إحياء - (334) سُنَّة التكبير عند الفرح

منذ 2015-05-27

كان من سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول: «اللَّهُ أَكْبَرُ» عند فرحه بشيء، وكأنه يُعَظِّم اللهَ الذي أفرحه.

كان من سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول: الله أكبر عند فرحه بشيء، وكأنه يُعَظِّم اللهَ الذي أفرحه، فالله عز وجل يقول في وصف نفسه سبحانه: {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى} [النجم:43]، ومواقف التكبير عند الفرح في السُّنَّة النبوية كثيرة، ومنها ما رواه أبو داود -وقال الألباني: صحيح- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: "جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَحَدَنَا يَجِدُ فِي نَفْسِهِ، يُعَرِّضُ بِالشَّيْءِ، لَأَنْ يَكُونَ حُمَمَةً أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، فَقَالَ: «اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَدَّ كَيْدَهُ إِلَى الْوَسْوَسَةِ»"،

ومعنى الحديث أن الرجل يشكو أن نفسه تحدِّثه أحيانًا بشكوك عقائدية خطيرة، ولكنه يتمنى أن لو كان فحمةً -حممةً- ولا يتكلَّم بها، فهنا عَبَّر الرسول صلى الله عليه وسلم عن فرحته بالتكبير ثلاثًا أن جعل اللهُ كيدَ الشيطان في الوسوسة فقط، وكذلك كان الصحابة يفعلون عند فرحهم، وقد روى البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: يَا آدَمُ، فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالخَيْرُ فِي يَدَيْكَ، فَيَقُولُ: أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ، قَالَ: وَمَا بَعْثُ النَّارِ؟ قَالَ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَ مِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ، فَعِنْدَهُ يَشِيبُ الصَّغِيرُ، وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا، وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى، وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ».

قَالُوا: "يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَيُّنَا ذَلِكَ الوَاحِدُ؟ قَالَ: «أَبْشِرُوا، فَإِنَّ مِنْكُمْ رَجُلًا وَمِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَلْفًا»"، ثُمَّ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنِّي أَرْجُو أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الجَنَّةِ» فَكَبَّرْنَا، فَقَالَ: «أَرْجُو أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الجَنَّةِ» فَكَبَّرْنَا، فَقَالَ: «أَرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الجَنَّةِ» فَكَبَّرْنَا، فَقَالَ: «مَا أَنْتُمْ فِي النَّاسِ إِلَّا كَالشَّعَرَةِ السَّوْدَاءِ فِي جِلْدِ ثَوْرٍ أَبْيَضَ، أَوْ كَشَعَرَةٍ بَيْضَاءَ فِي جِلْدِ ثَوْرٍ أَسْوَدَ».

وكذلك فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما عَلِمَ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يُطَلِّق نساءه بعد أن أشيع ذلك، فقد روى البخاري عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه، قَالَ: "..ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ وَأَنَا قَائِمٌ: أَطَلَّقْتَ نِسَاءَكَ؟ قَالَ: «لاَ» فَقُلْتُ: اللَّهُ أَكْبَرُ"، فلتكن هذه هي عادتنا عند فرحنا بشيء، فهي تعظيمٌ لله الذي أفرحنا، كما أن لنا فيها حسنة، وقد روى مسلم عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «..وَكُلِّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةً..».

ولا تنسوا شعارنا قول الله تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور:54].

راغب السرجاني

أستاذ جراحة المسالك البولية بكلية طب القصر العيني بمصر.

  • 3
  • 0
  • 3,222
المقال السابق
(333) سُنَّة التعوُّذ من عذاب الله قبل النوم
المقال التالي
(335) سُنَّة الترجل

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً