قافلة غزة بين العصابات والتحقيقات، وبين الثبات والسبات

منذ 2010-06-03

أضافت إسرائيل إلى سجل جرائمها جريمة قد لا تكون الأكثر دموية ولا الأكبر في عدد الضحايا، ولكنها قد تكون الأكثر تيهًا وعلوًّا وغرورًا؛ مما يؤذن بسرعة خرابها وزوالها- بإذن الله-.


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد..

فقد أضافت إسرائيل إلى سجل جرائمها جريمة قد لا تكون الأكثر دموية ولا الأكبر في عدد الضحايا، ولكنها قد تكون الأكثر تيهًا وعلوًّا وغرورًا؛ مما يؤذن بسرعة خرابها وزوالها- بإذن الله-.

فقد قامت القوات البحرية الإسرائيلية المدعومة جوًّا بمهاجمة ستّ سفن مساعدات كانت متوجهة إلى غزة؛ لكسر الحصار الجائر عليها مما عُرف بـ"قافلة الحرية"، ورغم أن إسرائيل قد هدَّدت باستعمال القوة إلا أن النشطاء الذين جاءوا يحمون السفن بأبدانهم استبعدوا أن تُقدِم إسرائيل على الاعتداء على أكثر من 750 مدنيًّا من أربعين دولة مختلفة، ومن ديانات مختلفة، إلا أنها أقدمت وبوحشية خلَّفت نحوًا من مائة مصاب بينهم قريب من عشرين قتيلاً، معظمهم من الأتراك المسلمين- نسأل الله أن يتقبلهم عنده في الشهداء-.



وقد تشعَّبت المواقف المتعلقة بهذا الحدث، وفي كل منها الكثير من العظات والعبر؛ فنقتطف منها ما يلي:
1- الشخصية اليهودية لديها استعداد كبير للخضوع والذلة والاستكانة حال الضعف؛ حرصًا على حياتهم، كما قال تعالى: { وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ} [البقرة:96]، ولم يقل: "الحياة"؛ لأنهم يحرصون على أي حياة- ولو كانت مهينة-!

وهذا الخضوع وتلك المهانة تنقلب إلى مبالغة في الاستطالة والعلو حال التمكن؛ فالرغبة في القتل والتدمير سلوك يهودي موروث، حتى أنهم مِن فرط حبهم له قد نسبوه إلى الله! كما تقول توراتهم المحرفة في مواطن عدة، منها ما نَسبَ كتاب سفر حزقيال (5:9) للرب قوله: "اعبروا في المدينة خلفه واقتلوا. لا تترأف عيونكم ولا تعفوا. أهلكوا الشيخ والشاب والعذراء والطفل والنساء. ولكن لا تقربوا من أي إنسان عليه السمة, وابتدئوا من قدسي. فابتدؤوا يهلكون الرجال والشيوخ الموجودين أمام الهيكل. وقال لهم: نجسوا الهيكل واملأوا ساحاته بالقتلى, ثم اخرجوا. فاندفعوا إلى المدينة وشرعوا يقتلون"(1).

2- هذا القتل الهمجي هو السلاح الأول الذى قامت عليه دولة إسرائيل؛ حيث كانت عصابات اليهود الذين هاجروا إلى فلسطين تقوم بالهجوم الليلي الغادر على القرى الفلسطينية، فتقتل النساء والأطفال، بل البهائم، ومن خلال هذا الطريق الإجرامي استطاعت إخلاء قرى من سكانها المسلمين؛ ليحل محلهم المغتصبون اليهود!.



3- اليوم وبعد أن أصبحت إسرائيل دولة عضوة في "الأمم المتحدة"(2)، وبعد أن أصبحت صاحبة الجيش النووي، وبعد.. وبعد..؛ ما زالت إسرائيل تفضل أسلوب العصابات الذي ولدت عن طريقه؛ لأنه الأسلوب الأكثر إشباعًا لغريزة القتل والتدمير اليهودية؛ فعلى الرغم من أن إسرائيل كانت تملك وسائل سلمية لإيقاف القافلة، أو حتى كانت تستطيع تنفيذ اقتحام آمن؛ إلا أنها فضلت تلك الصورة المخزية، ولكنها في نفس الوقت مغرية جدًّا لأمثال هؤلاء الطواغيت!.

4- وقع في اليهود في الزمان مسخ إلى قردة وخنازير، كما قال تعالى: { وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ . فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة:65-66].

وقد صح الحديث أنه: «إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ لِمَسْخٍ نَسْلاً وَلاَ عَقِبًا» [رواه مسلم]؛ فاليهود المعاصرون ليسوا أحفاد القردة والخنازير؛ ولكنهم إخوان لهم؛ لأنهم ساروا على درب هؤلاء الفئة التى مُسخت، بل بقيَ فيهم من أخلاق الخنازير من الغدر والخيانة واستحباب الخبيث على الطيب-حتى مع وجود الطيب- الشيء الكثير!.



5- تزداد يقينًا من هذا إذا عرفت أن قائد "المخابرات البحرية الإسرائيلية" الذي قاد ذلك الهجوم الوحشي هو بطل فضيحة جنسية؛ حيث شوهد خارجًا من ملهًى للبغايا، وهو ما اعتذر عنه بأنه كان هناك للقاء صديق وليس لشخص آخر، حتى فوجئ بصور له مع البغايا؛ فاعترف بجريمته! وهو ما يدلك على أن اليهود الذين اعتدوا في السبت هُم هُم، وإنما يحاولون أن يظهروا أمام غير اليهود بصورة المتمسك بدينه؛ كنوع من التعالي والاعتزاز بدينهم اليهودي الخاص بجنسهم، وإلههم الذي يكون حارسًا لهم في حروبهم كالكلب كما تزعم توراتهم المحرفة- تعالى الله عما يقولون علوًّا كبيرًا-!.

6- حاولت إسرائيل التنصل من جريمتها بادعاء أن الذين كانوا على متنها "إرهابيون"، وكانوا يحملون اسلحة بيضاء، وأنهم فوق هذا خطفوا سلاح أحد الجنود وأطلقوا منه النار عليهم..! وإسرائيل هنا كـ"المستجير من الرمضاء بالنار"؛ فلو صدقناهم جدلاً- مع كذبهم من واقع شهادة شهود العيان-؛ فإن روايتهم تستلزم الحط من شأن الجنود الإسرائليين الذين عجزوا رغم تسليحهم الخارق عن مواجهة عُزل حتى فقد أحدهم سلاحه، وعمومًا فإننا بصدد أنموذج واضح لتعريف الإرهاب عند اليهود وعند أوليائهم، وهو مَنْ تحدثه نفسه بمواجهة المعتدين، وإن كانوا يقتحمون عليه سفينته في المياه الدولية، مما يجعله يدخل فى القانون الدولي تحت بند "القرصنة"! ولكن القانون الدولي "لا يحمي المغفلين" الذين يظنون أنه وُضِع ليُطبق على الجميع!.



7- وإذا كانت هذة الرواية اليهودية للأحاديث والكذب حرفة لهم؛ فماذا عن رواية شهود العيان؟!.
أدلى الدكتور "حازم فاروق"(3) بتصريحات لـ"موقع العربية. نت"، نشرتها صباح الأربعاء؛ نقتطف منها ما يلي:

‌أ- كان الدكتور "حازم" على متن السفينة التركية التي نفـَّذ العدو هجومه الغادر عليها.
‌ب- لم يكن على ظهر السفينة أي أسلحة بيضاء، حتى الملاعق والسكاكين الخاصة بالطعام كانت بلاستيكية؛ لعدم ترك أي ذريعة لإسرائيل.
‌ج- نفذت إسرائيل هجومها الغادر أثناء أداء ركاب السفينة لصلاة الفجر(4).
‌د- قام الجنود الصهاينة بقتل نحوٍ من أربعة عشر تركيًّا باستهدافهم بإطلاق النار مباشرة عليهم بعد ضربهم وإهانتهم، ووطء رؤوسهم(5).
هـ- استخدم جنود العدو القنابل الصوتية والقنابل المسيلة للدموع للسيطرة على باقي ركاب السفينة.
و‌- أمر الجنود الإسرائيليون ركاب السفينة بخلع ملابسهم؛ لكي يستخدموها في مسح دماء الأتراك، حتى أن الدكتور "حازم" استمر من تلك اللحظة حتى لحظة رجوعه إلى مصر بملابسه الداخلية (6).



8- طالبت أمريكا إسرائيل بإجراء تحقيق فوري وشفاف لبيان حقيقة ما حدث، وهي بذلك قد تفوقت على الشقيقة التي كانت كبرى "إنجلترا" التي جلبت شُذاذ اليهود من الأفاق؛ لكي يكوِّنوا دولة إسرائيل حتى تنوب عن الغرب في حرب الدول الإسلامية.
وكانت إنجلترا تقوم بما سُمي آنذاك "بالانتداب البريطاني" الذي فرضته الدول الغربية لحماية الولايات العثمانية من وقوعها في أيدي قوات الألمان بعد الحرب العالمية الأولى.

وبالتالي مثـَّلت إنجلترا سلطة عليا في االبلاد التي انتدبت لحمايتها، وقد استغلت إنجلترا هذه السلطة في التمكين لليهود؛ حيث كانت العصابات اليهودية تقتل وتحرق الأخضر واليابس، ثم تصل القوات الإنجليزية بعد تمام الجريمة والفرار لتجري تحقيقات شفافة تنتهي إلى أن تقيد الجريمة ضد مجهول.

وحينما قام "عز الدين القسام"- رحمه الله- بتشكيل قوات جهادية للتصدي للعصابات اليهودية أجريت تحقيقات إنجليزية "غير شفافة" نتج عنها معرفة "الإرهابيين" المسلمين، وتحديد معسكرات تدريبهم ومهاجمتهم فيها، ولم يهدأوا حتى قتل الشيخ "القسام"- نسأل الله أن يتقبله عنده في الشهداء-.

واليوم تطالب أمريكا إسرائيل نفسها بأن تجري تحقيقات شفافة، بينما احتجزت إسرائيل معظم ركاب السفن الستة بتهمة دخول إسرائيل بطريقة غير مشروعة.



9- لقد كانت إنجلترا مضطرة إلى أن تجري تحقيقات بنفسها؛ لكي تحافظ على صداقة الشريف حسين وأبنائه الذين رغم سذاجتهم الشديدة أو عمالتهم المفرطة كانوا دائمًا ما يطالبون إنجلترا بتقديم ضمانات أنها سوف تسمح لهم بتكوين الدولة العربية المتحدة لتشمل معظم المنطقة العربية بما في ذلك فلسطين، وأن وضع اليهود في فلسطين لن يتعدى الحصول على الحكم الذاتي أو ما هو أقل منه "وطن قومي".

وبالطبع غدرت إنجلترا بالشريف حسين، ولكننا نبتلى اليوم بمن هم في سُبات عميق؛ فيٌلدغون من الجحر الواحد عشرات المرات كما يلدغ الميت ولا يحرك ساكنًا(7).

وأما أمريكا فسواء في ذلك "أمريكا بوش الأب" أو "الابن" أو "أمريكا كلينتون"، أو "أمريكا أوباما" فأمن إسرائيل وتدليل إسرائيل خط أحمر لا يمكن تجاوزه، ليس فقط لسيطرة اللوبي اليهودي في أمريكا على مصائر الساسة؛ بل لأنه من ثوابت السياسة الغربية منذ "وعد بلفور" إلى الآن الحفاظ على إسرائيل كحجر عثرة في طريق عودة المسلمين إلى دينهم فضلاً عن عودة الخلافة الإسلامية.



10- بمناسبة ذكر الخلافة ما زالت مواقف الخلافة العثمانية في فلسطين حتى في فترات ضعفها تذكر بأن الإمام الذي يتولى باسم الدين ويكون دوره المنوط به هو حفظ الدين وسياسة الدنيا بالدين هو الذي يبكي مصالح إلاسلام حتى إن ضعف أو فسد، كما ظلت جيوش العثمانيين تقاتل في فلسطين حتى تحالفت جيوش "الشريف حسين" باسم القومية العربية مع جيوش الإنجليز ضدها؛ فسقطت فلسطين في أيدي الإنجليز، ومن ثمَّ في أيدي اليهود فيما بعد.

والآن الأتراك بدأوا يفيقون لكونهم مسلمين قبل أن يكونوا أتراكًا، وبدأوا يعودون للإسلام، والسياسة الخارجية التركية فيها شيء من الحنين إلى تركيا الخلافة بقدر ما يسمح به النظام العالماني هناك، ومن هنا كان الدور الأكبر في تنظيم هذة القافلة للأتراك مما يوجب على الصحوة إلاسلامية في بلاد العرب أن تشد من أزر الصحوة إلاسلامية التركية ليلتئم الشمل الذي مزقه دعاة القومية العربية(8).

11- الحكومة التركية الحالية تمارس خليطًا من الاسلام والعالمانية شأنها شأن كل الدول الإسلامية تقريبًا، وربما كانت حصة العالمانية في النظام التركي أكبر، ولكن هناك فرق جوهري؛ فتركيا تسير منطلقة من علمانية غاية في التطرف مقتربة شيئًا فشيئًا من الإسلام؛ بينما معظم البلاد المسلمين تسير في الاتجاه المعاكس- ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم-، وهذا الاتجاه نحو إلاسلام يرفع من رصيد تركيا على المستوى الشعبي في العالم الاسلامي ككل؛ حتى كتب أحد المشاركين في موقع شبابي مقالاً بعنوان: "البقاء لله في العرب.. أردوغان أمير المؤمنين الجديد".

مما يوجب على الدعاة إلى الله فضح العالمانية، وبيان مخالفتها للإسلام، وأنهم وإن اعترفوا بالولاية الواقعية للسلطات المدنية لحفظ مصالح المسلمين؛ إلا أنهم لا يثبتون الولاية الشرعية إلا لمن تولى باسمها، وعمل على حفظها.



12- ضمت القافلة عددًا كبيرًا من الكفار الناشطين في مجال حقوق الإنسان، وتعرَّضوا لما تعرضت له، والواقع أن بعض الكفار يُخلص لمبادئ معينة كما أخلص أبو طالب عم النبي- صلى الله عليه وسلم- للشهامة العربية، والنخوة في الدفاع عن قومه حتى حُصِر في الشعب مع المسلمين سواء بسواء في حصار "شعب أبي طالب"، وعلى الرغم من تشدُّق الكفار بمبادئ الحرية، وغيرها؛ إلا أنها لا وجود لها تقريبًا على المستوى الرسمي.

وأما على المستوى الشعبي فكثير من أبناء الغرب يتشرب أن هذه المبادئ إنما هي للإنسان الأبيض النصراني فقط، وأما مَن سوى ذلك فلا تنطبق عليه هذه المبادئ، وقليل منهم مَن يؤمن بها على عمومها، ويشعر بتأنيب الضمير من جراء الازدواجية التي ينظر بها الساسة في بلاده إلى الأمور، ومن ثمَّ يسعون إلى معاونة الشعوب إلاسلامية المظلومة.
ويجب في التعامل مع هؤلاء أن نراعي الجوانب التالية:

أ‌- قوله- صلى الله عليه وسلم-: « مَنْ لَمْ يَشْكُرْ النَّاسَ لَمْ يَشْكُرْ اللَّهَ» [رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني] عامٌّ يوجب على المسلمين شكر من أدى إليهم معروفًا.

ب‌- من المستحب الإثابة على المعروف اذا كان بين مسلم وآخر؛ وكان رسول الله-صلى الله عليه وسلم- يقبل الهدية ويثيب عليها [رواه البخاري].
ويتأكد هذا إذا كانت من كافر لمسلم حتى لا يكون لكافر يد على مسلم؛ ولذلك قال النبي- صلى الله عليه وسلم- في شأن أُسارى بدر: « لَوْ كَانَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ حَيًّا ثُمَّ كَلَّمَنِي فِي هَؤُلاءِ النَّتْنَى لَتَرَكْتُهُمْ لَهُ » [رواه البخاري]، وذلك أن النبي- صلى الله عليه وسلم- كان قد دخل مكة في جواره بعد رحلة الطائف.
ومن ثمَّ فالواجب على المسلمين رد الجميل لمثل هؤلاء الكفار.

ج- يجب أن يُحذر كل الحذر من أن يكون رد الجميل بالثناء على منهج هؤلاء الكفار، أو الرضى بدينهم، أو قبول مداهنتهم إذا داهنوا كما كانت سيرة النبي- صلى الله عليه وسلم- مع أشد مناصريه عمه أبي طالب.
ومن أعظم حقوق هؤلاء المتعاطفين معنا أن ندعوهم إلى الإسلام؛ عسى الله أن يخرجهم بنا من الظلمات إلى النور، ولذلك كان حرص النبي- صلى الله عليه وسلم- على أن يهدي الله عمه أبا طالب ليس نابعًا فقط من حرصه- صلى الله عليه وسلم- على إسلام الخَلق جميعًا: { فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا } [الكهف:6]، ولا لمجرد كونه عمه؛ وإلا فقد كان حرصه على إسلامه زائدًا عن حرصه على إسلام آحاد المدعوين، وزائدًا على حرصه على إسلام سائر أعمامه بما فيهم العباس -رضي الله عنه- الذي أسلم بالفعل- بحمد الله-.
ولذلك فيجب أن يكون هؤلاء المتعاطفون موضع عناية الدعاة إلى الله في كل مكان، وهذا من أعظم أنواع رد الجميل لهم، كما أن استعداد هؤلاء للبذل في سبيل ما يؤمنون به قد يكون مؤشرًا لاستعدادهم المبدئي للتفكر والتدبر، و«النَّاسُ مَعَادِنُ، خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإِسْلامِ إِذَا فَقُهُوا » [رواه البخاري].

د- وقد حدث- بحمد الله- أن أسلم أحد هؤلاء الناشطين على متن السفن المتجهة إلى غزة قبل أن تداهمها جحافل القوات الصهيونية الغاشمة، نسأل الله أن يشرح صدره، وأن يثبته على الحق وأن يجعله هاديًا مهتديًا(9).

هـ- إذا غلب على الظن أن كل أو بعض هؤلاء الناشطين يريد من وراء ذلك المداهنة التي يترتب عليها تمييع قضايا العقيدة أو كسر براءة المسلمين من الشرك(10)؛ فحري أن يُقال له حينئذ: « نُهِيتُ عَنْ زَبْدِ الْمُشْرِكِينَ» [رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني]، ويُقال لهم: « ارْجِعْ فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ» [رواه مسلم].
 


13- في مصر صدر قرار رئاسي بفتح معبر رفح أمام الحالات الإنسانية بلا سقف زمني، مما خفف من حالة الحرج البالغ التي يشعر بها كل مسلم غيور على أرض مصر من إغلاق المتنفس الوحيد الذي تطل منه غزة لا أقول على العالم الإسلامي؛ بل على عالم الانسانية؛ اذ تطل سائر حدودهم على عالم "الصهيونية"، فإذا كان هذا فعلها بنشطاء أجانب فى البحر فكيف بفعلها فى إخواننا الفلسطينيين في البر؟!.

لا يتسع المقام هنا لتقييم اتفاقيات السلام ومدى شرعيتها، ولكن على الأقل بلغة السياسة توجد لحظات حاسمة يمكن للدول فيها أن تقفز فوق المعاهدات الجائرة، وتحسِّن فيها من وضعها التفاوضي، ومن أكثر هذه الاتفاقيات جورًا اتفاقية تشغيل معابر غزة؛ لأنه لا يوجد بمعايير القانون الدولي فضلاً عن المعايير الشرعية ما يجبر دولة ذات سيادة أن تعقد اتفاقية مع سلطة احتلال لبلد جوار؛ لا سيما اذا كان ذلك البلد بلدًا شقيقًا بكل معاني الكلمة.



14- والموقف من مناصرة أهل البدع للمسلمين المستضعفين يشبه بدرجة أو بأخرى هذا الموقف، مع مراعاة أن أهل البدع غير المكفِّرة يسمح إسلامهم بدرجة أكبر من قبول مساعدتهم ما لم تضمن نشرًا لباطلهم، ومِنْ هذا الباب نحذر دائمًا من الشيعة في إيران وفي حزب الله الذين يعدون وعودًا معسولة لا يُنفَّذ منها على أرض الواقع إلا النذر اليسير، ويريدون أن يقبضوا ثمن ذلك
رضا بمذهبهم الطاعن في الصحابة الكرام، وسماحًا بنشره.

وفي هذا السياق جاء رد الفعل الباهت من حزب الله؛ إذ لا يتذكر القضية الفلسطينية إلا إذا جاءته الأوامر الإيرانية، فيضرب إسرائيل متذرعًا بالقضية الفلسطينية، وأما فيما عدا ذلك فقد تساوى رد فعلهم مع رد فعل "محمود عباس" وغيره بالاقتصار على مطالبة المجتمع الدولي بالقيام بدوره، مع أن حسن نصر الله أعلن منذ أيام قليلة امتلاكه لصواريخ بحرية هدَّد بها إسرائيل حال تفكيرها في غزو "جنوب لبنان".

وأما منع المساعدات عن غزة وقتل القائمين عليها؛ فمسئولية المجتمع الدولي، مع أنه كان يملك ذرائع كافية للتدخل لو أراد؛ حيث يوجد عدد من اللبنانيين على هذه السفن.

15- أفادت جريدة المصريون في عددها الصادر الثلاثاء 1/6/2010م أن "الجمعية القبطية الأمريكية" أصدرت بيانًا بعنوان: "إسرائيل القدوة والمثل في حماية الأرض والعرض"، يُثنون فيه على فعل إسرائيل مع قافلة الحياة، ويطالبون مصر أن تقتدي بها وأن تفعل مثل فعلها في أهل غزة، ومن قبل طالب بعض أقباط المهجر إسرائيل بالتدخل العسكري في مصر، وطالب "موريس صادق"- بحسب جريدة "المصريون" أيضًا- الكنيسة الأثيوبية أن تضغط على الحكومة الأثيوبية؛ لكي تمنع تدفق النيل إلى مصر، وقد كان.
نعلم الإجابة الجاهزة: أن هؤلاء متطرفون لا يمثلون إلا أنفسهم، ولكن ألا يوجد أحد من العقلاء ينتقدهم ويوبِّخهم حتى لا يغتر بهم بعض العقلاء بدلاً من مطالبة المسلمين من تغيير مناهج التربية الدينية، وتعديل الخطاب الديني على المنابر... إلخ.
وبالمناسبة؛ كان هناك "مجنون" آخر يُدعى "زكريا بطرس" سكت فجأة، والتقارير الصحفية تشير إلى تدخل بعض العقلاء- نرجو أن يتسع مجال تدخلهم-.



16- طالت بنا جولة التعليقات، وجاء دور تلك البلدة الصغيرة "غزة" ذات المليون ونصف نسمة، يمثلون واحدًا على ألف من عدد المسلمين في العالم، ومع ذلك يتولون هم دفع فاتورة العداء للإسلام والرعب من الإسلام، وهم صامدون- بفضل الله-.
يا أهل غزة... جزاكم الله خيرًا.
يا أهل غزة... ما الدنيا إلا صبر ساعة.
يا أهل غزة... إن صمودكم قد أصاب عدوكم بالترنح والتخبط، وهذه الحادثة منه.
يا أهل غزة... {إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ} [النساء:104].
يا أهل غزة... اختاركم الله لهذا الابتلاء، ولكن عظم الجزاء مع عظم البلاء {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا} [آل عمران:120]، {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا . إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح:5-6].

17- ويا أمة إلاسلام... خذوا الدرس من أهل غزة، واعلموا أن العالم- أن إسرائيل وأمريكا وأوروبا- لم يستطيعوا أن يفعلوا شيئًا أمام صمود مدينة مسلمة؛ فكيف لو صمد العالم الإسلامي أجمع؟!

نريد أن نستثمر الحدث في انتزاع الوهن من قلوبنا؛ فالقضية في القلب أكثر منها في اليد، {وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } [آل عمران:139].



إن حرب المياه التي أُعلنت على مصر، ومن قبلها الحرب على العراق والسودان (11)، ومن قبلها الحرب على أفغانستان والشيشان، ومن قبل ذلك كله الحرب على فلسطين... كل ذلك يناديكم، ومن قبل كتاب ربكم: { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا} [آل عمران:103].

أمة الإسلام.. بشائر النصر قد هلَّت؛ فعودوا إلى إسلامكم إيمانًا وعملاً؛ ينصركم الله نصرًا عزيزًا مؤزرًا: { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} [النور:55].


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) والعجب ممن يؤمنون بأن هذا الكلام كلام الله، من: المنصِّرين وغيرهم، ثم يرمون الإسلام بإلارهاب، وإن كان للمنصِّرين حيلة عجيبة في الخروج من عهدة هذا الكلام، وهو ادعاء أنه قد "نُسخ" في الإنجيل، مع أنهم أيضًا لا يؤمنون بالنسخ، ويعتبرونه من التهم التي يَرمون الإسلام بها، ومن ثمَّ يعبِّرون عنه بألفاظ أخرى مثل: إن هذا الحكم قد "تغير" في العهد الجديد؛ لأن العهد القديم كان عهد الناموس، والعهد الجديد هو عهد "النعمة"- في زعمهم-! ومقتضى كلامهم أن شريعة الله لليهود كانت ظالمة وجائرة- تعالى الله عما يقولون علوًّا كبيرًا-!


مع أن الصليبيين في حروبهم كانوا أكثر انحيازًا إلى العهد القديم منه إلى العهد الجديد، والذي نميل إليه أن نصوص الكتب السابقة أمرت حال الاستضعاف بالصبر، وحال القوة بالجهاد بضوابطه وأخلاقياته مثل تلك الوصايا التي أَمَر نبي الإسلام بها حين قال صلى الله عليه وسلم للمقاتلين- كما ذكره عامة أهل السير-: « انْطَلِقُوا بِاسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ، وَلاَ تَقْتُلُوا شَيْخًا فَانِيًا، وَلاَ طِفْلاً، وَلاَ صَغِيرًا، وَلاَ امْرَأَةً، وَلاَ تَغُلُّوا، وَضُمُّوا غَنَائِمَكُمْ، وَأَصْلِحُوا وَأَحْسِنُوا{ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ }», وقوله عليه الصلاة والسلام: « سِيرُوا بِاسْمِ اللَّهِ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ، وَلا تَمْثُلُوا، وَلا تَغْدِرُوا، وَلا تَغُلُّوا، وَلا تَقْتُلُوا وَلِيدًا » [رواه ابن ماجه، وقال الألباني: حسن صحيح].
فعبثت يد التحريف فجعلت الجهاد حال القوة دمارًا شعاره: "اهلكوا الشيخ والشاب والعذراء والطفل والنساء"، وجعلت الصبر حال الضعف خنوعًا شعاره: "من ضربك على خدك إلايمن فأدر له خدك الأيسر"، وصنوه: "دع ما لله لله وما لقيصر لقيصر".

(2) الأمم المتحدة هي البديل الذي تفتق عنه ذهن الاحتلال الغربي للعالم؛ فبدلاً من أن يدفعوا الضريبة العسكرية الباهظة لاستمرار الاحتلال أوجدوا تلك المنظمة التي تكبِّل الضعفاء بقوانين تمنعهم حتى من إنتاج الأسلحة الإستراتيجة التي تفوق بها الغرب، في حين تعجز هذه المنظمة عن منع أي أحد من الأقوياء من التمادي في غيه، لا سيما إذا كان كيانًا ذا وجه مكشوف كإسرائيل لا يهمه حتى التجمل والظهور بمظهر المحترم للمواثيق الدولية!.

(3) الدكتور "حازم فاروق" والدكتور "محمد البلتاجي" عضوا الكتلة البرلمانية عن الإخوان المسلمين فى مصر كانا على متن هذه القافلة، وقامت الخارجية المصرية باستلامهما من العدو الصهيوني؛ فجزاهما الله خيراً على دعم إخوانهم فى غزة، وجزى الله كل من أعان على عودتهما إلى أهليهم وذويهم سالمين.

(4) ما أجبنهم حتى وهم يواجهون العزل لم يقدروا على مواجهتهم إلا وهم يصلون.

(5) أكرم الله تلك الجباه، ورفع منازل أصحابها فى عليين.

(6) قد تظن إسرائيل والأعداء عمومًا أن توجيه إهانة معنوية لأشخاص الإسلاميين لا سيما ممن له وضع اجتماعي مميز سوف يفت في عضدهم، وفي الواقع فإنها- باذن الله- تزيد من إصرار أهل الحق، وتقوي عزائمهم، وما أجمل فعل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- حينما قص عليه عبد الله بن حذافة- رضي الله عنه- خبره مع ملك الروم، وأنه عرض عليه أن يقبل رأسه، ويطلق سراحه؛ فأبى عليه إلا أن يطلق سراح جميع أسرى المسلمين، فوافق فقبل عبد الله بن حذافة رأسه؛ فقام عمر وقبَّل رأس عبد الله بن حذافة- رضي الله عنها-، وقال: "حق على كل مسلم أن يقبل رأس عبد الله بن حذافة"، فوالله لو استطعنا أن نقبل رأس الدكتور حازم وإخوانه ممن لم يرقب اليهود فيهم إلاً ولا ذمة فجردوهم من ملابسهم لفعلنا.

(7) طالبت السلطة الفلسطينية المجتمع الدولي أن يقوم بواجبه تجاه فك الحصار عن غزة، وتجاه القرصنة الإسرائيلية على سفن المساعدات، ولم يفتها أن تذكر حماس بضرورة التوقيع على ورقة المصالحة، وكأنه لا يوجد ما يشغلها في الدنيا إلا عودة السيطرة على قطاع غزة، وإن لم يقدموا للقطاع شيئًا!.

(8) تزامنت الدعوة إلى القومية التركية في تركيا مع الدعوة إلى القومية العربية في بلاد العرب؛ لأن الأعداء أدركوا صعوبة أن يتقبل العرب في ذلك الوقت التشرذم الكامل، ثم سرعان ما بث الأعداء الخصومات بين العرب، وأجَّجوا نيران الوطنية بين العرب بعضهم بعضًا، حتى رأينا شعبين مسلمين عربيين يتسابان عبر وسائل الإعلام من أجل مباراة كرة قدم، وكم يغبط المرء المجتمع الجزائري الذي شارك عدد كبير من رموز صحوته الإسلامية المباركة في هذه القافلة، ونقول: هذا هو الفخر لمن أراد أن يفاخر، وأما فخر- بل سب وطعن- جمهور الكرة فنبرأ إلى الله منه، ونسأل الله أن يرفعه عن جميع بلاد المسلمين.
وها هي تركيا تتخلى على المستوى الشعبي- بل الرسمي- عن الشعار البغيض: "تركيا للأتراك"، وأصبحت تركيا من أهم مناصري القضية الفلسطينية، حتى أصبحت تركيا تحث مصر التي خاضت كل الحروب العربية الإسرائيلية بمزيد من الضغط على إسرائيل، وإننا إذ نرحب بتنامي الاهتمام التركي بالعالم الإسلامي نود أن نرى تنافسًا بيِّنًا في هذا المجال {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين:26]، وهل يليق أن تتسارع خطوات تركيا على طريق النصرة الإسلامية بينما تتباطأ خطوات العرب الذين هم أولى بحكم الجوار، وبحكم نزول القرآن بلغتهم وتدوين الشريعة بها؟!.

(9) رغم زخم الحدث بالمواقف التي تستحق التوقف عندها إلا أن هذا لا يمنعنا من الوقوف أمام هذا الحدث الفريد لعدة اعتبارات، منها: أننا معشر المسلمين نشعر بأن جزءًا من أهم أهدافنا قد تحقق عندما يهدي الله على أيدينا من شاء من عباده « لأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلاً خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ » [متفق عليه]، و كما خرج النبي- صلى الله عليه وسلم- من عند الغلام اليهودي الذي أسلم على فراش الموت فرحًا قائلاً: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَنْقَذَهُ بِي مِنَ النَّارِ» [رواه أبو داود، وصححه الألباني].
كما أن حالات إسلام هؤلاء الذين لا ينتظرون من وراء إسلامهم إلا المتاعب ترد على الـ "بي. بي. سي" وغيرها من أبواق التنصير الذين يبالغون فيما يسمونه بـ"ظاهرة المتنصرين" من أمثال: "رحومة، ونجلاء الإمام"، وهم ما بين لص أو بائع دينه لمن يشتري كما لا يخفى من أحوالهم، وأما المهتدون إلى الإسلام؛ فظاهرة يعترف الغرب أنها تهدد وجوده ككل.

(10) تبذل قوى الشرك العالمية مجهودات جبارة لكسر عقيدة الولاء والبراء عند المسلمين؛ لعلهم أن يستطيعوا إلغاءهم من التاريخ كأمة، وهو مسلك يهودي قديم حتى كان اليهود يتعاطسون عنده- صلى الله عليه وسلم- رجاء أن يدعو لهم: "يرحمكم الله"، فيتذرعون بها أنهم من المرحومين لا من المغضوب عليهم؛ فكان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يدعو لهم: «يَهْدِيكُمُ اللَّهُ » [رواه الترمذي، وصححه الألباني].


وللقوى المعاصرة في ذلك أساليب تتفاوت بين الترغيب والترهيب، ومن الترغيب إغراء كثير من المسلمين بمحاولة تقديم صورة مغلوطة عن منهج الإسلام مع العقائد المخالفة؛ فبدلاً من بيان عور هذه المناهج ودعوة أصحابها إلى التوبة صار من المسلمين من يقول: إن إلاسلام يحترم عقيدة الآخر إلى الحد الذي يأخذ فيه بعض دعاة إلاسلام رسالة دكتوراه في تعامل الإسلام مع الآخر من عند هذا الآخر، كما حصل الأستاذ "عمرو خالد" على رسالة دكتوراه في هذا الموضوع من جامعة "ويلز"، وهو الآن في مرحلة تصويب الأخطاء الإملائية في الرسالة؛ لاعتمادها بصورة نهائية، ولا ندري هل سيجد وقتًا لكي يعلق على هذا الحادث الهمجي أم أن انشغاله بالرسالة سوف يعوقه عن ذلك؟!.


وأما من لم يجدِ معه الترغيب فيمكن الترهيب كما حدث مع "قناة الرحمة" التي أوقف بثها أو غير ترددها على "النايل سات"؛ فخرج مديرها فقدم تنازلات فجة في هذا الباب أصلح مشرفها الشيخ "محمد حسان" شيئًا منها في حوار له على قناة الجزيرة، وإن كنا نتمنى أن تستثمر القناة الحدث، وتنفي كل ما قيل من كلام يخالف الشرع صراحة، وتبيِّن المنهج الصحيح في هذه القضية دون مواربة، ودون أن تعلق الأمر على مجرد الاعتداءات اليهودية، بل بيان أن نشر الحق وإخراج العباد من ظلم الأديان إلى عدل إلاسلام هو الهدف الأسمى للدعوة الإسلامية، وإن لم يعتدِ الكفار علينا؛ فكيف إذا اعتدوا؟!.

(11) تحرك المجتمع الدولي بجميع مؤسساته لوقف ما أسموه بالاستخدام المفرط للقوة من قِبَل الحكومة السودانية ضد عصابات وقُطاع طرق في "دارفور"، وهم في النهاية من جملة الشعب السوداني، وعقدت محاكمات دولية غيابية، وأدين اثنين من الضباط السودانيين فيها، ثم أدين الرئيس السوداني نفسه؛ بحجة تستره على المجرمين.
بينما يترك المجتمع الدولي حكومة تمارس كل أنواع الاحتلال مع العنف والقهر ضد شعب يخالفها دينًا ونسبًا، بل تقتل كل من يريد أن يقدم المساعدة، والمجرمون معرفون بالاسم يخرجون على وسائل الإعلام يفخرون بفعلهم، ومع ذلك فالمجتمع الدولي ما بين مستنكر وهو يعلم أن استنكاره لن يقدم ولن يؤخر، وبين مطالب لإسرائيل أن تجري هي بنفسها التحقيق مع ضباطها، ومع ذلك ما زال هناك مَن يطالب المسلمين بالاندماج في الشرعية الدولية.
 

المصدر: موقع صوت السلف

عبد المنعم الشحات

أحد المشايخ البارزين بمسجد أولياء الرحمن بالاسكندرية للدعوة السلفية و منهجه منهج أهل السنة و الجماعه و سلف الأمة من الصحابة و التابعين لهم باحسان

  • 0
  • 0
  • 4,847

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً