حصاد حرب الفرقان حتى الآن

منذ 2009-01-15

ولاريب أنَّ الصهاينة قد فشلوا فشلاً ذريعا، مع دخول الأسبوع الثالث للقتال، وقـد انقلبت خطّتهم وبالاً عليهم، ولهذا يبحثون عن مخرج سياسي، يحقـّق لهم شيئا من الإنتصار، لئلا تعود صورة تجربتهم المريرة، والفاشلة، في لبنان إلى الأذهان.


أؤكّـد لكم بعد تواصل شخصيّ مع المقاومة في غزّة على مستوى رفيع، ما يلي:

أنَّ ثمة أثـراً عظيماً جداً لهذه التظاهرات التي عمّت العالم الإسلامي وغيره على معنويات عموم الحالة المقاوِمة، والصامدة في غزة، وأنها ترفع من معنوياتهم جداً، بل هي من أعظم الدوافع بعد الله تعالى على الصمود، كما أنَّ للإتصال الخارجي بالعائلات أثـراً عظيما، وفعالاً أيضـا.

ولهذا فإنَّ استمرار التظاهرات، ودعمها بوسائل الضغط الأخرى في غاية الأهميَّة، وهو ليس أمراً ثانويـّا، بل من الأمور المهمّة، وذات الأولويّة.

ثانياً: وكذلك لمواقف العلماء، والدعاة، والهيئات، والجمعيات التي تواصل الدعم.

ثالثاً: أنَّ الجهود الإغاثية ضرورة ملحّة، وكذلك كلّ الوسائل التي يمكن به كسر الحصار، فالواجب تكثيف هذه الجهود.

رابعاً: أنّ المجاهدين في كتائب القسام، وغيرها من فصائل الجهاد المبارك، يستبسلون في المعارك، ويضربون أروع الأمثلة في الشجاعة، والإقدام، والفداء، وهم في ثبات عظيم، وقد ربط الله على أفئدتهـم، ويحققون مكاسب عظيمة جداً للجهاد الفلسطيني، وكلّها موثقة، وستُطلع عليها الأمة لتستفيد منها، إذ كانت هذه المعركة، من معارك الأمة العظيمة، وليست معركة حماس لوحدها، ولا غـزة لوحدها، ولا فلسطين لوحدها.

وأنَّ كتائب القسام المباركة، وغيرها من فصائل الجهـاد، لم يفقـدوا إلاَّ اليسير من الشهداء بحمد الله تعالى، فغالب قوتهم العسكرية سليمة بفضل الله وحده.

خامسـاً: أنَّ الصهاينة قد فشلوا حتى الآن في تحقيق أهدافهم، فقد كان مخططهم الأساس أنْ يتمَّ القضاء على كلِّ حكومة حماس في الضربة الأولى، حيث كانت تقديراتهم حضور الحكومة حفل تخريج الشرطة، بناء على تطمين النظام المصري ـ الذي أُخبـر أنَّ القضاء على حماس لن يستغرق أكثر من ثلاثة أيام!! ـ أنَّ الصهاينة لن يقوموا بأي عمل عسكري لمدة يومين على الأقل، غير أنَّ الله تعالى لطف، ولم تحضر القيادة، وحضر عنها قائد الشرطة، الذي استشهد في أول قصف مكثف، مع عدد كبير من أفراد الشرطة.

وقد كانت حماس قد أعدت خطّة عسكرية محكمة للدفاع عن غزة منذ مدّة طويلة، فكان هذا القصف انطلاق لتنفيذ هذه الخطة، ومع الحفاظ على سلامة القيادة، فالخطَّة تجري بأعلى مستوياتها، وبكفاءة عاليّة، بحمد لله تعالى.

إنتهى ما أردت نقله لكـم، ولكلّ متابع، لمجريات حرب الفرقان في غـزة.

ولاريب أنَّ الصهاينة قد فشلوا فشلاً ذريعا، مع دخول الأسبوع الثالث للقتال، وقـد انقلبت خطّتهم وبالاً عليهم، ولهذا يبحثون عن مخرج سياسي، يحقـّق لهم شيئا من الإنتصار، لئلا تعود صورة تجربتهم المريرة، والفاشلة، في لبنان إلى الأذهان.

ولهذا جاءت هذه المبادرة التي تسمَّى المبادرة المصرية، وهي في الحقيقة مبادرة صهيونية، وعباس يروَّج لها ويريد ربطها بقرار مجلس الأمن، لأنَّه هو أيضا يبحث عما يتعـلَّق به، ليخرج من الوحل السياسي الذي غرق فيه أذنيه، بعد أنْ كان غارقا فيه إلى ترقوته.

وهدف هذه المبادرة هو صياغة معادلة النصر والهزيمة، وإحداث واقع سياسي جديد في غزة، قبل انتقال الإدارة الأمريكية إلى العصابة الجديدة.

بحيث تخرج حماس مهزومة فتفقد كلّ هذه المكاسب التي رفعت أسهمها ـ خلافاً لكلّ ما خطط له الصهاينة ـ بسبب هذه الحرب الصهيونية على غزة ،وقبلها في الحصار.

ولاننسى أنَّ هدف كسر المقاومة، وإخضاع الجهاد الفلسطيني، أو أيّ جهاد إسلامي آخــر، سواء بالمكر السياسي، أو بالقتل والتدمير، لم يزل الهدف الإستراتيجي الأوّل لدى الصهاينة، وساسة الغرب الصليبي الداعم لهم، سواء في فلسطين، وأيِّ مكان في العالم الإسلامي.

ولم يكن حصار غزّة، إلاَّ بهدف إسقاط كلِّ من يحمل روح الجهاد، والتمسّك بحقوق الأمّة في فلسطين، فلمَّا فشل الحصار، بل جاء بضدّ مقصوده، قرر الصهاينة تشغيل آلة الإبادة، التي سترتد عليهم بإذن الله تعالى.

وفيما يلي حصاد حرب الفرقان حتى الآن:

1ـ كسب الجهاد الفلسطيني رضا الله تعالى ـ نحسبهم كذلك ـ بموقف الثبات، والصمود، الذي ضرب أروع المثل للعالم الإسلامي، والعالم بأسْـره، ولو لم يكن لهـم إلاَّ هذا المكسب العظيم لكفاهـم.

ولاننسى أن في مثل هذه المواجهات بين قوّة مقاومة محدودة، وجيش مدجّج بكلّ أنواع السلاح، وأخطره، يكون نصر المقاومة في بقاءها فحسـب، ولهذا فهي منتصـرة نصرا عظيما بحمد لله تعالى.

2ـ كسب الجهاد الفلسطيني خبرة عظيمة في القتال، بسبب هذه الحرب التي دخل فيه ثلث الجيش الصهيوني غزة، ولا يزال خاسئا فاشلا.

3ـ أثبت للعالم أنّ فئةً قليلةً متوكلةً على الله تعالى، متسلحةً بعقيدة الإيمان، تغلب فئة كثيرة بإذن الله تعالى، فتأمَّلوا كيف أنَّ الجيش الصهيوني اكتسح سيناء التي تكبر غزة بـ 170 مرة، في عدة ساعات هازما كلَّ الجيوش العربية عام 1967م، بينما لا يزال عاجزاً، يتراجع أمام هجمات المجاهدين في غـزة.

4ـ كسب دعم وتعاطف الأمَّة، وكذلك غير المسلمين ،وقد رأينا كيف أنّ العالم بأسره يهتف لغـزَّة.

5 ـ كسب خبرة سياسية، وفائدة عظيمة، بإنكشاف المؤامرات، وتباين المواقف من صمود أهل غزة، وهذا يشمل حتّى وسائل الإعلام التي أظهر البعض منها من فضائح العمالة ما أزكـم الأنـوف.

6ـ وضع الإسلام حضارةً يعيش العالم بأسره صراعها، ويتنفَّس قضاياها شاء أم أبى.

وحصـل للصهاينة ما يلي:

1ـ خسروُا كلَّ ما بنوْه من مكر سياسي للتقارب مع شعوب المنطقة، فصار دمار غزّة، يبني مشاريع الثأر، والإنتقام، من الصهاينة في كلِّ العالم الإسلامي، وأصبحت مشاريع الخداع التي يطلق عليها زوراً: التطبيع، والحوار، والاعتدال..الخ، كلها هراء في هـراء.

2ـ خسروُا الصورة التي كانوا يظهرونها بأنهّـم دولة متحضرة ديمقراطية، وسط شعب بربري متوحش، فانعكست الصورة تماما، وانكشفت حقيقة أمرهم للعالم أجمع.

3ـ فشلوا في تحقيق كلّ أهدافهم حتى الآن ، لهذا صاروا يتخبَّطون في تحديد الأهداف .

4ـ فرَّغوا ما أسموه بالإرهاب الإسلامي من معنـاه، وأصبحت هذه الكلمة لا تشير إلاَّ إليهم في ضمائر الناس، وعقولهم.

5 ـ فضحوا أولياءهـم ممن يطلقون على أنفسهم محور الاعتلال (الاعتدال)، وحدث بسبب ذلك تمايزٌ عظيم، عادةً ما يحصل في المواجهات العظيمة بين الحق والباطل، وهذا يستفيد منه أهل الإسلام فائدة عظيـمة، ولهذا نوه الله تعالى به كثيرا كقوله تعالى: {لِيَمِيزَ اللّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [سورة الأنفال: 37]، ونظائرها في التنزيل العزيز.

وختاما فإنَّ أهـم ما ينبغي استثماره في هذه المعركة ما يلي:

1ـ أن يقوم العلماء بتكريس أنها معركة في حرب طويلة ضد الإسلام، وأنَّ الأمَّة كلَّها معنية بخوضها إلى النهاية، وبدراستها، والاستفادة منها، حتى تكون هذه المعركة، وقودا يدفع كلّ المواجهات القادمة نحـو النصر الأكبـر بإذن الله تعالى.

2ـ أن يُبنى على هذه الأحداث في غزة، مشاريع فكرية، وثقافية، تعيد الأمور إلى نصابها في منظومة المفاهيم الإسلامية التي تعرضت إلى هزَّة عنيفة منذ إنطلاق ما يسمى بالحرب الدولية على الإرهاب، ويشمل ذلك إسقاط كلِّ المؤسسات التي بناها العدو الصليبيّ والصهيوني في بلادنا لتشويه مفاهيم الجهاد، والولاء الإسلامي، وحقوق الأمة، وأعظمها حقها في الجهاد ضد العدو المغتصـب.

3ـ أن يجدَّد الدعم اللاّمحدود لكل المشاريع الجهادية في العالم الإسلامي، وحمايتها من المكر عليها، فإنها شوكة الإسلام في حلوق أعداءه، ويشمل الدعم إبقاء إرشادها حتى لا تنحـرف عن مسارها الشرعي إلى مشاريع تخبط، وتخريب.

هذا ونسأل الله تعالى أن يثبِّت إخواننا المجاهدين في الأرض المباركة، وأن يربط على قلوبهـم، وأن ينصرهم على عدوّ الله، وعدوّ الإسلام، وعدوّهم، وأن يجعل عاقبة هذه المعركة، معركة الفرقان، خيراً على الإسلام وأهله، وأن يردّ كيد الصهاينة إلى نحورهم، ويخزيهم خزيا عظيما، في الدنيا والآخـرة، ومعهم أولياؤهم من صهاينة الغرب، ومنافقو العرب، حكّاما، ومحكومين آمين.








حامد بن عبد الله العلي

أستاذ للثقافة الإسلامية في كلية التربية الأساسية في الكويت،وخطيب مسجد ضاحية الصباحية

  • 1
  • 0
  • 7,598

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً