(7) التحاكم إلى المحاكم والقوانين الوضعية، حالاتُه، وحُكم أعيانه!!
أبو فهر المسلم
لا يَجوز لمسلمٍ؛ أن يتحاكم إلى هذه القوانين الوضعية، والمحاكم التي تحكم بغير ما أنزل الله، وتُحلّ الحرام، وتُحرّم الحلال! لأنه حينئذٍ؛ ينتقض إيمانه؛ لاتخاذه ربًّا وشريكًا من دون الله، في طاعته وحُكمه!
- التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -
قد قدَّمنا .. أن الحكم بما أنزل الله؛ من التوحيد، وأن الحُكم بغير ما أنزل؛ من الطاغوت، وعليه:
فلا يَجوز لمسلمٍ؛ أن يتحاكم إلى هذه القوانين الوضعية، والمحاكم التي تحكم بغير ما أنزل الله، وتُحلّ الحرام، وتُحرّم الحلال! لأنه حينئذٍ؛ ينتقض إيمانه؛ لاتخاذه ربًّا وشريكًا من دون الله، في طاعته وحُكمه!
ولنَسُق شيئًا من أقوال العلماء بأدلتها في ذلك:
* ففي قوله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّـهِ} [التوبة من الآية:31]؛
= قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما: "أمَا إنهم لم يكونوا يَصومون لهم، ولا يُصلون لهم، ولكنهم كانوا إذا أحلّوا لهم شيئًا؛ استحلّوه، وإذا حرَّموا عليهم شيئًا أحلَّه الله لهم؛ حرَّموه، فتلك كانت رُبوبيتُهم".
= وقال أبوالعالية: "قالوا: ما أمَرونا به ائتمَرنا، وما نَهونا عنا انتهَينا، وهم يجدون في كتاب الله؛ ما أمِروا به، وما نُهوا عنه، فاستنصَحوا الرجال، ونبذوا كتابَ الله وراءَ ظهورِهم" (تفسير الطبري).
* وقال ابن تيمية رحمه الله، في الفتاوى: "وقوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء:65].
فيجب على المسلمين؛ أن يُحكِّموا اللهَ ورسولَه في كلِّ ما شَجر بينهم، ومَن حَكم بحُكمٍ ... مما يُخالف شرعَ اللهِ ورسولهِ، وحُكمَ اللهِ ورسولهِ، وهو يعلم ذلك؛ فهو من جنس التتار، الذين يُقدمون حُكم (الياسق) على حُكم الله ورسوله".
* وقال ابن كثير رحمه الله، في تفسيره، والبداية والنهاية: "فمَن ترك الشرعَ المُحكم، المُنزل على محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء، وتحاكَم إلى غيره، من الشرائع المنسوخة؛ كفَر .. فكيف بمَن تحاكَم إلى (الياسق) وقدَّمها عليه؟! من فعل ذلك؛ كفر بإجماع المسلمين".
* وقال الشنقيطي رحمه الله، في تفسيره أضواء البيان. والمُذكرة: "كلُّ مَن اتبع تشريعًا غير تشريع الله؛ قد اتخَذ ذلك المُشرِّع ربًّا، وأشركه مع الله ... فلا شك أن كل مَن أطاع غيرَ الله في تشريعٍ مخالفٍ لما شرعه اللهُ؛ فقد أشرك به مع الله، كما يدُل لذلك قوله: {وَكَذَٰلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ} [الأنعام من الآية:137].
فسمَّاهم شركاء؛ لمَّا أطاعوهم في قتل الأولاد".
* وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة بالسعودية، الفتوى رقم (5236):
س: نحن نعيش تحت حكومة غير مسلمة، وهي تحكم بالقانون الوضعي، فهل لنا أن نرفع إليها قضايانا؟!
ج: لا يجوز للمسلم أن يتحاكم إلى حكومة غير مسلمة! قال تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة من الآية:44ٍ]. وهذا واضح ولله الحمد".
* وقال الشيخ صالح آل الشيخ، في التمهيد: "المُشرِّع، ومَن أطاعه في جعْل الحلال حرامًا، والحرام حلالًا، ومُناقضةِ شرع الله؛ هذا كافر. ومَن أطاعه في ذلك؛ فقد اتخذه ربًا من دون الله".
"فالأمر بالكفر بالتحاكم إلى الطاغوت؛ أمرٌ واجب، ومِن إفراد التوحيد، ومن إفراد تعظيم الله جل وعلا في ربوبيته.
فمَن تحاكم إلى الطاغوت بإرادته؛ فقد انتفى عنه الإيمان أصلًا.
فمَن حاكم إلى شرائع الجاهلية؛ فقد حكَّم البشر، ومعنى ذلك؛ أنه اتخذه مُطاعًا من دون الله، أو جَعله شريكًا لله جلّ وعلا في عبادة الطاعة".
* وقال الشيخ أحمد شاكر، في عمدة التفسير، وكلمة الحق: "إن الأمرَ في هذه القوانين الوضعية؛ واضحٌ وضوح الشمس؛ هي كفرٌ بواح، لا خفاء فيه ولا مداراة".
"ولا عُذر لأحدٍ ممن ينتسب للإسلام...في العمل بها، أو الخضوع لها، أو إقرارها...لا يجوز لمسلمٍ أن يعتنق هذا الدين الجديد -الياسق العصري- القوانين الأوربية، ولا أن يُرسل أبناءه لتَعلّم هذا الدين، واعتناقه واعتقاده، والعمل به، فهو الذي مكَّن لهذه القوانين من بلاد المسلمين".
* وقال الشيخ ابن عثيمين، في مجموع فتاويه، وشرح الرياض: "إن الحُكم بما أنزل الله؛ من توحيد الربوبية؛ لأنه تنفيذٌ لحُكم الله، الذي هو مُقتضى ربوبيته، وكمال مُلكه وتصرُّفه؛ ولهذا سمَّى اللهُ المَتبوعين في غير ما أنزل الله؛ أربابًا لمُتبعيهم، فقال: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [التوبة من الآية:31] حيث جَعلوا مُشرِّعين مع الله، وسمَّى المُتبِعين عُبَّادًا، حيث إنهم ذَلُّوا لهم، وأطاعوهم في مخالفة حكم الله!
وقد قال عديّ بن حاتم، لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنهم لم يَعبدوهم"، فقال النبي عَلَيْهِ السلام: « ».
*** والخلاصة: في حالات التحاكم والأعيان والمشاركة في الانتخابات:
خذها من منشورنا القادم رقم (8).