(الذكر والدعاء) من بلوغ المرام

منذ 2015-04-12

يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: أَنَا مَعَ عَبْدِي مَا ذَكَرَنِي، وَتَحَرَّكَتْ بِي شَفَتَاهُ

مختصر الكلام على بلوغ المرام
(الذكر والدعاء) من بلوغ المرام

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين.

الدعاء: الطلب من الله تعالى، وهو ذكر الله تعالى وزيادة.

1474- عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: أَنَا مَعَ عَبْدِي مَا ذَكَرَنِي، وَتَحَرَّكَتْ بِي شَفَتَاهُ» أخرجه ابن ماجه وصححه، وابن حبان، وذكره البخاري تعليقًا.

الحديث دليل على فضل الذكر، وأن الله تعالى مع ذاكره برحمته ولطفه وإعانته والرضا بحاله، وهذه معية خاصة، كما قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّـهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ} [النحل:128].

1475- وعن معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا عَمِلَ ابْنُ آدَمَ عَمَلاً أَنْجَى لَهُ مِنْ عَذَابِ الله مِنْ ذِكْرِ الله» أخرجه ابن أبي شيبة والطبراني بإسناد حسن.

الحديث دليل على فضل الذكر وأنه من أعظم أسباب النجاة من المخاوف في الدنيا والآخرة.

1476- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا، يَذْكُرُونَ اَللَّهَ إِلا حَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَذَكَرَهُمُ الله فِيمَنْ عِنْدَهُ» أخرجه مسلم.

الحديث دليل على فضيلة الاجتماع على الذكر في جميع أنواعه: من الثناء، والدعاء، وتلاوة القرآن، والتفكر، وتعليم أمور الدين.

1477- وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا قَعَدَ قَوْمٌ مَقْعَدًا لَمْ يَذْكُرُوا اَلله فيه، وَلَمْ يُصَلُّوا عَلَى اَلنَّبِيِّ إِلا كَانَ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ» أخرجه الترمذي، وقال: "حسنٌ".

فيه الحث على ذكر الله تعالى في كل مجلس، والصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم. وعند أحمد: «ما جلس قوم مجلساً لم يذكروا الله تعالى فيه إلا كان عليهم ترة، وما من رجل يمشي طريقاً فلم يذكر الله عز وجل إلا كان عليه ترة وما من رجل أوى إلى فراشه فلم يذكر الله عز وجل إلا كان عليه ترة». وفي رواية: «إلا كان عليه حسرة يوم القيامة وإن دخل الجنة».

1478- وعن أبي أيوب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَالَ: لا إِلَهَ إِلا الله، وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ عَشْرَ مَرَّاتٍ، كَانَ كَمَنْ أَعْتَقَ أَرْبَعَةَ أَنْفُسٍ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ» متفق عليه.

زاد مسلم: «له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير»، وعند أحمد: «من قال إذا صلى الصبح» فذكره، وزاد: «وكتب له بهن عشر حسنات، ومحي عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، وكنّ له حرزاً من الشيطان حتى يمسي، وإذا قالها بعد المغرب فمثل ذلك».

1479- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَالَ: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ مِائَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ اَلْبَحْرِ» متفق عليه.

الحديث دليل على فضل: سبحانه الله وبحمده. ومعنى التسبيح: تنزيهه تعالى عما لا يليق به مما وصفه به المشركون.

1480- وعن جويرية بنت الحارث رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ، لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ مُنْذُ اَلْيَوْمِ لَوَزَنَتْهُنَّ: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ، عَدَدَ خَلْقِهِ، وَرِضَا نَفْسِهِ، وَزِنَةَ عَرْشِهِ، وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ» أخرجه مسلم.

الحديث دليل على فضل هذه الكلمات الجوامع، وفي بعض الأحاديث زيادة: «ومنتهى رحمته».

1481- وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اَلْبَاقِيَاتُ اَلصَّالِحَاتُ: لا إِلَهَ إِلا الله، وَسُبْحَانَ الله، وَالله أَكْبَرُ، وَالْحَمْدُ لله، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِالله» أخرجه النسائي، وصححه ابن حبان والحاكم.

الحديث دليل على فضل هذه الكلمات، وأنها من الباقيات الصالحات. قال الله تعالى: {وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} [الكهف من الآية:46]، وقد فسرها ابن عباس بجميع أنواع الحسنات: من قول وفعل.

1482- وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَحَبُّ اَلْكَلامِ إِلَى الله أَرْبَعٌ، لا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ: سُبْحَانَ الله، وَالْحَمْدُ لله، وَلا إِلَهَ إِلاَّ الله، وَالله أَكْبَرُ» أخرجه مسلم.

إنما كانت هذه الكلمات أحب الكلام إلى الله تعالى، لاشتمالها على تنزيهه، وإثبات الحمد الوحدانية له، والأكبرية.

1483- وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يَا عَبْدَ الله بْنَ قَيْسٍ! أَلا أَدُلُّكَ عَلَى كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ اَلْجَنَّةِ؟ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِالله» متفق عليه، زاد النسائي: «وَلا مَلْجَأَ مِنَ الله إِلاَّ إِلَيْهِ».

الحول: الحركة والحيلة، أي لا حركة ولا استطاعة إلا بمشيئة الله. وروي تفسيرها مرفوعاً: "لا حول عن المعاصي إلا بعصمة الله. ولا قوة على طاعة الله إلا بالله".

1484- وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ اَلدُّعَاءَ هُوَ اَلْعِبَادَةُ» رواه الأربعة، وصححه الترمذي.

1485- وله من حديث أنس رضي الله عنه بلفظ: «اَلدُّعَاءُ مُخُّ اَلْعِبَادَةِ».

1486- وله من حديث أبي هريرة رضي الله عنه رفعه: «لَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَمَ عَلَى الله مِنَ الدُّعَاءِ» وصححه ابن حبان والحاكم.

الحديث دليل على أن الدعاء هو خالص العبادة. قال الله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر:60].

1487- وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اَلدُّعَاءُ بَيْنَ اَلأذَانِ وَالإقَامَةِ لا يُرَدُّ» أخرجه النسائي، وصححه ابن حبان وغيره.

الحديث دليل على استحباب كثرة الدعاء في أوقات الإجابة.

1488-وعن سلمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِ «نَّ رَبَّكُمْ حَيِيٌّ كَرِيمٌ، يَسْتَحِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ إِلَيْهِ يَدَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفَرًا» أخرجه الأربعة إلا النسائي، وصححه الحاكم.

الصفر: الخالية، وفي الحديث استحباب رفع اليدين في الدعاء.

1489- وعن عمر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مد يديه في الدعاء، لم يردهما، حتى يمسح بهما وجهه" أخرجه الترمذي. وله شواهد منها: حديث ابن عباس رضي الله عنهما: عند أبي داود. ومجموعها يقتضي أنه حديث حسن.

الحديث دليل على استحباب مسح الوجه باليدين بعد الفراغ من الدعاء.

1490- وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  «إِنَّ أَوْلَى اَلنَّاسِ بِي يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ، أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلاة» أخرجه الترمذي وصححه ابن حبان.

فيه الحث على الاستكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وتستحب قبل الدعاء وبعده.

1491- وعن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سَيِّدُ اَلاسْتِغْفَارِ، أَنْ يَقُولَ اَلْعَبْدُ: اللهمَّ أَنْتَ رَبِّي، لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي، وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اِسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي; فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ اَلذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ» أخرجه البخاري.

تمام الحديث: «من قالها من النهار موقناً بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة»، سمي هذا الدعاء سيد الاستغفار لاشتماله على الإقرار بالربوبية والألوهية، والاعتراف بالعبودية، والتقصير في الطاعة، والاعتراف بالنعمة، والإقرار بالذنب وطلب المغفرة. قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّـهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّـهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ . أُولَـٰئِكَ جَزَاؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} [آل عمران:135-136].

1492- وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَدَعُ هَؤُلاءِ اَلْكَلِمَاتِ حِينَ يُمْسِي وَحِينَ يُصْبِحُ: «اللهمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ اَلْعَافِيَةَ فِي دِينِي، وَدُنْيَايَ، وَأَهْلِي، وَمَالِي، اللهمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي، وَآمِنْ رَوْعَاتِي، وَاحْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ، وَمِنْ خَلْفِي، وَعَنْ يَمِينِي، وَعَنْ شِمَالِي، وَمِنْ فَوْقِي، وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي» أخرجه النسائي وابن ماجه وصححه الحاكم.

الحديث دليل على استحباب هذا الدعاء في الصباح والمساء.

1493- وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفَجْأَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ» أخرجه مسلم.

فيه الاستعاذة من جميع الشرور في أمور الدين والدنيا. وقد قال تعالى: {إِنَّ اللَّـهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} [الرعد من الآية:11]، وقال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} [الشورى:30].

1494- وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ اَلدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ اَلْعَدُوِّ، وَشَمَاتَةِ اَلأعْدَاءِ» رواه النسائي، وصححه الحاكم.

غلبة الدين: ما يغلب المدين قضاؤه، وشماتة الأعداء: فرحهم بضر نزل به.

1495- وعن بريدة رضي الله عنه قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا يقول: اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت، الأحد الصمد، الذي لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد. فقال: «لَقَدْ سَأَلَ الله بِاسْمِهِ اَلَّذِي إِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى، وَإِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ» أخرجه الأربعة، وصححه ابن حبان.

الصمد: السيد الذي يصمد إليه في الحوائج ويقصد، والمتصف بذلك في الحقيقة هو الله تبارك وتعالى، وفي الحديث استحباب تعظيم الله تعالى وتمجيده والثناء عليه قبل المسألة.

1496-وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أصبح، يقول: «اللهمَّ بِكَ أَصْبَحْنَا، وَبِكَ أَمْسَيْنَا، وَبِكَ نَحْيَا، وَبِكَ نَمُوتُ، وَإِلَيْكَ اَلنُّشُورُ» وإذا أمسى قال مثل ذلك، إلا أنه قال: «وَإِلَيْكَ اَلْمَصِيرُ» أخرجه الأربعة.

الحديث دليل على استحباب هذا الذكر في الصباح والمساء.

1497- وعن أنس رضي الله عنه قال: كان أكثر دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم «رَبَّنَا آتِنَا فِي اَلدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي اَلآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ اَلنَّارِ» متفق عليه.

قال القاضي عياض: إنما كان يدعو بهذه الآية لجمعها معاني الدعاء كله من أمر الدنيا والآخرة.

1498- وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو: «اللهمَّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي، وَجَهْلِي، وَإِسْرَافِي فِي أَمْرِي، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، اللهمَّ اِغْفِرْ لِي جِدِّي، وَهَزْلِي، وَخَطَئِي، وَعَمْدِي، وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِي، اللهمَّ اِغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ، وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ، وَمَا أَعْلَنْتُ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، أَنْتَ اَلْمُقَدِّمُ وَأنت الْمُؤَخِّرُ، وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» متفق عليه.

الحديث دليل على استحباب هذا الدعاء في الصلاة وغيرها.

1499-وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي اَلَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ اَلَّتِي فِيهَا مَعَاشِي، وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي اَلَّتِي إِلَيْهَا مَعَادِي، وَاجْعَلْ اَلْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلْ اَلْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ» أخرجه مسلم.

تضمن هذا الحديث: الدعاء بخير الدنيا والآخرة.

1500- وعن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهمَّ اِنْفَعْنِي بِمَا عَلَّمْتَنِي، وَعَلِّمْنِي مَا يَنْفَعُنِي، وَارْزُقْنِي عِلْمًا يَنْفَعُنِي» رواه النسائي والحاكم.

1501- وللترمذي: من حديث أبي هريرة رضي الله عنه نحوه، وقال في آخره: «وَزِدْنِي عِلْمًا، الْحَمْدُ لله عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَأَعُوذُ بِالله مِنْ حَالِ أَهْلِ اَلنَّارِ» وإسناده حسن.

العلم النافع: هو الذي ينفع صاحبه في الدنيا والآخرة، وأما ما ينفع في الدنيا ولا ينفع في الدين فليس من العلم النافع. قال الله تعالى: {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} [الروم:7]، وأما ما ينفع في الدنيا ويضر في الآخرة فهو الصفقة الخاسرة. قال تعالى في السحر وشبهه: {وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ ۚ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} [البقرة من الآية:102].

1502- وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم علمها هذا الدعاء: «اللهمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ، عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ، عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، اللهمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَاذَ بِهِ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ، اللهمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ اَلْجَنَّةَ، وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ، وَمَا قَرَّبَ إليهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ كُلَّ قَضَاءٍ قَضَيْتَهُ لِي خَيْرًا» أخرجه ابن ماجه، وصححه ابن حبان والحاكم.

تضمن هذا الدعاء سؤال كل خير، والاستعاذة من كل شر، وفي الحديث استحباب تعليم الأهل.

1503- وأخرج الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كَلِمَتَانِ حَبِيبَتَانِ إِلَى اَلرَّحْمَنِ، خَفِيفَتَانِ عَلَى اَللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي اَلْمِيزَانِ، سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ الله اَلْعَظِيمِ».

هذا الحديث ختم به البخاري صحيحه، وفيه دليل على ثبوت الميزان كما دل عليه القرآن.

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين ومن اتبعه بإحسان إلى يوم الدين.

 

الشيخ فيصل بن عبد العزيز آل مبارك

  • 5
  • 0
  • 15,337

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً