خطوات في التربية - (41) العلم قبل الطريق (10)

منذ 2015-07-04

السنة ليست هي الهدي الظاهر من تقصير جلباب وطول لحية، إنما السنة هي العقائد والمواقف والجمل الموروثة ومآخذ العلم وطريقة فهمه واستدلالهم والوقوف حيث وقفوا، وإقامة الدين علمًا وعملاً وتمكينًا كما قاموا، وتبرأهم من أعداء الله تعالى وعدم ولايتهم لهم، ويأتي الهدي والسمت الظاهر على العين والرأس في محله على هذا المأخذ، وليس الاستعاضة به مع حشو المبتدعة..

 

الحذر من مخالفة سبيل الأولين، التحذير من الخوارج والروافض.
أما الخوارج فكفّروا من كفّروا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يروا عصمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وطعنوا في قصده، حتى قال شقيّ منهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن هذه قسمة ما أريد بها وجه الله"! وقال الشقي الآخر: "يا محمد اعدل فإنك لم تعدل"!

ولم يتبعوا الصحابة فزاغوا كما قال سعد بن أبي وقاص أنهم هم ممن قال الله فيهم: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف من الآية:5]، وقال عليّ بن أبي طالب عنهم أنهم الفاسقون: {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ} [البقرة من الآية:27]، وقال مرة عنهم أنهم من: {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً} [الكهف:104].

وكفّروا المسلمين بالذنوب والمعاصي الكبائر واستحلوا دماءهم، وأخذوا يقتلون أهل الإسلام ويتركون أهل الأوثان.. وأما الشيعة الروافض فقد كفّروا الصحابة إلا نفرًا قليلاً، وقالوا بتحريف كتاب الله تعالى ومن قال أنا لا أقول بتحريف الكتاب ينقل ويستدل بكلام من يقول بتحريف القرآن، ولا يكفّره بهذا القول والمعتقد المجمع على تكفير قائله، ولا يجد غضاضة في النقل عنه!

وهم فرّقوا بين الآل والأصحاب فوالوا آل رسول الله –بزعمهم- وعادوا أصحابه، ثم فرقوا بين الآل، فعادوا أزواج رسول الله، وغالوا حتى ناقضوا كتاب الله وطعنوا في من برّأها كتاب الله، ثم فرقوا بين نسل الحسن والحسين، ثم فرقوا بين الأئمة عندهم وبين من سواهم، ثم اختلفوا في تعيين الأئمة أنفسهم فافترقوا بين رافضة وإسماعيلية وغيرهم، غالى بعضهم فألّه عليًا وعبَده، كالسبئية والنصيرية اليوم، وبعضهم غالى فقال بخطأ جبريل المعصوم عليه السلام في تنزله بالرسالة إلى محمد دون عليّ!

تدينوا بسب أبي بكر وعمر، وعظموا قبر قاتل عمر، فعبدوا قبر مجوسي قتل خير الأمة بعد نبيها والصدّيق الأكبر..! وخالفوا عليًا الذي قال: "لا أوتى بأحد يفضلني على أبي بكر وعمر وإلا جلدته حد الفرية"، وطلب قتل من سب الشيخين فهربوا منه، كما حرق من قال بألوهيته، وسبّوا الصديق رضي الله عنه وهو جد جعفر الصادق رضي الله عنه، الذي يتولونه كأحد أئمتهم، ولما قالوا بكفر الصحابة شككوا في نقلهم للدين فشككوا في حفظ القرآن العظيم مخالفة لما أنزل تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:9]، ودخلت عن طريقهم الباطنية من قرامطة ونصيرية ودروز وغيرهم، لأنهم أجهل وأحمق الطوائف..

ثم والوا أعداء الله تعالى طول التاريخ الإسلامي، وهم مع اليهود والنصارى ضد المسلمين قديمًا وحديثًا، فدخل التتار لبلاد الخلافة بمعاونتهم وقتل الخليفة بمشورتهم، واحتل الصليبيون بلاد الشام بمعاونتهم ومخامرتهم لهم، ثم حديثا دخلت أمريكا الصليبية أفغانستان بهم ثم العراق بمساعدتهم، وهذا لا يعفي بقية الخائنين من المنتسبين للسنة.

وإنما نبهنا هنا فقط على مآخذ ونقاط عامة؛ لخطرهم ولكثرة أموالهم مع شديد حقدهم على المسلمين، وشديد ولائهم لأعداء الله تعالى على الأمة، ولكثرة أموالهم بما يدفعون من الخمس لأئمتهم يشترون ضعاف النفوس ويضللون الخلق، وننبه إلى خطرهم مع المتصوفة المنتسبين للعبادة فإنهم يخامرونهم ويتمالؤون معهم، ويميلون إليهم انتسابًا مزيفًا لآل البيت، وقد نبهنا سلفا لانحرافات المتصوفة الذين يظنون أن يأتي بعد الصحابة من هو خير منهم، بل قد يفضلون الأولياء على الأنبياء حتى قال بعضهم: "مقام النبوة في برزخ فويق الرسول ودون الولي"، فجعلوا الولاية خيرًا من النبوة، وفضلوها عليها! وهذا من أعظم الزور والكذب والضلال.

وهذا لا ينفي وجود متصوفة السنة المهتمين بالعبادة وتخلية القلوب وتنقيتها من الأمراض والزاهدين في الدنيا بحق وعلم، والراغبين في الآخرة بهدي محمد صلى الله عليه وسلم وخُطى أصحابه، فنبهنا على مأخذ العبادة والاتباع والتمسك بالعقائد لئلا يضل سالك أو يأتي أحد يوم القيامة فيجد عمله هباءً منثورًا، مردودًا في وجهه مخاصمًا للنبي صلى الله عليه وسلم وصحبه الذين اختارهم الله لصحبته.

فالسنة هي سفينة النجاة من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق؛ فإياك بالخروج عنها وعما كان عليه الأولون؛ فإنه لما سُئل نبيك صلى الله عليه وسلم عن الناجية قال: «ما أنا عليه وأصحابي» (صحيح الترمذي:2641،حسن)، وهذه الإجابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم تشمل ما كانوا عليه في العلم والعمل والعبادة والأحكام، وسياسة الأمة وتصرفهم في الأموال العامة..

وننبه أن السنة ليست هي الهدي الظاهر من تقصير جلباب وطول لحية، إنما السنة هي العقائد والمواقف والجمل الموروثة ومآخذ العلم وطريقة فهمه واستدلالهم والوقوف حيث وقفوا، وإقامة الدين علمًا وعملاً وتمكينًا كما قاموا، وتبرأهم من أعداء الله تعالى وعدم ولايتهم لهم، ويأتي الهدي والسمت الظاهر على العين والرأس في محله على هذا المأخذ، وليس الاستعاضة به مع حشو المبتدعة، ثبتنا الله وإياك ووفقنا للخير..

يتبع إن شاء الله تعالى..

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

مدحت القصراوي

كاتب إسلامي

  • 1
  • 0
  • 2,068
المقال السابق
(40) العلم قبل الطريق (9)
المقال التالي
(42) العلم قبل الطريق (11)

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً