنا ربنا سبحانه وتعالى أن المهمَّة الأولى للإنسان في هذه الأرض هي العبادة؛ فقال: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56]؛ لذلك ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُريد أن يَدَعَ موقفًا من مواقف الدنيا يمرُّ عليه دون عبادةٍ وذِكْرٍ لله عز وجل، ويشمل هذا مجالسَه وحركاته وسكناته..

فقد روى ابن حبان وأبو داود والنسائي -وقال الألباني: صحيح، واللفظ لابن حبان- عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا لَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ فِيهِ إِلاَّ كَانَ عَلَيْهِمْ تِرَةً، وَمَا مَشَى أَحَدٌ مَمْشًى لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ فِيهِ إِلاَّ كَانَ عَلَيْهِ تِرَةً، وَمَا أَوَى أَحَدٌ إِلَى فِرَاشِهِ وَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ فِيهِ إِلاَّ كَانَ عَلَيْهِ تِرَة»، وَالتِّرَة أي الحسرة والنقصان.

وروى أبو داود عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ قَوْمٍ يَقُومُونَ مِنْ مَجْلِسٍ لاَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ فِيهِ، إِلاَّ قَامُوا عَنْ مِثْلِ جِيفَةِ حِمَارٍ وَكَانَ لَهُمْ حَسْرَةً»، لذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبُّ أن يختم مجلسه بدعاء يَذْكُر فيه اللهَ عز وجل، ويُذَكِّر الحضورَ به سبحانه..

فقد روى الترمذي -وقال الألباني: صحيح- عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: "قَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُومُ مِنْ مَجْلِسٍ حَتَّى يَدْعُوَ بِهَؤُلاَءِ الدَّعَوَاتِ لأَصْحَابِهِ: " «اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ، وَمِنَ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مَصَائِبَ الدُّنْيَا، وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا، وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا، وَاجْعَلْ ثَأرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا، وَلاَ تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا، وَلاَ تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا، وَلاَ مَبْلَغَ عِلْمِنَا، وَلاَ تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لاَ يَرْحَمُنَا». 

وهذا غير دعاء كفارة المجلس، والذي روى نصَّه أبو داود -وقال الألباني: صحيح- عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه، وفيه قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: بِأَخَرَةٍ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ مِنَ الْمَجْلِسِ: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ»، ويمكن الجمع بين الدعاءين في نهاية المجلس فنكون قد طَبَّقنا السُّنَّتين، وهو خيرٌ كثير. 

ولا تنسوا شعارنا قول الله تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].

راغب السرجاني

أستاذ جراحة المسالك البولية بكلية طب القصر العيني بمصر.

  • 9
  • 0
  • 3,054
المقال السابق
(255) سُنَّة الدعاء بعد صلاة الصبح
المقال التالي
(257) سُنَّة إطعام الخادم

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً