كيف السبيل الى الطريق الإسلامي الثالث؟

منذ 2016-05-05

حذفت مقال توقفي عن الكتابة لئلا يكون دعوة للسلبية، وسأعمل على الاستمرار بالكتابة، لكن لدي عدة ملاحظات بشأن تعليقات الأصدقاء ربما أتعرض لها فيما بعد بشكل غير مباشر عبر كتابات منتظمة ان شاء الله.

حذفت مقال توقفي عن الكتابة لئلا يكون دعوة للسلبية، وسأعمل على الاستمرار بالكتابة، لكن لدي عدة ملاحظات بشأن تعليقات الأصدقاء ربما أتعرض لها فيما بعد بشكل غير مباشر عبر كتابات منتظمة ان شاء الله.

وبشكل عام أحب أن أوضح أن سبب الميل للتوقف لم يكن أياً مما ذكره بعض المعلقين .. الأمر ببساطة حالة زهق نفسي بسبب العجز عن التصدي العملي لما يحدث هنا وهناك ليس عجزي شخصيًا فقط ولكن عجز الأمة بعامة.

أمر آخر هو ما أشار إليه أخ أحبه من أنه إما الكتابة وإما حمل السلاح، وأنا منذ فترة طويلة أريد الكتابة عن العمل المسلح ولكني قليل الإنتاجية في الكتابة منذ فترة طويلة، وخلاصة رأي: أنني أنعم الله علي منذ نعومة أظافري بالنقد والتقييم الدائم لما أشاهده من أحداث سياسية وغيرها ومن هنا فقد قيمت المحاولات المتكررة لجماعة الجهاد المصرية لتنفيذ إنقلاب عسكري بمصر باعتبارها خاطئة وغير ذات فائدة وأسوأ منها محاولات الجماعة الإسلامية منذ 1988 وحتى 1998 للضغط على نظام مبارك عبر عمليات مسلحة، وكل هذا له تفصيل طويل سوف أكتبه بمناسبة أخرى إن شاء الله، ولكن أريد هنا الآن أن أشدد على أهمية العلم قبل القول والعمل كما بوب الإمام البخاري في صحيحه، فمرة دار نقاش بيني وبين شخص على الفيس بوك، حول العمل المسلح حيث كان هو يشدد ويحض عليه فقلت له هل درست تجربة جماعة الجهاد المصرية منذ نشأتها بمنتصف الستينات وحتى اندماجها في منظمة القاعدة عام 1998 وكذلك تجربة الجماعة الإسلامية بمصر منذ الثمانينات وحتى 1998؟ 

فقال لي لا ، فقلت له يجب أن تدرس جيدًا اولاً كل التجارب السابقة من كافة الجوانب قبل أن تتبنى رأيًا.. وانتهى هنا النقاش على ما أذكر.

ولذلك فأنا كتبت إثر الانقلاب على الدكتور مرسي، مستنكرًا على من يدعون للعمل المسلح قائلاً: ألم يستخدم هذا التكتيك سابقًا وفشل؟ ما لكم تدعون له كأنه لم تسبق تجربته.

وهذا كله لا يعني موافقتي على تكتيكات الإخوان فأنا انتقدتها أيضًا، لأن شخصًا قتل الآلاف وحرق المئات وسجن عشرات الآلاف علانية في الشارع من أجل كرسي الحكم لايمكن أن يتنازل عن هذا الكرسي لأنك تحرجه بحشد المظاهرات في الشوارع والميادين، كما أن النظام الدولي بقيادة الولايات المتحدة وأوروبا لن يستحي من مظاهراتك ولن توجعه دماؤك المسفوحة ويزيل الديكتاتور لأن هذا الديكتاتور لم يأت للحكم إلا بضوء أخضر من هذا النظام الدولي وبدعم منه، ويظل هذا النظام يدعمه ويدعم أي مستبد مادام يقمع الحركة الاسلامية ويمنع قيام نظام حكم يحكم بالشريعة، ومن يجادل في هذا فهو شخص لايدري شيئا عن مجريات السياسة الدولية والاقليمية منذ حملة نابليون على مصر وحتى الآن.

أيضاً انتقدت استراتيجيات منظمة القاعدة وتنظيم الدولة، لأسباب متعددة أوضحت عدد منها في عدد من المقالات السابقة.

الإشكالية في صنفين من الأخوة والأخوات يصنعون الاستراتيجيات والتكتيكات أو يروجون لها من بين صفوف الحركات الاسلامية:

صنف لا علم له ولا فهم ولا إبداع فهو يحفظ ويردد، وهذا كيف نناقشه؟
إن قلت أنا له لماذا حارب تنظيم الدولة ضد الجيش الحر السوري فيرد إنهم كفار، وطبعًا لا أسلم له بهذا التكفير ولكن لو سلمت له به من باب الجدل فكيف أقنعه بأن الكفر في حد ذاته ليس سببًا للقتال فالفرس المجوس كانوا كفارًا ومعادين للنبي صلى الله عليه وآله وسلم شخصيًا ومزقوا خطابه لهم ومع هذا لم يحاربهم صلى الله عليه واله وسلم بل مات دون أن يوجه إليهم غزوة واحدة، وكان الروم كفارًا ولم يحاربهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم غير بعد 8 سنوات من بناء دولته، وكانت الجزيرة العربية مملوءة بالكفار لكنه صلى الله عليه واله وسلم لم يحاربهم كلهم بل حارب البعض وترك البعض وهذا كله وغيره يثبت أن الكفر وحده ليس مدعاة للحرب بل والعداوة ليست موجبة للحرب على الفور.

ولو قلت له إن على تنظيم الدولة أو النصرة أو غيرهما كفالة الأمن الدولي والاقليمي للرعية التي يحكمونها تجده يقول لك هذه هي امكاناتهم فماذا يفعلون؟ فلو رددت عليه بمفهوم الردع أو التوازن أو غيره تجده لا يدرك كنه ولا جوهر هذه المفاهيم.

فهذا الصنف لم يدرس لا فقه السياسة الشرعية ولا الاستراتيجيات العسكرية ولا الاستراتيجية الشاملة ولا الأمن الدولي والاقليمي ولا السياسة الدولية فكيف تناقشه في قضايا مرتبطة بكل هذا الذي لم يدرسه، وهو يرفع في وجهك شعارات الجهاد في سبيل الله والبذل والفداء والفوز في الآخرة..إلخ.

الصنف الثاني هم الرؤوس وقد درسوا الفقه وحفظوه، ولكنهم لم يحصلوا ملكة الفقه فهم ظاهريون مع ما حفظوه من كلام ابن تيمية، و لايمكنهم الإبداع الفقهي مثل ابن تيمية ابداعًا يتفاعل بشكل صحيح مع المشكلات الحالية، وبعضهم درس استراتيجية وأمن وحفظه، ولكنه هو ليس استراتيجيًا فهو يحفظ ويردد ولا يمكنه ابداع رؤى جديدة تحل المشكلات الحالية الصعبة، ولذلك تجدهم لا يجيدون الاستراتيجية الشاملة لحاجتها لفهم عميق وإبداع وطرح تطبيقات، ولذلك فرغم رفعهم مراجع مهمة على شبكة النت وترويجها بين أتباعهم تجدها كلها في الاستراتيجيات العسكرية والتكتيك والأمن الداخلي، لاتكاد تجد منها مراجع في الاستراتيجية الشاملة ولا الأمن الدولي والإقليمي والعام والسياسة الدولية، لذلك فاستراتيجياتهم القليلة التي أطلقوها (مثل ما أطلقه أبو مصعب السوري أو صاحب كتاب التوحش) هي ثوب مملوء بالخروق و يكشف أكثر ما يستر. 

ومن هنا فالنقاش الفكري والكتابة لمثل هذا الجمهور هو أمر بالغ الصعوبة.

وربما ضربت الأمثال الأخيرة من التيار الجهادي لأنهم الأكثر نقاشاً ولكن نفس الصنفين موجودان لدى تيار الإخوان ومن لف لفهم إلا أنهم أضعف من الجهاديين في شؤون الأمن والاستراتيجية باستثناء حركة حماس.

أعرف التعليق الجاهز "وإيه الحل هو أنت مش عاجبك حد"، وردي "آه مش عاجبني حد، لسبب بسيط هو أن حالنا لا يمكن أن يعجب حد"، وأريد أن أهز عقول الناس وأفكارهم لتعصف أذهانهم بأفكار جديدة و يخلقوا طريقاً ثالثًا غير الطريقين المطروحين الآن. 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

عبد المنعم منيب

صحفي و كاتب إسلامي مصري

  • 5
  • 0
  • 1,992

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً