السد المتين

محمد علي يوسف

لا بأس من وجود القادة والرموز.. بل لا غنى عن وجودهم.. لكن! لا يصح أبدًا أن تتمحور الحياة فقط حولهم، وتختزل في أشخاصهم حتى يتحولوا في ميادين النفس إلى أوثان كبيرة، تنتهي إليها الأحداث، وتدور في فلكها الوقائع..

  • التصنيفات: أخلاق إسلامية -

لما طُلب من ذي القرنين أن يجعل سدًّا بين القوم وبين أعدائهم لم يسارع للتنفيذ، رغم قدرته على ذلك وهو الذي أوتي من كل شيء سببًا، لقد قال لهم وهو المُمَكَّن القوى: {فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا} [الكهف من الآية:95]. لقد أشركهم معه.. غرس فيهم قيمة العمل والبذل..

ثم هو لم يكتف بذلك، وما زال بهم حتي علمهم صناعة سبيكة الحديد والنحاس، وأطلعهم على سر بناء السد المتين، الذي يصمد ويقوي علي حجز يأجوج ومأجوج.. يمكنك أن تقول إنه لم يعطهم سمكًا، ولكنه علمهم كيف يصطادونه بأنفسهم.

وكذلك المتجرد!
ليست قضيته أن يظل الأتباع عالقين به لا يتحركون إلا بأمره، ولا يرون في الكون غيره.. وإنما يعنيه أن تكون لديهم القدرة على العمل والحركة والتغيير والبناء.. به أو بدونه..

فإنه في النهاية ميت وإنهم ميتون.
لا بأس من وجود القادة والرموز.. بل لا غنى عن وجودهم..
لكن! لا يصح أبدًا أن تتمحور الحياة فقط حولهم، وتختزل في أشخاصهم حتى يتحولوا في ميادين النفس إلى أوثان كبيرة، تنتهي إليها الأحداث، وتدور في فلكها الوقائع..

وليرتبط الناس بالحق والعلم والعمل، وليس بالأشخاص.

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام