شذور الذهب من ذكرى سَفْرَة عجَب - (18) لا ولن نسافر إلا مع المحارم

منذ 2016-04-20

ولما كنا في الشكل مميزات، جميع النساء بالسواد وعشر من المنتقبات، وغالب المحارم ذوي لحى بيضاء كبارالأسنان، وجوههم طيبة توحي بالضعف والاستسلام بدأ القوم يلقبوننا بالمتسننين، يميزوننا عن غيرنا من مواطنينا المسافرين!

تقول صاحبتنا:

- قالا: حمدًا لله على السلامة، هيا إلى السيارات لتقلكم إلى المدينة؛ فحمدنا الله بقلوبنا، واطمأن بعض الشيء محارمنا.

لكن: لم تدم فرحتنا طويلاً؛  فقد كان في انتظارنا مفاجأة ليست جميلة، فحين اتجهنا لنستقل السيارات، حدث صدام حاد ومناقشات! فقد فوجِئنا أننا لسنا وحدنا فقط، بل وجدنا كثيرًا من مواطنينا غير محصوري العدد، لم نعترض على محض وجودهم، بارك الله شخصهم وكثرة عددهم!

إذن لماذا نعترض؟! فيما يلي وصف لما حدث مفصل مطرد:

سبقنا الجميع إلى ركوب السيارات؛ فبقي لنا بعض مقاعد خالية هنا وهناك، فلم تسعنا جميعا سيارة واحدة، واقترح المسئول أن تركب النساء سيارة من السيارات على حدة، ينما يركب سيارة أخرى الرجال فيها متسع لهم ومجال، فعارضتْ -في الحال- الأخوات، واشتد الجدال والمناقشات. لم يفهم القوم لِمَ المعارضة، ثم هم بداية رفضوا الاستماع  للمفاوضة!

-قلنا: لن نركب السيارات، إلا مع محارمنا جميعاً بالذات.

-قالوا: هيهات ثم هيهات.. هذا محال؛ فقد تعبنا حتى ركب الجميع واستقر الحال!

ولما كنا في الشكل مميزات، جميع النساء بالسواد وعشر من المنتقبات، وغالب المحارم  ذوي لحى بيضاء  كبار الأسنان، وجوههم طيبة توحي بالضعف والاستسلام؛ بدأ القوم يلقبوننا بالمتسننين، يميزوننا عن غيرنا من مواطنينا المسافرين!

ولم يكن من معنا من الرجال يفهمون سبب المعارضة منا  فجاءوا يستفهمون؟!

- فقلنا: كيف يفصلون بيننا، ولا يجوز السفرإلا بصحبة محارمنا!

- قال أحد المسئولين:لا عليكم سنعمل على أن تتصاحب كلتا السيارتين.

- قلنا: هب أن إحداهما تعطلت؟ أوحدث وفي الطريق عن الأخرى ضلت؟

- قال وقد تملكه العجب: الحق هذا وارد، ولكن لم نناقش مثل هذا، ما السبب؟ بشروا ولا تنفروا يسروا ولا تعسروا، لم تفترضون البلاء! يا متسننين عليكم بالتيسير والرجاء!

- قلنا: يا قومنا نحن نحتاط لديننا، لم لا تجمعوننا وتنتهوا من أمرنا!

وبدأ بعض من سبقنا إلى السيارات، يشارك في معارضتنا والمناقشات!

- قال أحدهم: ها أنا في سيارة وأهلي في أخرى.

- وقال آخر: ما الإشكال إذا لم يلتق بهم إلا في المدينة ثم في العمرة!

- وثالث: ما لكم تتمسكون بالشكليات؛ لن تعد طرقات السفر كالعصور الغابرات!

فلما طال الجدال، وساء الأمرولم يتغيرالحال؛ اتفق جميع الرفقة على عدم الركوب، والثبات على مطلبنا حتى وإن قرب الغروب.

فلما يأس القوم منا، لم يجدوا بدا من إخلاء سيارة تجمعنا!! ولسان حالهم وقالهم: حسبنا الله ونعم الوكيل في تمسك كل المتسننين!

كان القوم معذورين، فحسب ما بلغهم من علم  كنا قوما متشددين متعصبين، وبعد جهد ومشقة، وفي الأخير: اجتمعت في سيارة واحدة كل الرفقة، وقبيل الظهيرة، انطلقت بنا السيارة قاصدة المدينة.

ويتبع بإذن الله.

أم هانئ

  • 0
  • 0
  • 1,535
المقال السابق
(17) وفي جدة تجدد الأمل: ووجدنا من إيانا ينتظر
المقال التالي
(19) في الطريق إلى المدينة

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً