مع القرآن - طريق الخاسرين

منذ 2015-05-23

قال ابن جرير في قوله: "{أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} الخاسرون: جمع خاسر، وهم الناقصون أنفسهم، وحظوظهم بمعصيتهم الله من رحمته، كما يخسر الرجل في تجارته بأن يوضع من رأس ماله في بيعه، وكذلك الكافر والمنافق خسر بحرمان الله إياه رحمته التي خلقها لعباده في القيامة أحوج ما كانوا إلى رحمته".

وضح الشرع بجلاء سبيل المؤمن كما وضح بجلاء ووضوح سبيل المنافق والكافر.
أما المؤمن فسبيله التوحيد والاتباع وفعل ما أمر الله به والانتهاء عما نهى عنه. 
وأما المنافق والكافر فسبيله نقض ميثاق الله ومناقضة توحيده، وفعل ما نهى الله عنه وترك ما أمر به سبحانه.

ومما جاء في توضيح هذا الخسران المبين قوله تعالى:
{الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [البقرة:27].

عن أبي العالية، في قوله: {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ} إلى قوله: {الْخَاسِرُونَ} قال: "هي ست خصال من المنافقين إذا كانت فيهم الظَّهْرَة على الناس أظهروا هذه الخصال: إذا حدثوا كذبوا، وإذا وعدوا أخلفوا، وإذا اؤتمنوا خانوا، ونقضوا عهد الله من بعد ميثاقه، وقطعوا ما أمر الله به أن يوصل، وأفسدوا في الأرض، وإذا كانت الظَّهْرَةُ عليهم أظهروا الخصال الثلاث: إذا حدثوا كذبوا، وإذا وعدوا أخلفوا، وإذا اؤتمنوا خانوا"، وكذا قال الربيع بن أنس أيضًا. 

وقال السدي في تفسيره بإسناده، قوله تعالى: {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ} قال: "هو ما عهد إليهم في القرآن فأقروا به ثم كفروا فنقضوه"، وقوله: {وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ} قيل: المراد به صلة الأرحام والقرابات، كما فسره قتادة كقوله تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد:22]، ورجحه ابن جرير وقيل: المراد أعم من ذلك فكل ما أمر الله بوصله وفعله قطعوه وتركوه.

وقال مقاتل بن حيان في قوله: {أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} قال في الآخرة، وهذا كما قال تعالى: {أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} [الرعد: 25]، وقال الضحاك عن ابن عباس: "كل شيء نسبه الله إلى غير أهل الإسلام من اسم مثل خاسر، فإنما يعني به الكفر، وما نسبه إلى أهل الإسلام فإنما يعني به الذنب".

وقال ابن جرير في قوله: "{أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} الخاسرون: جمع خاسر، وهم الناقصون أنفسهم، وحظوظهم بمعصيتهم الله من رحمته، كما يخسر الرجل في تجارته بأن يوضع من رأس ماله في بيعه، وكذلك الكافر والمنافق خسر بحرمان الله إياه رحمته التي خلقها لعباده في القيامة أحوج ما كانوا إلى رحمته".

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
  • 0
  • 0
  • 9,759
المقال السابق
بشرى المؤمن
المقال التالي
الإيمان يغلب الفساد وسفك الدماء

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً