إبادة السوريين ليعيش الصهاينة

منذ 2015-06-30

عندما قررت البدء بكتابة هذه المقالة كانت تلوح في الأفق قاعدة فلسفية استحوذت اهتمامي فأمسكت بها على الفور وأسقطتها على واقع الحال والمحال لما يجري من أحداث على الساحة السورية.

عندما قررت البدء بكتابة هذه المقالة كانت تلوح في الأفق قاعدة فلسفية استحوذت اهتمامي فأمسكت بها على الفور وأسقطتها على واقع الحال والمحال لما يجري من أحداث على الساحة السورية.

القاعدة الفلسفية تقول "أنا أعمل إذاً .. أنا موجود"، والقاعدة العسكرية للنظام تقول "أنا أدمر .. أنا أخرب إذاً .. أنا موجود"، وما قام به هو تنفيذ المهمة بإتقان وما رُسم له من قبل صناع القرار أنجز بحرفية ومهارة.

ولكن ما هو المقابل؟ ما هي الصفقة؟ البقاء والحماية وعدم إسقاط النظام وما ثباته كل هذه المدة إلا عربون وفاء لخدماته التي قدمت ومازالت تقدم تنفيذاً لرغباتهم. وإن كان تابع فهو مأمور. أمسى في خدمتهم أكثر من نصف قرن حامي حماهم وحدودهم وذلك عبر الصك الموقع بين كلا الطرفين "الجولان مقابل البقاء" وهذا ما حصل بالفعل في عهد مضى. أما اليوم المعادلة اختلفت والمعطيات تغيرت. المقابل مُنح للنظام ببقائه أكثر من أربعة سنوات مدعوماً بالفيتو رقم واحد والفيتو رقم اثنان، ولكن النتائج جاءت وقلبت كل التوقعات وبات النظام قاب قوسين أو أدنى من الانهيار وأركانه بدأ يتهاوى مما أربك الرؤوس الكبيرة ليعدوا العدة من جديد واختيار نظام بديل.

ما يجري الآن من تحضيرات لرسم خريطة سورية الجديدة وفق معايير سياسات الدول التي تربطها مصالح مشتركة مع اسرائيل وأمنها خاصة وأمن المنطقة عامة يُدبر من وراء الكواليس مخطط أكثر دموية وبشاعة هو إبادة شعب.

ما سربته محطات الأخبار ووسائل الإعلام العالمية أن إيران تستعد لإرسال مائة ألف من الجيش الثوري للدخول إلى سورية بحجة حماية نظام يتهالك وذلك  ووفقاً للمصادر فإن إيران أعدت وحدات عسكرية يقدر عددها بنحو ١٠٠ ألف جندي، دربتهم قوات النخبة في الحرس الثوري، وستنقل تلك القوات جوًا إلى دمشق.

بينهما يؤكد أن البديل بات جاهزاً لاستلام المهمة، ولما لا ألا تنطبق تلك القاعدة الفلسفية على البديل الجديد لكونه أبدع في تنفيذ الخطة المرسومة له من قبل الرؤوس الكبيرة، ولكن ما هو المقابل؟ ما هي الصفقة؟ المقابل هو نقل الصراع من صراع عربي صهيوني إلى صراع عربي فارسي والصفقة هي إعادة الإمبراطورية الفارسية، والضحية هي إبادة شعب.

إذا ما عدنا للوراء قليلاً وأمعنا النظر في معاملة السلطات المصرية في فترات ليست بالبعيدة للاجئين السوريين من حيث تعقيد إجراءات الدخول وإصدار فيزا وتأشيرة دخول بينما كانت سابقاً دون ذلك وعدم السماح بالعمل وطرد العديد من المعارضين وتسليم البعض لسلطات النظام. والضحية هي إبادة شعب.

وما فُعل باللاجئين في لبنان هو وصمة عار في صفحات التاريخ إذ تفرد حزب طائفي بالسلطة وشرع بفرض طوق أمني على المخيمات وبلغ به الأمر لتسليم المعارضين السياسيين إلى سلطات النظام وما جرى من حرق للمخيمات يثبت للعيان أن الضحية هي إبادة شعب.

وفي مخيمات الزعتري لكل لاجئ سوري حكاية مع الموت القادم من هناك ومرارة العيش والذل والقتل في بعض الأحيان وذلك من خلال العبور للأراضي الأردنية بحجة أن الحكومة اكتفت بالعدد متناسية أن المساعدات المالية والعينية التي ترمى بين يديها لإيواء اللاجئين من قبل المنظمات الدولية تجعلها في بحبوبه اقتصادية، والضحية هو الشعب السوري.

اليوم تستجد أمور كانت بالحسبان هي مرتبطة بسابقتها، وهي ضرب المحور التركي المساند للشعب السوري وثورته وذلك من خلال عدم حصوله على النسبة التي تخوله لإحداث تغيرات في البلاد ومنها قضية اللاجئين السوريين، فالأحزاب التي ظهرت وطفت مؤخراً على وجه الماء هي بالأساس من نادت في السابق بضرورة إعادة اللاجئين لبلادهم، وبفصيح العبارة طردهم من تركيا.

لهذا فالتقسيم قادم، ولكن على حساب الدم السوري وإبادة كل مقوماته البشرية والثقافية والتاريخية، والسبب في ذلك هو علم أصحاب القرار ذو الرؤوس الكبيرة أن المارد السوري إن استطاع الخروج من القمقم سوف يقلب المعادلة السياسية ويبعثر حجارته الشطرنجية التي أعدّها اللاعبين في مصائر الدول النامية دول العالم الثالث وعلى وجه الخصوص منطقة الشرق الأوسط.

لهذا عندما تسمع أن أمريكا سمحت بتدريب المعارضة المعتدلة في صفوف الجيش الحر يتبادر إلى ذهن البعض أنها جادة بينما هي اختبرت تلك المعارضة فوجدتها لا تتناسب مع حجم الحماية لأمن وحدود الكيان الصهيوني وبالتالي فهي خارج دائرة الرهان. ومما ذكر أرادت أن تبقي المارد على حاله ليأتي الوقت لإبادته كلياً.

وما حصل ويحصل من غرق وموت الكثيرين من اللاجئين السوريين الهاربين للمجهول في ظلمات البحار وعلى مرأى ومسمع المنظمات الدولية والحقوقية إنما هو إتمام المخطط المرسوم بدقة، وبعدها سيتم الإعلان عن اسم الاتفاقية وخريطة سورية الجديدة.

في المحصلة النهائية ما أود قوله أن الصراع العربي ــ الصهيوني ــ الفارسي بات وشيكاً وما أعطي لإيران أكثر من ضوء أخضر لممارسة أشد عنصرية وهمجية لإبادة كل مقومات الشعب السوري الحر وهذا كان واضحاً عندما سمحت للنظام باستخدام أسلحة الدمار الشامل ومنها الغازات المحرمة دولياً بمعونة خبراء إيرانيين بضرب مدن بالكيميائي.

" أنا أضرب بالكيميائي .. إذاً أنا موجود "

إيران نفذت واليوم تريد الهدية والهدية قادمة حسب المعطيات والدلائل.

لذا علينا أن نحدق إلى الخطر المحدق بنا كشعب حُكم عليه بالإبادة. فكونوا على دراية واحذروا فهناك أيام ستأتي عليكم لا كانت لا على البال ولا على الخاطر.

مجلة البيان
هائل حلمي سرور

  • 4
  • 0
  • 1,055

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً