شعار: ‫‏قولا واحدا‬

منذ 2016-07-09

- هذا واجب قولا واحدا
- هذا حرام قولا واحدا
- هذه بدعة بلا خلاف
وهذا مستحب ولا نزاع
أحصيت له في دقائق مررت فيها بمجلسه مثل تلك العبارات القوية أكثر من عشر مرات تقريبا
هو شاب أعرفه جيدا حديث عهد بالتزام وتسنن لم يمر عام على طلبه للعلم و ربما لم يكمل بعد قراءة كتابه الأول في الفقه ناهيك عن أصوله
كان ذلك في أحد المساجد بعد انتهائنا من صلاة التراويح برمضان و الشاب جزاه الله خيرا قد جمع نفرا من الشباب يعلمهم بعض أحكام الوضوء والصلاة 
سعدت بالمشهد للغاية و دعوت للأخ و غبطته على همته وسرني إقبال الشباب عليه ذلك الإقبال الذي نراه كثيرا في رمضان و نفتقده فيما دونه إلا من رحم
لكن ما آلمني هو كثرة ترداده لهذه الجملة و مشتقاتها 
قولا واحدا!!
لم أكن لأتألم كثيرا لو كانت تلك المسائل فعلا من مسائل الإجماع أو أن الأخ قد جاء في معرض حديثه بمن نقلوا هذا الإجماع لكن العجيب أن كثيرا من تلك المسائل كانت فعلا مما يسوغ فيه الخلاف بل لا أكون مبالغا إن قلت أن بعض ما قال فيه بثقة أنه كذا بلا خلاف و قولا واحدا هي أمور يرى جمهور العلماء سلفا وخلفا بخلاف ما يرى الأخ صاحب القول الواحد أو شيخه الذي لقنه هذا الأسلوب
ببساطة شديدة لقد ألغى الأخ اجتهاد مالك في مسألة و أقصى قول الشافعي في أخرى و لم يعتبر رأى أبي حنيفة قولا في ثالثة و تجاهل قول أحمد في مسألة رابعة و هكذا
بل ربما اجتمع أكثرهم على قول رأى شيخه بخلافه فاعتبر الأخ اجتماعهم كأن لم يكن
هكذا بكل بساطة
أعلم جيدا أن نقل الأقوال و تفصيل المسائل وفقهها المقارن قد لا تناسب بعض المتلقين وخصوصا في بداية الطلب وأعلم أنه للمعلم أن يكتفي في المراحل الأولية بنقل القول الراجح بدليله لعدم التشغيب على المتلقي وتشتيته و قد يكون اكتفاؤه بذكر الأثر الصحيح أولى للامتثال
لكنني أتكلم هنا عن طريقة تفكير و اجتراء غير عادي ينتقل عند البعض إلى سائر ممارساتهم لتصير ثقافته ثقافة القول الواحد و يصبح دائما في نظر نفسه صاحب الحق المطلق في كل صغير و كبير و كل شاردة وواردة
إنها نظرية احتكار الحقيقة و ازدراء كل مخالف و احتقار رأيه و إن لم يصرح بذلك بلسان المقال فيكفيه لسان الحال و الجواب الدائم لأي سؤال ب...
قولا واحدا!!
إن نفي أصحاب هذا النمط لجهد و رأى المخالف بكل أريحية صار منهجا و طريقا نراه للأسف في الكثير من الشباب حديثي العهد بطلب العلم وهم للأسف قد ورثوه عن كثير ممن علموهم
أولئك الذين كان دوما لسان حالهم هذا هو القول الفصل ولا تسمع لغيري فيه ولا تسمح لأحد أن يناقشك في تفصيله أصلا
إن من أهم أخلاق العالم و المتعلم التواضع للعلم و معرفة أن من فوقه دوما عليم و أنه ما أحصى العلم إلا قائله و من ثم لم يجترىء بهذه الطريقة و قد وسع من هم أعلم من ملء الأرض من مثله أن يقولوا حين لا يبلغهم خلافا في مسألة : "لا أعلم فيها خلافا" ويزينوا كلامهم في الأمور المختلف فيها بتأكيدهم أن هذا هو الراجح (عندهم)
تأمل... لا يعلم خلافا .. وعنده
لكن أن يُنفَى اجتهاد المجتهدين و بذل المصنفين و تحقيق الأثبات الراسخين بكل بساطة فهذا مفتتح ما نراه اليوم من البعض من زعم لامتلاك الحقيقة المطلقة في كل أمر حتى لو لم يكن من أمور الإجماع ومن ثم يتم نفيها عن غيرهم ويحدث ما نراه من احتقار ونفي لجهد الآخرين تماما وكأن لم يكن حتى لو كان هؤلاء الآخرون = سادات العلم وأئمة الملة وجمهور المذاهب المعتبرة..
فقط لأن الأخ فلان والأخ علان والأخ ترتان قد قرروا أن يكونوا من أهل هذا النمط والشعار
شعار: ‫‏قولا واحدا‬
من كتابي ‏أنماط‬
 

  • 0
  • 1
  • 8,916

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً