إحياء - (333) سُنَّة التعوُّذ من عذاب الله قبل النوم

منذ 2015-05-27

من أعظم النعم التي يُنْعِم بها الله على عباده نعمة حسن الخاتمة! لذلك ينبغي للمؤمن أن يجعل آخر أعماله قبل نومه وداعًا للدنيا..

من أعظم النعم التي يُنْعِم بها الله على عباده نعمة حسن الخاتمة! فقد روى أحمد بإسناد صحيح عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَعْجَبُوا بِأَحَدٍ، حَتَّى تَنْظُرُوا بِمَ يُخْتَمُ لَهُ، فَإِنَّ الْعَامِلَ يَعْمَلُ زَمَانًا مِنْ عُمْرِهِ، أَوْ بُرْهَةً مِنْ دَهْرِهِ، بِعَمَلٍ صَالِحٍ، لَوْ مَاتَ عَلَيْهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ، ثُمَّ يَتَحَوَّلُ فَيَعْمَلُ عَمَلًا سَيِّئًا، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ الْبُرْهَةَ مِنْ دَهْرِهِ بِعَمَلٍ سَيِّئٍ، لَوْ مَاتَ عَلَيْهِ دَخَلَ النَّارَ، ثُمَّ يَتَحَوَّلُ فَيَعْمَلُ عَمَلًا صَالِحًا، وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا اسْتَعْمَلَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ». قَالُوا: "يَا رَسُولَ اللهِ وَكَيْفَ يَسْتَعْمِلُهُ؟ قَالَ: «يُوَفِّقُهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ، ثُمَّ يَقْبِضُهُ عَلَيْهِ»".

والمؤمن يستشعر عند نومه أنه قد ينام ولا يقوم؛ لأن الله أراد منا هذا الشعور، فقد قال تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [الزمر:42]؛ لذلك ينبغي للمؤمن أن يجعل آخر أعماله قبل نومه وداعًا للدنيا، وخيرُ وداعٍ للدنيا أن يسأل اللهَ الوقاية من عذابه يوم القيامة، فهذه دعوةٌ لو أُجيبت وكان هذا آخر أيامه نجا العبدُ، وسَعِدَ سعادة لا شقاء بعدها؛ لهذا كان من سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتعوَّذ بالله من عذابه كل ليلة قبل أن ينام؛ فقد روى الترمذي -وقال الألباني: صحيح- عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَضَعَ يَدَهُ تَحْتَ رَأْسِهِ، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ قِنِي عَذَابَكَ يَوْمَ تَجْمَعُ -أَوْ تَبْعَثُ- عِبَادَكَ».

وما أجمل أن يقول المؤمن هذا الدعاء وذهنه يتخيَّل أنه لو مات بُعِثَ آمنًا! فقد روى مسلم عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: «يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ». فاللهم اختم لنا بخاتمة السعادة.

ولا تنسوا شعارنا قول الله تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور:54].

راغب السرجاني

أستاذ جراحة المسالك البولية بكلية طب القصر العيني بمصر.

  • 6
  • 0
  • 1,656
المقال السابق
(332) سُنَّة عمرة رمضان
المقال التالي
(334) سُنَّة التكبير عند الفرح

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً