دم الحرية ينصر غزة

منذ 2010-06-01

هي ساعاتٌ بعدَ الالتحام بين أسطول الحرية وبين الجيش الإسرائيلي ونحن نكتب وقد احتبست أنفاس العالم الحُرّ قلقًا على مصير المناضلين ونتيجة معركة الحرية أكتب وقد قصرت التعبيرات أمام حجم المجزرة التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي !


هي ساعاتٌ بعدَ الالتحام بين أسطول الحرية وبين الجيش الإسرائيلي ونحن نكتب وقد احتبست أنفاس العالم الحُرّ قلقًا على مصير المناضلين ونتيجة معركة الحرية أكتب وقد قصرت التعبيرات أمام حجم المجزرة التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي وكسر فيها كل الحدود وذكر عبرها بكل جرائم التاريخ الإنساني عندما يستهدف فريقا إنسانيا إغاثيا عالميا أعزل في وسط البحر بهجوم عسكري وحشي مغطى دوليا عبر واشنطن وأوروبا الرسمية وعبر غطاء عربي يرمي للإرهابيين مبادرات السلام.

 

أسطول الحرية ومعركة الإنسانية
وحتى كتابة هذه السطور لا تزال إحصائيات الشهداء في ارتفاع مع تواتر المعلومات عن استهداف القائد التاريخي الكبير للقضية الفلسطينية الشيخ رائد صلاح وما يعنيه ذلك من انعطاف قوي في مسيرة النضال الفلسطيني داخل وخارج الخط الأخضر، مع تأكد أنّ العدد الأكبر من الشهداء كان من نصيب قلب هذا الحراك الإنساني والروح المتدفقة من أبناء العثمانيين الجدد.
 
ومع كل هذه المسارات الإنسانية الصعبة التي نكتب في غمارها فإنني أعتقد أن المجزرة هي انكسار ضخم لم يتراكم بمثل هذه الصورة منذ إطلاق الإسرائيليين والأميركيين مرحلة تصفية القضية الفلسطينية باسم عملية السلام، بل إن مجزرة أسطول الحرية أدخلت التحالف الإرهابي إلى منعطف خطير بدا أنه في طريقه لفقدان السيطرة على برنامج الحصار ويتوجه للإرباك الشديد والاضطراب المتوقع مع بداية صدمة العالم من نتائج ذلك الحصار الإرهابي وهذا يعني أن مجزرة أسطول الحرية قد تحولت باختيار الصهاينة في تل أبيب إلى منعطف أكبر من حصيلة دخول المساعدات.
 
وهذا الجزم بانتصار أسطول الحرية في هذه المعركة الإنسانية كان واضحًا منذ بداية سلسلة مبادرات كسر الحصار وبالذات أسطول الحرية، وإن كنتُ أشترك مع الجميع في الغضب لأرواح الشهداء والقلق على حرية وسلامة أفراد المبادرة وقيادتها وهم في مواجهة إنسانية بلا أي سلاح من طرفهم وعسكرية من طرف أقذر جيش وتاريخ إرهابي عرفته المجتمعات البشرية المعاصرة .
 
 
عودة إلى المبادئ
إننا نعود لمبادئ هذه القضية لأنّ ذلك يُعيد تعيين الواجهة الحقيقية للقضية التي يُكثٍّف عليها الإعلام والسياسة الدولية المهيمنة على جزءٍ كبيرٍ من وسائط النقل الإعلامي والتوصيف السياسي النهائي استبدادًا بلا حقوق لأصحاب القضية وبلا سماعٍ لأي جردٍ أو جدلٍ منطقي إنساني يُعيد التذكير بأصل قضية غزة بالمفهوم الإنساني المُجرّد الذي تستشعره الخلائق وتتوسطه تصورات التاريخ الإنساني فتحدد مصطلحاته وفقاً لاستقلال هذا المنظور الحُرّ، الذي أدى إلى تداعي تلك الجنسيات والديانات المختلفة لتتحد في أسطول الحرية الإنساني، في حين يختطف الجناة الإسرائيليون والدوليون وحلفاؤهم العرب الحقيقة المطلقة في تزوير المشهد الإنساني لقضية غزة.
 
 
إنّ سر هذه الهزيمة الإنسانية المبكّرة للتحالف الإرهابي المكوّن من إسرائيل والحركة الصهيونية العالمية ومنظمتها المركزية أيباك والنظام السياسي الأميركي بمؤسسته التشريعية والتنفيذية والحلفاء العرب سواءً الأضلاع الرئيسية في رام الله والقاهرة أو الداعمين لهم سرًّا أو لوجستيًّا، سرّ هزيمة هؤلاء كلهم يكمن في أنّ أسطول الحرية ودماء شهدائه وخاصةً بعد اندفاع المشاعر الشعبية في تركيا بزخمها التاريخي والأيديولوجي ونبرة أردوغان ونزول قضية غزة إلى الشارع الوطني التركي باعتبارها قضية مقدسة ضِمن المكنون الإنساني والإسلامي الذي يتفق تلقائيا مع العدالة الإنسانية المجردة بمفاهيمها الأولية، والتي التقى مناضلو المجتمع المدني الغربي الذين يزدادون عددًا وحماسًا معها، كُل ذلك يُعيد القضية إلى دقة التوصيف المختطفة والمُضلل عنها النّاس من قبل التحالف الإرهابي، وهي أنّ قضية حصار غزة ليست سياسية ولا عسكرية ولا أمنية ولا صراعًا دوليا وإن تقاطعت كل هذه الظروف معها لقهر الضحية في أصل القضية الفلسطينية.
 
لكنّ ذات الفعل المجرد الذي يمارسه التحالف الإرهابي هو حصار كتلة مجتمعية من البشر وإغلاق أراض عليها ومنع أساسيات الحياة الإنسانية للمدنيين والأطفال العُزّل والقبض على طرق دخول أسباب الحياة المجمع عليها إنسانيًّا، وهو أمر لا يبرره مطلقا أي صراع سياسي مع حركة تحرر وطني كحماس، ولا يجوز أن تُطرح قضية الحق الإنساني في دخول وسائل التعمير البسيطة للأرض المحروقة بحرب ظالمة ووسائط العلاج والعيش المجرد لأي تبريرٍ لصراع سياسي أو عقائدي.
 
 
وهنا النقطة الرئيسية التي ركز التحالف الإرهابي على تزويرها، فالصراع مع حماس حتى مع من لا يعترف بالحقيقة بأنها باتت الممثل المركزي للشعب الفلسطيني لا علاقة له بحبس شريان الحياة عن كتلة من البشر، إنما الصراع قد يكون مطروحًا في أودية التنافس السياسي والعسكري مع حركة التحرير الفدائية، وهُنا يبرر التحالف الإرهابي جرائم الحرب المستمرة عبر الحصار على شعب غزة بذلك الصراع السياسي، الذي لا يجوز مطلقا بكل معايير الحق الإنساني المجرد أن يطرح للتبرير فضلا عن التنفيذ.
 
 
النصر بدماء الشهداء
هنا يبرز بوضوح كيف ينتصر الآن أسطول الحرية بدماء شهدائه وجرحاه وأسراه وكل فريقه المساند نصرًا جليًّا على التحالف الإرهابي المحاصِر والذابِح لغزة... كيف؟
 
إنه يعيد للجمهور العالمي الحقيقة المختطفة ويضج بها إعلاميا ويفاجئ التحالف الإرهابي الذي استطاع عبر عمل تاريخي على مدى عقود من القمع والتحريض والتجويع للإنسان العربي وأشعل حرائق جانبية في كل أوديته لإثارة وتغذية العنصرية الداخلية والقطرية، مع حلقات من الخنق الاقتصادي ضمن فيها بصورة مضطردة أن هذا الإنسان عاجز رغم كل ترويع المشهد الإنساني لأشقائه في غزة عن أن ينتفض لتحقيق أساسيات الكرامة والحق الفطري للمحاصرين في الأرض المحتلة.
 
وإذا بالتحالف الإنساني المتحد من شريان الحياة بقيادة جورج غالوي إلى أسطول الحرية بقيادة الشعب التركي ودموعه التي خلطت تاريخ آل عثمان بعمقهم الإنساني الجديد مع دماء أطفال وشعب غزة، ينتفض لتحقيق ذلك. لكن حجم المجزرة التي نُفذت فجر اليوم الحادي والثلاثين من مايو/أيار قلب كل إحصاء متوقع لهذا الفضح التاريخي لتل أبيب فأعادت تنصيب الصورة لكل العالم في مشهدها الصحيح، رهينة مدنية بيد تحالف إرهابي، وهذا دليل دماء أسطول الحرية شمس ساطعة بتموجات الدماء التي دفقت في البحر الأبيض المتوسط أمام مرأى العالم وهم من أكثر من خمسين دولة وأمة وعرق ودين.
 
 
هنا بدأ التحالف الإرهابي يشعر بأنّهُ يخسر وتتفاعل الحرب الإنسانية من حوله خاصة أن جورج غالوي وآخرين يُعدّون لحملة جديدة تتناوب مع أسطول الحرية وهكذا، تُذكّر الإنسان في كل أركان المعمورة بالتعريف الحقيقي للقضية... جيش إنساني مجرد يحاول أن يُخلّص رهينة مدنية مختطفة ويوصِل لها الغذاء والدواء، وهذا التكثيف التلقائي الذي بدأ يضج في الأفق منذ انطلاق الأسطول ومع كل محاولات الوأد وقطع الإرسال والتعتيم والتقييد والمواجهة المسلحة من الجيش الإسرائيلي لأولئك الصفوة من النبلاء مناضلين إنسانيين وشهداء فإن أعلام النصر تبدأ مباشرة تخفق بنجاح المهمة وانتصارها وهو بالضبط ما يخنق التحالف الإرهابي، ولذلك فإن قراءتي الفلسفية والتحليلية ليست دفقًا من التفاؤل لكتائب الحق الإنساني وشهدائها وإنما هي أيضا قراءة موضوعية لهزيمة الحلف الإرهابي.
 
ولم نطرح هنا الخيارات الأخرى التي تتقد الآن في تركيا الجديدة ضد هذه المجزرة وحجم ما سيفرضه الشارع الدولي هذه المرة ولسنا نلغي الشارع العربي الذي باتت دماء أسطول الحرية تستثيره للضغط على غطاء الإرهاب العربي، لكن ما ارتكبته تل أبيب هذه المرة من مجزرة عزز نصر غزة المحاصرة..
 
سلام الله على الشهداء.
 
المصدر: مهنا الحبيل
  • 0
  • 0
  • 4,090
  • حميد

      منذ
    هذه هي الفرصة لصحوة الأمة الإسلامية, وبداية لهزيمة العدو إن شاء الله

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً