مبدأ التاريخ الهجري، وخطورة تركه

منذ 2015-09-29

إن اللهَ جلَّ ذكرُه خلقَ الشمسَ والقمرَ، وجعل الليلَ والنهارَ، لحكمٍ عديدةٍ، وفوائدَ كثيرةٍ، ذكَرَها الله تعالى منثورةً في كتابِه الحكيم، في أماكنَ متفرقةٍ،فمن تلك الحكمِ والفوائدِ: أن يعلمَ الناسُ من اختلافِهما وتعاقُبِهما وسيرِهما في منازلهما عددَ السنين والحساب، وتغيرَ الفصولِ والبروجِ.

الخطبة الأولى:

إن الحمد لِلهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

أما بعد، فيا أيها المؤمنون:

اتقوا اللهَ حقَّ تقاتِه، بامتثالِ أوامرِه واجتنابِ زواجرِه، فإنها وصيتُه تعالى للأولين والآخرين، قال تعالى: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللهَ} [النساء:131].

أيها المؤمنون:

إن اللهَ جلَّ ذكرُه خلقَ الشمسَ والقمرَ، وجعل الليلَ والنهارَ، لحكمٍ عديدةٍ، وفوائدَ كثيرةٍ، ذكَرَها الله تعالى منثورةً في كتابِه الحكيم، في أماكنَ متفرقةٍ،فمن تلك الحكمِ والفوائدِ: أن يعلمَ الناسُ من اختلافِهما وتعاقُبِهما وسيرِهما في منازلهما عددَ السنين والحساب، وتغيرَ الفصولِ والبروجِ، قال الله تعالى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً} [الإسراء:12]، وقال عز وجل: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [يونس:5]، وقال في ذلك: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَج} [البقرة:189]، فجعل تعالى معرفةَ السنين والشهورِ مستفادةً من سَيْر القمرِ، وتنقُّلِه في منازله، وذلك من نعمِ اللهِ على عبادِه ورحمتِه بهم؛ إذ إن ظهورَ هذه العلامةِ في السماءِ، مشاهَدٌ مُبْصَرٌ، لا يحتاجُ إلى حسابٍ ولا كتابٍ، بل يميزه، ويعرفه الصغيرُ والكبيرُ، والحاضرُ والبادِ، بخلافِ سيرِ الشمسِ، فإن معرفتَها تحتاج إلى حسابٍ وكتابٍ، وفي ذلك عسرٌ ومشقةٌ، فالحسابُ لا يعرفه إلا الأقَلُّون من الخلقِ؛ إذ إن ذلك أمرٌ غائبٌ، لا يُشاهد.

ولما كانت هذه الشريعةُ مبنيةً على اليسرِ والسُّهولةِ، كما قال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج} [الحج:78]، وقوله: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَج} [المائدة:6]، وقوله: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة:185]، جعلَ اللهُ الحسابَ الشرعيَّ، الذي ترتبطُ به عباداتُ الناسِ، مبنيًّا على سيرِ القمرِ، قال اللُه تعالى: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة:189]، فهذه الآية العظيمة التي يشاهدها الناسُ في سمائِهم، يبدو الهلالُ صغيرًا في أوَّلِ الشَّهرِ، ثم يتزايدُ إلى التمامِ في نصفِه، ثم يشرعُ في النقصِ والاضمحلالِ إلى الغيابِ والزوالِ في آخرِ الشهرِ، وهكذا دواليك، بها يعرفُ الناسُ مواقيتَ عباداتِهم، من الصيامِ والحجِّ وأوقاتِ الزكاةِ والكفاراتِ، وغير ذلك من السننِ والمكتوباتِ، وعن أبي هريرة  رضي الله عنه قال: قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم: «إنَّا أُمةٌ أمِّيَّةٌ، لا نكتبُ ولا نحسبُ، الشهرُ هكذا وهكذا» (صحيح مسلم [1080]؛ يعني: مرة تسعةً وعشرين، ومرة ثلاثين، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الشهرُ تسعٌ وعشرون ليلةً، فلا تصوموا حتى ترَوْه، فإن غُمَّ عليكم فأكمِلوا العدةَ ثلاثين» (صحيح البخاري [1907])، فجعل اللهُ المرجعَ في الفطرِ والصيامِ إلى رؤيتِه، واعتبارُ الأهلةِ في العباداتِ هي الشريعةُ التي جاءَ بها الأنبياءُ جميعًا، ولكن اليهودُ والنصارى حرَّفوا ذلك. 

أيها المؤمنون:

لقد كانت العربُ في جاهليتِها تؤرِّخ بأيامِها وأحداثِها الكبارِ، ووقائعِها العظامِ، واستمرَّ ذلك في حياةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وخلافةِ أبي بكرٍ الصديقِ رضي الله عنه، وأوائلِ خلافةِ عمرَ الفاروقِ رضي الله عنه، ثم إنه مع اتساعِ الخلافةِ توافرت أسبابُ البحثِ عن تأريخٍ، يَعمل به المسلمون، يجتمعون عليه، فجمَعَ عمرُ الناسَ سنةَ ستةَ عشرةَ أو سبعةَ عشرةَ من الهجرةِ، فشاورَهم من أين يبدأُ التأريخُ؟ فقال بعضهم: من بعْثِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وقال آخرون: من متوفاه، فقال عمرُ رضي الله عنه: من خروجِه من مكةَ إلى المدينةِ، فاتفقوا على ذلك، ثم إنهم تشاوروا في أيِّ شهرٍ تبدأُ السنةُ، فاتفقوا على أن يكونَ شهرُ الله المحرمُ هو أولَ الشهورِ في السَّنةِ.

وقال بعضُ أهلِ العلمِ: إن الصحابةَ أخذوا التأريخَ بالهجرةِ من قول الله تعالى: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ} [التوبة:108].

ومهما يكن من أمرٍ، فقد استقرَّ هذا التأريخُ في أمة الإسلامِ، منذ ذلك الحينِ إلى يومِنا هذا، وأصبح التأريخ بالهجرةِ النبويةِ الشريفةِ إلى المدينةِ، كما تميَّزت به أمةُ الإسلامِ عن غيرِها من الأمم.

إذا قامت الدنيا تَعُدُّ مفاخرًا *** فتاريخُنا الوضاءُ من الهجرة ابتدا

فلما دبَّ إلى الأمةِ داءُ الوهنِ والضعفِ، وأصابها العجزُ والكسلُ، وتسلط عليها أعداؤُها المستعمرون، وأذنابُهم المنافقون، فمزَّقوها شرَّ ممزقٍ، كان من جملةِ ما ذهب من معالِمِِ شخصيتِها، وأعلامِ تميُّزِها التأريخُ العربيُّ الإسلاميُّ الهجريُّ، فاستبدل كثيرٌ من أبناءِ الأمةِ الذي هو أدنى بالذي هو خيرٌ، فغدا التاريخُ الهجريُّ الإسلاميُّ مجهولًا مغمورًا، وأصبحَ التاريخُ النصرانيُّ الإفرنجيُّ مشهورًا معروفًا. 

وقد ترتب على هذا التبديلِ مفاسدُ كثيرةٌ منها: 

عزلُ أبناء الأمة عن تاريخِهم وأمجادِهم وأسلافِهم، وسالف حضارتهم وعِزِّهم، ولا يرتابُ عاقلٌ أن الأمة لا تستطيع أن تصنع مستقبلَها، ولا أن تصلحَ واقعَها، إلا من خلالِ دراستها لتاريخها ومعرفتها به، فبقدر ما تكون الأمةُ واعيةً بماضيها، محيطةً بتاريخها، حريصةً على الإفادة منه، بقدر ما تسمو شخصيتُها، وتدرك غايتَها، وتعرف سبيلَ الوصولِ إلى بغيتِها.

فالأمةُ المعزولةُ عن تاريخِها أمةٌ قريبةُ الجذورِ، سريعةُ الاجتثاثِ والأُفولِ، لأدنى عارضٍ، ولأدهى عائقٍ؛ ولذا حرصَ الأعداءُ بشتى صنوفِهم، الكافرون المشركون، والمنافقون العلمانيون على عزلِ الأمةِ عن تاريخِها، وسلكوا لذلك طرائقَ قددًا، كان منها، بل من أبرزِها تغييبُ التأريخِ العربي الإسلامي الهجري. 

ومن مفاسدِ الاعتمادِ على التأريخِ الإفرنجي، وجعلِه هو الأصلَ في حياةِ الأمةِ وتعاملاتِها: ضياعُ كثيرٍ من الشعائرِ التعبُّديةِ، والمعالمِ الشرعيةِ، فلا يدري المسلمُ -على سبيل المثال- متى الأيامُ البيضُ، التي رغَّب النبيُّ صلى الله عليه  وسلم  في صيامِها؟ ولا يعرفُ ما هي الأشهرُ الحرمُ، التي أوجبَ اللهُ على المؤمنين احترامَها وتعظيمَها؟ ولا يعلم ما هي أشهرُ الحجِّ، التي يقعُ فيها الحج؟ وغير ذلك من العبادات. 

ومن مفاسدِ التأريخ بتاريخ النصارى الميلادي، وجعلِه أصلًا في ذلك: الوقوعُ في الإثم العظيم، والذنبِ الكبيرِ، الذي نهى الله ورسوله عنه، وهو التشبهُ بالكفارِ، وتقليدُهم والتبعيةُ لهم، ففيه قول الله تعالى:{وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ} [المائدة:49]، وقال: {وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ} [الأحزاب:33]، وقال صلى الله عليه وسلم: «من تشبَّه بقومٍ فهو منهم» (صحيح الجامع [2831])، وقال  صلى الله عليه  وسلم :«ليس منا من تشبَّه بغيرِنا، لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى» (سنن الترمذي[2695]). 

وقد نهى العلماء رحمهم الله عن تسميةِ الشهورِ بالأسماءِ الأعجميةِ، روي ذلك عن مجاهد وأحمد وغيرهما، قال شيخ الإسلام رحمه الله: "الخطابُ بها من غيرِ حاجةٍ في أسماء الناس والشهور كالتواريخ ونحو ذلك، فهو منهي عنه مع الجهلِ بالمعنى بلا ريبٍ، وأما مع العلمِ به، فكلام أحمد بيّن في كراهته أيضًا". 

 فالتأريخُ بتاريخِ النصارى الميلادي لا يجوزُ إلا لحاجةٍ، أو تبعًا للتاريخِ الهجري.

فاحرصوا- بارك الله فيكم- على المحافظةِ على معالمِ شخصيةِ أمتِكم، وإياكم إياكم، والتشبهَ بأعداء الله، من اليهود والنصارى والمشركين والمنافقين والعلمانيين وغيرهم، فإن الله قد حذركم من ذلك غاية التحذير، فقال جل ذكره: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} المائدة:51]. 

 

الخطبة الثانية:

أما بعد،فيا أيها المؤمنون:

قال اللهُ تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً} [الفرقان:62]، فقد جعلَ اللهُ تعالى الليلَ والنهارَ يتعاقبان، فيخلُفُ كلُّ واحدٍ منهما الآخرَ، لمن أرادَ أن يذَّكَّر-؛أي: يستدرِكُ مافاته من عملٍ- هذا مع كثرةِ تكرُّرِ هذا التعاقبِ، وقُرْبِ زمانِه، فكيف أيها الإخوان بتعاقبِ الشهورِ وتوالي السنين؟! أليسَ ذلك مدعاةً للتذكُّرِ والتفكُّرِ والاستدراكِ؟ 

بلى واللهِ، فهذه دعوةٌ لنا جميعًا، أن نتوبَ إلى اللهِ تعالى، ونستدركَ ما فات، فإنما الأعمالُ بالخواتيمِ.

فهل لك أن تمحو الذنوبَ بعبرةٍ *** وتبكي عليها حسرةً وتندُّما
وتستقبلُ العامَ الجـديدَ بتوبةٍ *** لعلك أن تمحوَ بها ما تقدَّما

أيها المؤمنون:

أنتم في شهرٍ عظيمٍ، شرَّفه اللهُ تعالى، وخصَّه دونَ سائرِ الشهورِ، بأن أضافه إليه، فاحفظوا حرمةَ هذا الشهرِ، فإنه من الأشهرِ الحرُمِ، التي قال الله تعالى فيها: {مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} [التوبة:36]. 

فبادروا عبادَ اللهِ بالأعمالِ الصالحةِ فيه، لا سيما الصيامُ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفضلُ الصيامِ بعد شهرِ رمضانَ شهرُ اللهِ الذي تدعونه المحرمَ» (صحيح ابن ماجة [1427]). 

شهرُ الحرامِ مباركٌ ميمون *** والصومُ فيه مضاعفٌ مسنون

فأكثروا فيه من الصومِ، فإن ضعفتم عن ذلك، فلا يفوتنكم صيامُ يومِ عاشوراء؛أي: يوم العاشر منه - فإن فضيلتَه عظيمةٌ، وحرمتَه قديمةٌ، وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم  يداومُ ويتحرى صيامَه، فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن صومِ يومِ عاشوراءَ؟ فقال: «ما رأيتُ النبيَّ  صلى الله عليه  وسلم  يتحرى صيامَ يومٍ فضَّله على غيرِه إلا هذا اليومَ، يومَ عاشوراءَ، وهذا الشهرُ؛ يعني: شهرَ رمضان» (صحيح البخاري [2006]). 

وكان صلى الله عليه وسلم  يحثُّ عليه ويأمر به، فعن أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صيام يوم عاشوراء؟ فقال: «يكفر السنةَ الماضيةَ» (صحيح مسلم [1162]). 

وأما سببُ صومه، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قدمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فرأى اليهودَ تصومُ عاشوراء، فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يومٌ صالحٌ، نجَّى اللهُ فيه موسى وبني إسرائيل من عدوِّهم فصامَه، فقال: «أنا أحقُّ بموسى منكم، فصامَه صلى الله عليه وسلم وأمرَ بصيامِه» (صحيح مسلم [1130]). 

فهذا يومٌ أعزَّ اللهُ فيه أولياءه وأحبابه، وأذلَّ أعداءَه وأعداءَ رسلِه؛ فلذا نحن نصومُه شكراً لله تعالى على ذلك، فنصرُ موسى عليه السلام هو نصرٌ لنا أمةَ الإسلامِ، قال الله تعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء:92]. 

فمن قالَ: لا إله إلا الله، وقامَ بتوحيدِ اللهِ، وصدَّق رسلَه، ودعا إليه، فهو منَّا ونحن منه، مهما تباعد الزمانُ ونأى المكانُ {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} [المؤمنون:52]. 

وبإحياءِ ذكرى ذلك النصرِ المجيدِ على ذلك الطاغيةِ الكبيرِ، نعلن أن الدعوات لا تهزم بالأذى والحربِ والاضطهادِ، فإن عاقبةَ الظلمِ وخيمةٌ، واللهُ ناصرٌ دينَه، وكتابَه وأولياءَه.

تالله ما الدعواتُ تُهزمُ بالأذى *** أبداً، وفي التاريخ بَرُّ يمِيني

أيها المؤمنون:

إن من المعالمِ البارزةِ في شريعتِكم مخالفةَ أعداءِ الله تعالى، وعدمَ التشبُّه بهم؛ لذا فإن النبيَّ صلى الله عليه وسلم  حرص على مخالفةِ اليهودِ والنصارى وغيرِهم من الكفارِ، في دقيقِ الأمرِ وجليلِه، ومن ذلك صيامُ عاشوراءَ، فعن عبدِ الله بنِ عباس رضي الله عنهما قال: حينَ صامَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يومَ عاشوراءَ، وأمر بصيامه، قالوا: يا رسولَ اللهِ، إنه يومٌ تعظِّمه اليهودُ والنصارى، فقال:«فإذا كان العامُ القابلُ إن شاء الله صمتَ اليومَ التاسعَ» (صحيح مسلم[1134])، فلم يأتِ العامُ المقبلُ حتى توفيَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم.

فصوموا أيها المؤمنون اليومَ العاشرَ من هذا الشهر، وصوموا اليوم التاسع، كما هَمَّ نبيُّكم صلى الله عليه وسلم أن يفعل ذلك. 

  • 0
  • 0
  • 6,931

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً