القائد الرباني الرحيم

منذ 2016-05-09

في مواقف الشدة التي يظهر فيها الرجال و التي تتجلى فيها حكمة القائد و المربي و الأستاذ في قيادة هؤلاء الرجال للخروج من الأزمات بأفضل النتائج كان منهج النبي صلى الله عليه و سلم واضحاً جلياً:
صدر رحب لكل مشورة 
مناقشة هادئة بناءة 
اتساع أفق 
لين جانب 
النظر في المصلحة و الاستعداد لتغييرالموقف لواقتضى الأمر 
و غير هذا الكثير 
تصرفات قائد منصف و عادل و رحيم 
قائد رباني .
فقط تأمل موقفه التالي مع عمر رضي الله عنه و أرضاه و موقفه مع سعد بن معاذ رضي الله عنه و أرضاه :
عن شقيق بن سلمة قال: «قام سهلُ بنُ حنيفٍ يومَ صفِّينَ فقال: أيها الناسُ! اتهموا أنفسكم. لقد كنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يومَ الحديبيةِ. ولو نرى قتالًا لقاتلنا. وذلك في الصلحِ الذي كان بين رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وبين المشركين. فجاء عمرُ بنُ الخطابِ. فأتى رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال: يا رسولَ اللهِ! ألسنا على حقٍّ وهم على باطلٍ؟ قالا (بلى) قال: أليس قتلانا في الجنةِ وقتلاهم في النارِ؟ قال (بلى) قال: ففيمَ نُعطي الدنيَّةَ في ديننا ، ونرجعُ ولما يحكم اللهُ بيننا وبينهم؟ فقال (يا ابنَ الخطابِ! إني رسولُ اللهِ. ولن يُضيِّعني اللهُ أبدًا) قال: فانطلق عمرُ فلم يصبر متغيِّظًا. فأتى أبا بكرٍ فقال: يا أبا بكرٍ! ألسنا على حقٍّ وهم على باطلٍ؟ قال: بلى. قال: أليس قتلانا في الجنةِ وقتلاهم في النارِ؟ قال: بلى. قال: فعلام نُعطي الدنيَّةَ في ديننا ، ونرجعُ ولما يحكمُ اللهُ بيننا وبينهم؟ فقال: يا ابنَ الخطابِ! إنَّهُ رسولُ اللهِ ولن يُضيِّعَه اللهُ أبدًا. قال: فنزل القرآنُ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بالفتحِ. فأرسل إلى عمرَ فأقرأَه إياهُ. فقال: يا رسولَ اللهِ! أو فتحٌ هوَ؟ قال (نعم) فطابت نفسُه ورجع» .   [صحيح مسلم]  .
أما الحوار  الذي دار بين سعد بن معاذ وسعد بن عبادة وبين النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الأحزاب. قال ابن كثير: قال ابن إسحاق: «فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم مرابطًا، وأقام المشركون يحاصرونه بضعًا وعشرين ليلة قريبًا من شهر، ولم يكن بينهم حرب إلا الرمي بالنبل. فلما اشتدَّ على الناس البلاء بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم... إلى عيينة بن حصن والحارث بن عوف المري، وهما قائدا غطفان، وأعطاهما ثلث ثمار المدينة، على أن يرجعا بمن معهما عنه وعن أصحابه، فجرى بينه وبينهم الصلح، حتى كتبوا الكتاب، ولم تقع الشهادة ولا عزيمة الصلح، إلا المراوضة   . فلما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل ذلك بعث إلى السعدين فذكر لهما ذلك، واستشارهما فيه. فقالا: يا رسول الله، أمرًا تحبه فنصنعه، أم شيئًا أمرك الله به لا بدَّ لنا من العمل به، أم شيئًا تصنعه لنا؟ فقال: بل شيء أصنعه لكم، والله ما أصنع ذلك إلا لأني رأيت العرب رمتكم عن قوس واحدة وكالبوكم   من كلِّ جانب، فأردت أن أكسر عنكم من شوكتهم إلى أمر ما. فقال له سعد بن معاذ: يا رسول الله، قد كنَّا وهؤلاء على الشرك بالله وعبادة الأوثان، لا نعبد الله ولا نعرفه، وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها ثمرة واحدة إلا قرًى  أو بيعًا، أفحين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا له وأعزَّنا بك وبه، نعطيهم أموالنا؟ ما لنا بهذا من حاجة، والله لا نعطيهم إلا السيف، حتى يحكم الله بيننا وبينهم! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أنت وذاك. فتناول سعد بن معاذ الصحيفة فمحا ما فيها من الكتاب، ثم قال: ليجهدوا علينا»    . [السيرة النبوية لابن كثير و سيرة ابن هشام] .
أبو الهيثم

  • 1
  • 0
  • 3,179

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً