الاستبداد حق مكتسب

منذ 2015-03-18

البعض لا يتصور أن الاستبداد والظلم -وأحيانًا الفساد-، قد يتحولوا بعد حين إلى حق مكتسب يراه مقترفوه شيئًا طبيعيًا للغاية، ويتعجبون جدًا من تلك الأصوات (النشاز) التي تستنكره وترفضه..

البعض لا يتصور أن الاستبداد والظلم -وأحيانًا الفساد-، قد يتحولوا بعد حين إلى حق مكتسب يراه مقترفوه شيئًا طبيعيًا للغاية، ويتعجبون جدًا من تلك الأصوات (النشاز) التي تستنكره وترفضه..

إنهم يتعاملون مع الأشياء بمنطق القوة وحسب، شيء يشبه الحياة البرية في الأحراش والأدغال البدائية، حين يبسط الحيوان نفوذه من خلال القوة ويصير متسلطًا على باقي القطيع الذين يرهبونه لقوته ووحشيته، في تلك الحالة لا يعد ذلك الوحش تسلطه أمرًا يستدعي تعجبًا أو دهشة ولا يتصور أحدًا ينكر عليه حقه في التحكم بمجريات القطيع..

هذه هي ذات النفسية التي يتعامل بها المستبدون الذين تغلغل في نفوسهم الاستبداد والتيه بالقوة والجبروت، حتى لم يعد الفساد في أنظارهم فسادًا، ولا الظلم ظلمًا، بل هم أثناء ممارسة كل ذلك لا يجدون أدنى غضاضة ولا يشعرون أصلاً أنهم يأخذون أكثر من حقهم، الذي تعد أنت وكل حقوقك جزءًا يسيرًا منه..

بل ربما تكون الدهشة والتعجب من أولئك الذين يرفضون الرضوخ ضمن القطيع لذلك الحق البديهي، الذي آمن فرعون إيمانًا راسخًا بأنه له، ومن ثم كان تعجبه من أولئك الذين لا يخضعون لسطوته ولا يقبلون بألوهيته، ولا يستسلمون لاستعباده الناس وتسخيرهم لرفاهيته، فتجده يتساءل في استنكار مندهش تساؤلاً يكشف لك عن تصوراته المتأصلة، بأن ما يفعله هو حقه الطبيعي تمامًا ضمن تلك التركة التي قرر أنها بكل ما فيها -ومن فيها- ملكه وتحت تصرفه..!

نعم ببساطة هو يتصور أنك وأهلك وأرضك ومالك، ومال أبيك بل وأباك -واللي جابوا أباك- ملكية خاصة له وميراث مسخر لإسعاده، إنه يتساءل تساؤلاً جامعًا يكشف لك حقيقة تلك النفسية المتسلطة، التي تشربت الأمر حتى النخاع، حتى قالت بكل بديهية: "أليس لي ملك مصر، وهذه الأنهار تجري من تحتي؟!".

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
  • 0
  • 0
  • 1,637

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً