ما فائدة الجيوش العربية وميزانياتها الضخمة؟

منذ 2009-01-06

ولعل هذا يثير تساؤلًا مهمًا وهو: لماذا لا يفتح النظام العربي الطريق لدعم حركات المقاومة وتعزيزها بالمال والسلاح، كي تنجح فيما فشلت فيه الجيوش؟



إنّ المشهد المؤلم الذي نراه الآن على الأرض العربية الفلسطينية، حيث يواجه أهالي غزة العدوان الصهيوني الشرس والغادر والمدجج بكل أنواع السلاح المتطور، وهم منزوعو السلاح، ليس لديهم سوي مدنيين وأهداف مدنية، هذا المشهد يجعلنا نشعر بالأسى والحسرة لأنّنا نشعر أنّنا أمة من المدنيين العزل في مواجهة جيش قوي متطور، ونشعر أنّنا نعيش في دول عاجزة عن الدفاع عن نفسها منفردة ومجتمعة، لأنّ دولنا فقدت الإرادة السياسية والهوية الدينية والعقدية.

لا يقاتل على الأرض الفلسطينية إلاّ بعض الفصائل الصغيرة المجاهدة، بسلاح ضعيف، وقد تكرر نفس الأمر في لبنان حيث هزم الجيش الرسمي وانتصر الفصيل المقاوم.

إنّ الذي يقود المقاومة الآن ويتولى القتال على كل الجبهات العربية، من العراق وفلسطين إلى لبنان، ليس هو الجيش أو الدولة، بل عناصر ومنظمات مدنية تقوم بمهام كان ينبغي أن تتولاها الجيوش والدول، التي لا تكتفي بالوقوف متفرجة، بل أحيانًا تقف في خندق العدو.

هناك اتفاق بين الباحثين والمراقبين العسكريين على أنّ الدول العربية من أكثر دول العالم إنفاقًا على السلاح، وهي تمتلك جيوشًا كبيرة فيها الآلاف من الرتب التي تثير الخوف والرعب في قلوب النّاس، كما أنّ لهذه الجيوش ميزانيات ضخمة تكفي لأن تجعل المواطن العربي الفقير والمطحون يحيا حياة رغدة، تماثل حياة أي إنسان أمريكي أو أوروبي.

ومع كل هذه الإمكانيات الضخمة، والميزانيات المرعبة، فإنّ هذه الجيوش عادة ما تنهزم في الحروب التي تخوضها: فانهزمت هذه الجيوش مجتمعة على أرض فلسطين عام 1948، وانهزم الجيش المصري عام 1956 ولم ينقذه إلاّ تدخل الرئيس الأمريكي 'أيزنهاور' الذي طالب قوات العدوان الثلاثي [البريطانية والفرنسية والإسرائيلية] بالانسحاب الفوري لأنّهم تصرفوا من خلف ظهره، وانهزم الجيش السوري والجيش الأردني والجيش المصري عام 1967 هزيمة مذلة على يد الجيش الإسرائيلي. أمّا في أكتوبر 1973 فقد انهزم الجيش السوري، وحقق الجيش المصري نصرًا ليس كاملاً. أمّا الجيش العراقي فقد انهزم مرتين أمام قوات التحالف في حرب الخليج الثانية، ثم في الحرب الأخيرة التي أطيح فيها بنظام الرئيس الراحل صدام حسين، واحتلت العراق على أثر ذلك. أمّا الجيش اللبناني فقد انهزم أكثر من مرة أمام الجيش الإسرائيلي، ومنها ما كان عام 1978، ثم عام 1982 حينما اجتاح الصهاينة جنوب لبنان.

زيادة الإنفاق على التسليح في بعض الدول العربية لا ترتبط بالاحتياج الفعلي للسلاح لمواجهة عدو محتمل بقدر ما ترتبط بعقد اتفاقيات عسكرية للمساهمة في استمرار طاقة عمل مصانع غربية في إنتاج السلاح بنفس الكفاءة السابقة، ويبدو أنّ هناك اتفاقًا ضمنيًا بين هذه الأطراف لضمان الدفاع والحماية، وهو الأمر الذي يبدو متناقضًا، لأنّ عقد الحماية لا يتسق مع توريد أسلحة لا تحتاج إليها هذه الدول.

العرب ينفقون على أغراض التسلح وشراء الأسلحة الجديدة من الدول الغربية غالبًا ما يعادل 60 مليار دولار سنويًا سرعان ما تتحول إلى 'خردة' في المخازن أو في رمال الصحراء نتيجة عدم الاستعمال، في حين أنّ ميزانيات البحث العلمي في عموم الدول العربية لا تتجاوز 600 مليون دولار سنويًا، رغم أنّ الإنفاق على البحث العلمي من الممكن أن يساعد العرب على تحقيق الاكتفاء الذاتي في مرحلة تاريخية معينة في إنتاج السلاح لو كان هناك تخطيط إستراتيجي بعيد المدى لتعزيز استقلالية الإرادة الوطنية عن الغرب.

إنّ جوهر الأزمة يتعدى مجرد فقدان الإرادة السياسية إلى العجز عن اللحاق بركب العصر في مجال التقنية المتطورة. فالعرب عاجزون عن منازلة إسرائيل لأنّهم يقيمون خارج العصر ليس في المجال العسكري فقط، بل في كل مجال حيوي آخر من مجالات العلوم، والصناعة، والتطور السياسي، والثقافة.

ورغم هذا الفشل الذريع في المجال العسكري أمام الأعداء، فإنّ دولنا تجيد تمامًا وبامتياز التصدي للمدنيين العزل الذين يخشى أن يعترضوا على فساد أو قمع أو ظلم أو ما شابه ذلك.

ومع ذلك فإنّ الأمة من محيطها إلي خليجها أصبحت منزوعة السلاح، كشأنها عشية أن زحف عليها الاستعمار في القرن التاسع عشر وبدايات القرن الماضي، فاكتسحها من أقصاها إلى أقصاها، ولم تفلح سياسات التسليح وإعداد الجيوش في إصلاح هذه الأوضاع المتدهورة.

وإذا كان ما تقوم به المنظمات والفصائل والحركات الشعبية المدنية المقاومة يزعج العدو الصهيوني ويسبب له كل هذا الارتباك، فكيف إذا كان الحال هو انخراط حشود عربية جرارة من سورية والأردن ولبنان ومصر والسودان واليمن وغيرها من الجيوش العربية؟

ولعل هذا يثير تساؤلًا مهمًا وهو: لماذا لا يفتح النظام العربي الطريق لدعم حركات المقاومة وتعزيزها بالمال والسلاح، كي تنجح فيما فشلت فيه الجيوش؟

ولماذا لا تتخذ الدول العربية كل ما يلزم لتوسيع دائرة المجابهات مع العدو الصهيوني، بحيث يمكن تشتيت قدرته، فلا يعود لهذا العدو قيمة الشريك الكامل لأمريكا في المنطقة بكامل الجدارة والأهلية؟

والإجابة التي سيجيب بها العارفون ببواطن الأمور هي أنّه لا توجد لدى الحكومات العربية إرادة سياسية لمقاومة إسرائيل ومعارضة الإرادة الأمريكية.

هذه السياسات العربية القائمة على الخضوع للهيمنة الأمريكية والإسرائيلية، وإسقاط لغة مقاومة العدو من قاموسها، وإعفاء جيوشها من مهمة الدفاع عن الأراضي والمقدسات العربية ضد الغزو الأجنبي، مع ما يستنزفه تسليح هذه الجيوش من أموال هائلة من ثروات الأمة، دون استفادة من هذا السلاح، أو استخدامه في أغراضه الصحيحة ـ تشجع إسرائيل، ومن خلفها الإدارة الأمريكية على تصعيد عدوانها ضد الشعب الفلسطيني، والاستمرار في احتلال أرضه.



د. علي عبد الباقي





المصدر: لواء الشريعة
  • 5
  • 0
  • 10,159
  • محمد عمران

      منذ
    [[أعجبني:]] وزير الخارجية المصري يقول في مؤتمر صحفي جيش مصر للدفاع عن مصر --- هل ينتظر حتي تكون مصر في حرب يتحرك الجيش ام ان هناك عمق امني لأي بلد --- سؤال اتوجه به للجميع
  • الشافعى احمد

      منذ
    [[أعجبني:]] دكتور على عبد الباقى اقول لك ما فائده الجيوش العربيه طالما هذه الجيوش بقاداتها تتنعم وتعيش حياه السعداء ياكلون ويشربون ويتمتعون بالصحه والعافيه ومن نعيم الى نعيم ومن سرور الى سرور وسهرات وليالى كلها ضحك ومرح فليذهب كل من سواهم الى الجحيم وليبكى الاطفال ولتصرخ النساء وليقتل الشيوخ هؤلاء عبيد دنيا واهل دنيا الا لعنه الله عليهم يوم ولدوا ويوم يموتوا ويوم يبعثون احياء بين يدى الله ان لم تحركهم مناظر القتل والذبح للاطفال والنساء فما الذى سيحركهم بعد ذالك ويسير مشاعرهم التى مات ودفنت تحت نعالهم هؤلاء لو كانوا رجال او حتى نصف رجال لتحركوا من اجل صراخ الاطفال وبكائهم الذى يعرض امامنا ليل نهار على مرئى ومسمع العالم كله يا اخى فى الله من عرف طريق السلطه ومتعه النفس بالشهوات والملذات فلا خير فيه ولو كان منه ملء الارض فهؤلاء اتركهم لله وانظر ماذا سيفعل الله بهم فى الدنيا قبل الاخره فمن باع دينه بدنياه فقد خسر الاثنين معا فلن يبارك الله له لافى دنياه ولا فى اخراه
  • العبدلى

      منذ
    [[أعجبني:]] مقاله جميله وممتازه تحليل سياسى قوى يبين اسباب الخزلان والحلول لهذه الكارثه نحن لا نملك جيش واحد يحارب اعداء الامه معتمدومعترف به من قبل حكومات العالم الاسلامى كلهم ارهابين لا حول ولا قوه الا بالله بن لادن ارهابى وحماس عصابه والعراقيين ارهابين ازاى بيكرهوا امريكا التى ضحت بالغالى والنفيس واتت من اقصى الارض لكى تنشر الديمقراطيه والسلام شوف ازاى!!! حسبيا الله ونعم الوكيل. رجاءا ياخوه نرجوا بضبط النفس نحن بندعم عمليه السلام ونحن ندعم القضيه الفلسطينيه مش مشكله النساء يهتك اعراضهن والاطفال تمزق. والله نبكى دم على اعراض المسلمات من مشارق الارض لمغاربها والله اختى واختك وامى وامك. مجموعه شباب كلاب يقتلون بعضهم البعض خيفه المواجه مع المجهادين رغم كل هذه الامكانيات والله الجندى الامريكى واليهودى والاوروبى لا يستطيع تحمل معناه الحرب مثل الجندى المسلم دون ذكر جنسيات احنا معانا دافع الجنه الجنه شهدائنا فالجنه وقتلاهم فالنار 80% من جنودهم مخنثين وشواذ كيف ندع هؤلاء يمثلون ببناتنا واعراضنا. (نحن قوم لا نستسلم نموت او ننتصر) وصلى الله على من لا نبي بعده

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً