مع القرآن - بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ

منذ 2016-03-22

على منوال الطيور على أشكالها تقع
يتوزع الناس في ولائهم و مناصرتهم 
تجد الصالح يوالي الصالح
الطالح يوالي الطالح 
و المنافق يوالي المنافق
و المسلم يوالي المسلم 
و اليهودي يوالي أبناء ملته 
و النصراني مثله
فإذا رأيت تداخلاً في الولاءات و تناقضاً فاعلم أن هناك خلل في قلب صاحبه 
فلن تجد مؤمناً أبداً يرتاح إلى منافق أو كافر أو يناصره و يواليه مهما حدث  
و ترى دائماً أهل النفاق مذبذبين في ولائهم بسبب تعلق قلوبهم بمصالحهم فلو وجدوها مع الكافرين مالوا إليهم و تمسحوا بهم لينالوا مما في أيديهم و لو وجدوا دنياهم مع المؤمنين تصنعوا لهم و لاطفوهم ...و هكذا .
قال تعالى : 
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ * وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ }   [المائدة 51 - 53] .
قال السعدي في تفسيره :
يرشد تعالى عباده المؤمنين حين بيَّن لهم أحوال اليهود والنصارى وصفاتهم غير الحسنة، أن لا يتخذوهم أولياء. فإن بَعْضهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يتناصرون فيما بينهم ويكونون يدا على من سواهم، فأنتم لا تتخذوهم أولياء، فإنهم الأعداء على الحقيقة ولا يبالون بضركم، بل لا يدخرون من مجهودهم شيئا على إضلالكم، فلا يتولاهم إلا من هو مثلهم، ولهذا قال: { وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ } لأن التولي التام يوجب الانتقال إلى دينهم. والتولي القليل يدعو إلى الكثير، ثم يتدرج شيئا فشيئا، حتى يكون العبد منهم.
{ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } أي: الذين وصْفُهم الظلم، وإليه يَرجعون، وعليه يعولون. فلو جئتهم بكل آية ما تبعوك، ولا انقادوا لك.
ولما نهى الله المؤمنين عن توليهم، أخبر أن ممن يدعي الإيمان طائفةً تواليهم، فقال: { فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ } أي: شك ونفاق، وضعف إيمان، يقولون: إن تولينا إياهم للحاجة، فإننا { نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ } أي: تكون الدائرة لليهود والنصارى، فإذا كانت الدائرة لهم، فإذا لنا معهم يد يكافؤننا عنها، وهذا سوء ظن منهم بالإسلام، قال تعالى -رادا لظنهم السيئ-: { فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ } الذي يعز الله به الإسلام على اليهود والنصارى، ويقهرهم المسلمون { أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِندِهِ } ييأس به المنافقون من ظفر الكافرين من اليهود وغيرهم { فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا } أي: أضمروا { فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ } على ما كان منهم وضرهم بلا نفع حصل لهم، فحصل الفتح الذي نصر الله به الإسلام والمسلمين، وأذل به الكفر والكافرين، فندموا وحصل لهم من الغم ما الله به عليم.
{ وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا } متعجبين من حال هؤلاء الذين في قلوبهم مرض: { أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ } أي: حلفوا وأكدوا حلفهم، وغلظوه بأنواع التأكيدات: إنهم لمعكم في الإيمان، وما يلزمه من النصرة والمحبة والموالاة، ظهر ما أضمروه، وتبين ما أسروه، وصار كيدهم الذي كادوه، وظنهم الذي ظنوه بالإسلام وأهله -باطلا فبطل كيدهم وبطلت { أَعْمَالُهُمْ } في الدنيا { فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ } حيث فاتهم مقصودهم، وحضرهم الشقاء والعذاب.
أبو الهيثم

  • 0
  • 0
  • 2,375
المقال السابق
اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا
المقال التالي
هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً