رد فتاوى الصغار بجواز تسليم المسلمات إلى الكفار

منذ 2010-09-18

نصارى مصر ليسوا دولة مستقلَّة، ولم يقع صلْحٌ بين المسلمين وبينهم على أن يُردَّ إليهم مَن رغب منهم في الإسلام، فنصارى مصر ما هم إلا أقلِّية مُشَرذمة وطائفة قليلة، تَقْبع تحت حكم المسلمين ..


الحمد لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله خير خلْق الله أجمعين، وعلى آله وأزواجه وأصحابه الأخيار الطاهرين، وبعد:

فإن الفتوى من الأمور الجليلة العظيمة في الإسلام، وإفتاء الناس وإبلاغهم حكْمَ الله أمر له أهميته الكبيرة ومنْزلته الرفيعة في الدِّين؛ فقد كان النبي صلَّى الله عليه وسلَّم يتولَّى بنفسه أمر الفتوى في حياته مُبلِّغًا عن ربه، وهذا من مقتضيات النبوة والرسالة، قال الله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44].

والعلماء والمفْتُون هم ورثة النبي صلَّى الله عليه وسلَّم وخلفاؤه في أداء هذه الوظيفة العظيمة، وفي تحمُّل تلك المسؤولية الخطيرة، فالمفتي مُوقِّع عن الله تعالى كما قال التابعي الجليل محمد بن المنكدر: "العالِمُ موقِّع بين الله وبين خلْقه، فلْينظر كيف يَدخل بينهم"[1].

والمفتي يجب أن يكون عالمًا بالمسألة التي سيُفتِي فيها، باذلاً جهده، ومستفرغًا وُسْعَه في الوصول إلى الحكم الشرعي، مخْلِصًا في إبلاغ الحقِّ بلا مجاملة أو مداهنة؛ فإنْ أقدَمَ على الفتوى بمجرَّد الخَرْص والظَّن، أو داهن فيها أو جامل، فقد قال على الله بغير علْم، وكذَبَ على الله ورسوله صلَّى الله عليه وسلَّم وهو آثِمٌ، مرتكب لكبيرة من أكبر الكبائر.


قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 33].

وقال: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ} [النحل: 116].

ولا جرم أنَّ دوْرَ العلماء والمفْتِين هو بيان الحقِّ، والأمرُ بالمعروف والنهي عن المنكر، ودعوة الناس إلى التمسُّك بالدِّين، والذَّوْد عن حياضه بأن يَنْفوا عنه تحريف الغَالِين، وانتحالَ المبْطِلين، وتأويل الجاهلين، وافتراءات المرْجِفين، ومن هنا يأتي العلماء على رأس أهل الحَلِّ والعَقْد، وأولياء الأمور الذين يجب على كلِّ المؤْمنين احترامهم والالْتفاف حولهم، والرجوع إليهم وتقديم الدَّعْم الكافي لهم؛ لِيَقوموا بوظائفهم الشرعية.

لكننا للأسف الشديد ابتُلِينا في زماننا هذا بمن يَنسبون أنفسهم لأهل العلم والفتوى، لكنَّهم يخونون الأمانة ويخدعون الناس، ويَبْغون إلباس الأمَّة ثياب الصَّغار، تَعمل فتاواهم في المسلمين عمَل المخدِّرات في الجسد، فتخرِّب دينهم، وتثبِّط عزائمهم، وتؤصِّل لِخُنوعهم، وتسلمهم لأعدائهم لقْمة سائغة.


ومن هذه الفتاوى ما تناقلَتْه بعض وسائل الإعلام نقلاً عن بعض المنتسبين زورًا لأهل العلم من جواز تسليم الأخت المسلمة "كاميليا شحاتة" إلى الكنيسة المصرية؛ قياسًا على ما وقع في صُلْح الحديبية من الاتِّفاق على ردِّ مَن أراد الإسلام من قريش إلى الكفار.


والحق أن هذا كلام بعيد عن الصواب، واستدلال باطل من وجوه، منها:

أوَّلاً: أن تسليم المسلمين للكفار مخالِفٌ للنصوص الشرعية القاطعة، الدالَّة على عدم جواز تسليم المسْلِم لمن يؤذيه؛ قال رسولنا صلَّى الله عليه وسلَّم: «المسْلِم أخو المسلم، لا يَظْلمه ولا يُسْلِمه»[2]، وفي رواية «ولا يخذله»[3].
قال ابن حجر: "وقوله: «ولا يسلمه»؛ أيْ: لا يتركه مع مَن يؤذيه ولا فيما يؤذيه، بل ينصره ويدفع عنه"[4].

ثانيًا: أن النصوص الشرعية دلَّت على وجوب تحرير المسلم الأسير من أَسْر أعدائه من الكفار، فكيف نُبِيح تسليمه لهم؟!
قال النبي الكريم صلَّى الله عليه وسلَّم: «فُكُّوا العاني»؛ يعني: الأَسِير[5].
قال ابن بطال: "فكاك الأسير واجب على الكِفَاية"[6].

ثالثًا: أن ما وقع في صلح الحديبية لا يمكن أن يُستدلَّ به الآن في حقِّ الأخت "كاميليا شحاتة" وغيرها من الأخَوات الأَسِيرات؛ لاعتبارات، منها:

الأول: أنه قد وقع استثناء النِّساء من الردِّ إلى الكُفَّار باتِّفاق العلماء؛ لقول الله تعالى: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: 10].

قال ابن العربي في سبب نزول هذه الآية: "ثبَت أنَّ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم لما صالَحَ أهل الحديبية كان فيه أنَّ مَن جاء من المشركين إلى المسلمين رُدَّ إليهم، ومن ذهب من المسلمين إلى المشركين لم يرد؛ وتم العهد على ذلك، وكان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ردَّ أبا بصير عتبة بن أسيد بن حارثة الثقفي حين قَدِم، وقدم أيضًا نساء مسْلِمات منهنَّ أمُّ كلثوم بنت عقبة بن أبي مُعَيط، وسبيعة الأسلمية، وغيرهما، فجاء الأولياء إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فسألوه ردَّهن على الشرط، واستدعوا منه الوفاء بالعهد، فقال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: «إنَّما الشرط في الرجال لا في النساء»[7].


وقال ابن قدامة: "وتفارِقُ المرأةُ الرَّجل من ثلاثة أوجه:
أحدها: أنَّها لا تَأْمن من أن تُزَوَّج كافرًا يستحلُّها‏، أو يُكرِهها من ينالها، وإليه أشار الله تعالى بقوله‏:‏ {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: 10].
والثاني: أنها ربما فُتِنت عن دينها؛ لأنها أضعف قلبًا، ‏وأقلُّ معرفة من الرجل.
والثالث: أن المرأة لا يمكنها في العادة الهرب والتخلُّص، بخلاف الرجل"[8].
ويضاف إلى ذلك ما ذكره ابن تيميَّة: "أنه يُستباح في دار الكفر من المرأة المسلمة ما لا يستباح من الرجل"[9].

الثاني: أن فعل النبي صلَّى الله عليه وسلَّم في صلح الحديبية جاء بناء على وحْي أخبرَه أنَّ المسلمين الذين سيتم رَدُّهم لن يُصابوا بأذًى في دينهم ودنياهم، وهذا لا يمكن لأحد بعد النبي صلَّى الله عليه وسلَّم.

قال ابن حزم: "إن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم لم يردَّ إلى الكفار أحدًا من المسلمين في تلك المدَّة إلاَّ وقد أعلمه الله عزَّ وجلَّ أنهم لا يُفتَنون في دينهم ولا في دنياهم، وأنهم سيَنجُون ولا بدَّ.

فعن أنس أن قريشًا صالحوا النبي صلَّى الله عليه وسلَّم فاشترطوا على النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّ من جاء منكم لم نردَّه عليكم، ومن جاء منا رددْتُموه علينا، قالوا: يا رسول الله، أتكتب هذا؟ قال: «نعم؛ إنَّه مَن ذهب منا إليهم فأبعَدَه الله، ومن جاء منهم إلينا فسيَجعل الله له فرَجًا ومخرجًا».

قال أبو محمد (ابن حزم): قد قال الله عزَّ وجلَّ واصفًا لنبيه صلَّى الله عليه وسلَّم {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى . إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3 - 4]، فأيقنَّا أنَّ إخْبار النبي صلَّى الله عليه وسلَّم بأنَّ من جاءه مِن عند كُفَّار قريش مسلمًا فسَيَجعل الله له فرجًا ومخرجًا وحيٌ من عند الله صحيح، لا داخلة فيه، فصحَّت العصمة بلا شكٍّ من مكروهِ الدنيا والآخرة لمن أتاه منهم، حتى تتمَّ نجاتُه من أيدي الكفار، لا يستريب في ذلك مُسْلِم يحقِّق النظر.
وهذا أمر لا يعلمه أحد من الناس بعد النبي صلَّى الله عليه وسلَّم ولا يحلُّ لمسلم أن يشترط هذا الشرط، ولا أن يَفِي به إن شرَطَه؛ إذْ ليس عنده من علم الغيب ما أوحى الله تعالى به إلى رسوله"[10].

وقال ابن العربي: "فأما عقْدُه على أن يردَّ مَن أسلم إليهم فلا يجوز لأحد بعد النبي صلَّى الله عليه وسلَّم وإنما جوَّزه الله له؛ لِمَا علم في ذلك من الحكمة، وقضَى فيه من المصلحة، وأظهر فيه بعد ذلك من حُسن العاقبة، وحميد الأثر في الإسلام ما حمَل الكفار على الرِّضا، والشفاعة في حطِّه"[11].

الثالث: ذهب بعض أهل العلم إلى أنه "خبر منسوخ، نسَخَه قولُ الله تعالى بعد قصة أبي جندل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: 10]، فأبطل الله تبارك وتعالى بهذه الآية عهدهم في ردِّ النساء.


ثم أنزل الله تعالى: (براءة) بعد ذلك، فأبطَل العهد كلَّه، ونسَخَه بقوله تعالى: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ . فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} [التوبة: 1 - 2]، وبقوله تعالى في (براءة) أيضًا: {كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [التوبة: 7]، الآيةَ، فأبطل تعالى كلَّ عهْد للمشركين حاشا الذين عاهدوا عند المسجد الحرام.

وبقوله تعالى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة: 5].

وقال تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29].

فأبطل الله تعالى كلَّ عهد ولم يُقِرَّه، ولم يجعل للمشركين إلاَّ القتل، أو الإسلام، ولأهل الكتاب خاصَّة إعطاء الجزية وهم صاغرون"[12].

الرابع: أن ما وقَع من النبي صلَّى الله عليه وسلَّم كان ردًّا للمسلمين، وليس تسليمًا لهم، وهناك بَوْنٌ شاسع وفرق كبير بين الردِّ والتسليم، فالردُّ هو أن تَترك المسلم وتخلِّي بينه والكافر، دون أن تَجْبر المسلم على الرجوع للكافر، ودون إعانة للكافر على المسلم.

فقد جاء في كتاب "أسْنَى المطَالِب": "ومعنى الردِّ له التخلية بينه وبينهم، كما في ردِّ الوديعة، لا إجْباره على الرُّجوع؛ إذْ لا يجوز إجبار المسلم على الإقامة بدار الحَرْب، فلو شرط في العقد أن يبعث به الإمام إليهم لم يَصِح"[13].


وقال الماوَرْدي: "فصفة الردِّ أن يكون إذنًا منه بالعود، وتمكينًا لهم من الردِّ، ولا يتولاَّه الإمام جبرًا إن تمانَعَ المردود، وكذلك أَذِن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لأبي جندل وأبي بصير في العود، فإن أقام المطلوب على تمانُعِه من العود، قيل للطالب: أنت مُمَكَّن من استرجاعه، فإذا قدرتَ عليه لم تُمنع منه، وإن عجزت عنه لم تُعَن عليه"[14].

بل ويستحَبُّ للإمام أن يأمر المسلم بعدم الرجوع مع الكفار، وأنْ يطالبه بأن يَهْرب إن استطاع الفرار، كما قال الشيخ زكريا الأنصاري: "ولا يُمنع الإقامة عندنا، بل يُؤمر بها ندبًا سرًّا، بأن يقول له الإمام سرًّا: لا تَرجع، وإن رجعْتَ فاهرب إن قدرت، ويقول للطالب: لا أمنعك منه إن قدرتَ عليه، ولا أُعِينك إن لم تقدر"[15].

وقال بعض العلماء: "لا يصح شرط ردِّ المسلم إلاَّ أن يكون له عشيرة تحميه وتمنعه"[16].

قال ابن حزم في بيان وجوه عدم حُجَّية حادثة ردِّ أبي جندل على المشركين "أنه عليه السلام لم يردَّه حتى أجاره له مكرز بن حفص من أن يُؤْذَى"[17].


فأين هذا من حالة "كاميليا" التي خُطِفت وأُخِذت عنْوةً واغتصابًا، ثم سُلِّمت قهرًا لزبانية الكنيسة دون شفقة أو رحمة، وهي المسكينة التي لا حول ولا قوة لها؟!


الخامس: أن نصارى مصر ليسوا دولة مستقلَّة، ولم يقع صلْحٌ بين المسلمين وبينهم على أن يُردَّ إليهم مَن رغب منهم في الإسلام، فنصارى مصر ما هم إلا أقلِّية مُشَرذمة وطائفة قليلة، تَقْبع تحت حكم المسلمين وتخضع لسلطانهم، ومن ثَم فلا وجه لقياس ما تم في صلح الحديبية على حادثة "كاميليا" وأخواتها الأسيرات.

ومما سبق يظهر جليًّا بحمد الله خطأُ ما ذهب إليه أولئك المرْجِفون، وفسادُ قِياسهم، وسقوطُ استدلالهم، وضعف حُجَجِهم، ومخالفتُها للنصوص الشرعية القاطعة.


وهكذا دائمًا تجد أهل الباطل لا تستقيم لهم حجَّة، ولا يصحُّ لهم استدلال؛ لأنَّ الباطل لَجْلَج، لن تقوِّيه دعاوى المبْطِلين، ولن تُقِيمه فتاوى المداهنين.

"فحقيق بمن لِنَفسه عنده قدْرٌ وقيمة ألاَّ يلتفت إلى هؤلاء، ولا يرضى لها بما لديهم، وإذا رفع له علم السُّنة النبوية شمَّر إليه، ولم يَحبس نَفسه عليهم، فما هي إلا ساعة حتى يُبَعثَر ما في القبور، ويحصَّل ما في الصدور، وتتساوى أقدام الخلائق في القيام لله، وينظر كلُّ عبد ما قدَّمَت يداه، ويقع التمييز بين المحقِّين والمبطلين، ويعلم المعرضون عن كتاب ربهم وسنة نبيِّهم أنهم كانوا كاذبين"[18].


نسأل الله أن ينوِّر بصائرنا، وأن يرينا الحق حقًّا ويرزقنا اتِّباعَه، وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وألاَّ يجعل مصيبتنا في ديننا، ولا يجعل الدنيا أكبر همِّنا ولا مبلغ علمنا، وأن يستعملنا في خدمة الدِّين، وأن ينصر عباده المستضعفين من الموحِّدين.
وصلَّى الله وسلَّم وبارك على عبده ورسوله محمَّد خير الأنام، وعلى آله وأزواجه وأصحابه ومَن تَبِعهم بإحسان.


إيهاب كمال أحمد

------------------------------------

[1] "الفقيه والمتفقِّه"، للخطيب البغدادي (2/254).
[2] أخرجه البخاري (2262)، ومسلم (4677).
[3] مسلم (4650).
[4] "فتْح الباري"، (7/346).
[5] أخرجه البخاري (2794).
[6] "فيض القدير"، (4/443).
[7] "أحكام القرآن"، (4/229).
[8] "المغني"، (10/519).
[9] "مجموع الفتاوى"، (32/177).
[10] "الإِحكام في أصول الأَحكام"، (5/26) باختصار.
[11] "أحكام القرآن"، ( 4/231).
[12] "المحلَّى" (5/362).
[13] "أسْنَى المطالب"، (21/256).
[14] "الحاوي"، ( 14/812).
[15] "أسنَى المطالب"، (21/256).
[16] "المغني"، (10/517).
[17] "المحلَّى"، (5/362).
[18] "إعلام الموقعين عن ربِّ العالمين"، لابن القيِّم (1/7).

 

المصدر: موقع الألوكة
  • 0
  • 0
  • 5,915

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً