فوارق - بين النفسيات النبيلة والعقليات العملية التي تقر بحدوث الخطأ

منذ 2015-08-19

و‫‏فارق‬ بين النفسيات النبيلة والعقليات العملية التي تقر بحدوث الخطأ وتنصح المخطىء ثم تتجاوز أسوار المزايدة وقضبان الجلد الدائم والمستمر لتنطلق إلى الهدف وتصل إلى المراد وهو التغيير للأفضل وبين تلك النفوس السادية والأخلاقيات البغيضة التي تصر على جلد المخطىء بسياط اللوم اللاذع ودفنه حياً في غيابات الندم وتعذيب النفس.

و‫‏فارق‬ بين النفسيات النبيلة والعقليات العملية التي تقر بحدوث الخطأ وتنصح المخطىء ثم تتجاوز أسوار المزايدة وقضبان الجلد الدائم والمستمر لتنطلق إلى الهدف وتصل إلى المراد وهو التغيير للأفضل وبين تلك النفوس السادية والأخلاقيات البغيضة التي تصر على جلد المخطىء بسياط اللوم اللاذع ودفنه حياً في غيابات الندم وتعذيب النفس.

لقد حاول فرعون أن يفعل مثل ذلك مع موسى عليه السلام. حاول أن يحبسه خلف أسوار الخطأ وأن يقيده بأغلال الإذلال بالزلل ويسجنه داخل قضبان المزايدة واللوم والتقريع فقال: وفعلت فعلتك التي فعلت (يقصد وكز المصري الذي تبعه موته).

ولقد كان من الممكن لنبي الله موسى عليه السلام أن يرد بردود كثيرة يبرر بها مقتل الرجل المصري
كان من الممكن أن يبين أنه قتل خطأ وأنه لم يكن يقصد قتله
وكان من الممكن أن يوضح أن الرجل كان معتديًا صائلاً وأنه إنما كان يدفعه وحسب
وكان من الممكن أن يربط الأمر بجرائم فرعون الكثيرة في حق قوم موسى من تذبيح أبنائهم واستحياء نسائهم
كان من الممكن أن يقول الكثير والكثير.

لكنه لم يفعل
لم يستدرج إلى مراء التبرير ولم يضيع الوقت في متاهات الجدال والأهم أنه لم يتوقف خلف أسوار الخطأ أو يقبل أن تحبسه قضبان الزلل.

إنه صاحب رسالة جاء لمهمة وإن لديه هدفًا عليه أن يحققه.

لقد تجاوز تشغيب فرعون باعتراف مباشر حاسم فاصل تحمل فيه المسؤولية قائلا: {فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ} [الشعراء:20].

نعم قد فعلت ولن أقف طويلاً مع هذا الأمر أو أدفع عن نفسي شيئاً قد حدث وقد دفعت ثمنه بالفعل ونُفيت بسببه سنين عددًا بعد أن تآمرتم لقتلي دون تحقيق أو تبين.

فعلها وتاب عنها واستغفر في حينها ودفع الثمن من سنين غربته وإبعاده.
فعلها إذًا ولم يبررها أو يزينها.
ثم عبر إلى الأهم.

لم يضيِّع الوقت في غيابات التبريرات ولم يستسلم لقيود الإذلال والمزايدات بل ذهب مباشرة إلى هدفه الذي يعلو على الاشخاص والأحداث ويسمو على التفاصيل والزلات.

وكذلك حامل الرسالة
لا ينشغل طويلاً إلا بهدفه ولا ينفق وقته ويضيع حياته القصيرة في التبرير الذي يصل أحيانًا إلى تزيين الخطأ وتحسينه لدرجة قد تؤدي في النهاية إلى ضياع الهدف الأصلي وطمس الثوابت وتواري الحق

كثيرًا ما يكون الطريق الأقصر هو اعتراف المرء بالخطأ والاستعداد لدفع ثمنه وتحمل مسؤوليته والسعى لإصلاحه ثم الانتقال إلى الأهم والأنفع بدلاً من تضييع الأعمار والثوابت في التبرير والتزيين.

فليدفع المخطىء ثمن خطأه بالعدل وليقتصر النقد والتلاوم على التعريف بمحل الخطأ وبيانه لعدم العودة إليه ثم ليتجاوز المخطىء والناقد تلك القضبان ولينطلقوا إلى رحابة العمل وسعة التغيير والإصلاح

ليتجاوزوا تلك السدود والجدران ولا يقبعوا طوال حياتهم خلف تلك الأسوار..
أسوار الخطأ.

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
  • 0
  • 0
  • 1,561
المقال السابق
بين أسر الأفكار و أسر القضبان و الأسوار
المقال التالي
بين توصيف الواقع والاستسلام لهذا الواقع

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً