معركة الموصل ..إلى أي حقائقٍ تُوصل؟ (3)

منذ 2016-12-18

ويظل المجاهدون السُّنة بشتى فصائلهم في عالمنا الإسلامي – وبرغم كل ما يُؤخذ عليهم، وما يُنقم منهم - في طليعة المشوار الصعب، والمهام العظام، والمخاطر الجسام في ظل ظرفٍ مظلمٍ طويلٍ لابديل في الأفق الظاهر للأمة عنهم، ولا شوكة دفاع في وجه الشرك العالمي غيرهم، صحيح أنهم ليسوا ملائكة كما يراهم أنصارهم؛ لكنهم ليسوا شياطين كما يصورهم خصومهم، إنهم جزء من حالة الأمة الراهنة بظروفها الواهنة، وهم قطاع من إخفاقاتها أوطموحاتها

لاتزال (معركة الموصل) وما يتعلق بها؛ وكذلك (معركة حلب) وما ينتج عنها؛ وكذا (معركة تدمُر) وما قد يجرى فيها؛ لاتزال جميعها - وما سوف يتفرع منها - تدفع برسائل، وتدمغ بحقائق من المهم استحضارها لفهم ما جرى واستشراف ما سيجري في (الحرب العالمية على أهل السُّنة) تلك التي أطلقتها أمريكا قبل خمسة عشر عاماً، وسمتها تمويهاً وتزييفاً : "الحرب العالمية على الإرهاب" وهي الحرب التي يبدو- والله أعلم - أنها ستتواصل فصولاً حتى تتابع وصولاً بأمتنا والعالم إلى مرحلة الدخول فيما بوب له علماء الحديث بـ (الفتن والملاحم).."فتن" الوقيعة بالقتال بين المسلمين والمسلمين، و"ملاحم" الوقائع والمعارك الكبرى بين الكفار والمسلمين...
ومن الحقائق التي تبعث بها تلك المعارك إضافة لما سبق:
• أن الرئيس الأمريكي (المنصرف) وضع - من حيث لا يدري- كثيرًا من الألغام أمام خَلَفه المتخلف، عندما دفع بأوباش الشيعة ومَرَدَة الأكراد دفعاً لغزو طائش متعجل لأرض الموصل؛ فورَّط هذا (الرئيس المأزوم -أوباما) بتسرعه أمريكا مجدداً في العراق ، مدفوعاً بوساوس المجد الشخصي، مخلوطاً بأوهام المجد القومي، مثلما ورَّطها (الرئيس المهزوم - بوش) في العراق بعد أفغانستان؛ مدفوعاً بأحلام التفرد بالقطبية الواحدة من خلال (مشروع القرن الأمريكي) الذي أفشله المجاهدون في بلاد الرافدين، فكان بدايةً لنهاية التفرد بالتشرد والتمرد الأمريكي في قيادة العالم.. وبهذا يكون الرئيسان التعيسان (بوش وأوباما) قد مهدا لعهدٍ من البؤس واليأس، وحقبة من الارتباك وخلط الأوراق..لا لأمريكا وحدها، ولكن لكل من يدور في فلكها..
• أن رئيس الروس – بوتين - الذي ظل يتفاخر بأنه لايزال يحتفظ ببطاقة عضوية (الحزب الشيوعي)! والذي ظل يتطلع بهوس إلى إعادة "أمجاد" عهد الشيوعية، بنكهة صليبية أرثوذكسية، على أنقاض الرأسمالية البروتستانتية، هذا البوتين أراد مقايضة الموصل بحلب، فعاش لحظات نشوة انتصارٍ عابرةٍ في حلب بسبب (الهولوكوسكت) أو المحرقة التي سماها معركة، على طريقة (جروزني) بالشيشان؛ لكنه لم يكد يهنأ بذاك الانتصار، لا هو ولا جَرْوِه المُسمى بشار، وحُماته من شيعة الأشرار؛ بعدما فرت جنودهم جميعاً مذعورة مدحورة من مدينة تدمر، التي دمر اقتحامها خطط بوتين في أيام، وبدد كثيراً من مخططات روسيا منذ أعوام، خاصة بعد أن تدخلت أمريكا بطائراتها وغاراتها بصورة استفزازية انتهازية، لتقول للروس والمجوس- بلسان الحال والمقال: اتركوا المجال للرجال، وكأن الجندي الأمريكي الخوَّار"البوَّال" في ميادين القتال.. أصبح هو زينة الرجال!
• ومن الحقائق أن أحداث الموصل وحلب؛ أظهرت أن تركيا بدأت تفقد بوصلتها وتغير وجهتها؛ خاصة منذ عودتها مؤخراً إلى تطبيع العلاقات مع اليهود الغاصبين المعتدين، وتوثيق "التنسيق" مع الروس السفاحين، وغض الطرف عن تغرير الغرب، وتجاهل طغيان إيران؛ بل ومشاركتها بطريقةٍ مباشرةٍ أو غير مباشرة في العدوان، الذي تتعرض له حلب والموصل بدعوى " تطهيرهما" من "الإرهابيين" – كما اعترف بذلك مؤخراً- رئيس الوزراء التركي (علي يلدريم) الذي صرح في (2016/12/7): قائلاً: " تركيا كانت ولا تزال تبذل قصارى جهدها بغية إخلاء الأحياء الشرقية في حلب من الجماعات الإرهابية! والمساعي التي نبذلها كانت تهدف منذ البداية إلى طرد تلك الجماعات من حلب "!! وصرح أثناء زيارته لموسكو في (2016/12/8) أن أنقرة وموسكو بلغتا تفاهماً غير مسبوق في رؤيتهما إزاء التسوية في سورية." !!!...
وفي ظل الحق والحقيقة التي تقول: (لا يصح إلا الصحيح)..لانحتاج إلى توضيح أفصح من مثل ذلك التصريح؟!
• ومن تلك الحقائق؛ أن (النظام العربي) الذي عجزت جيوشه عن ردع اليهود لرد القدس وإنقاذ الأقصى؛ خلال مايقرب من (سبعين عاماً من الفشل)، هو هو ذات النظام الذي يواصل بجيوشه اليوم ذلك الفشل، ليس فقط في تحرير القدس التي يريد (ترامب الصهيوني) إعلانها قريباً عاصمةً موحدةً أبدية للدولة اليهودية؛ بل في أربع عواصم عربية سقطت تحت احتلال "عُمَّال" دولة الفُرس المجوسية! أما ما تبقى من الجيوش في ذلك النظام فهي تتراجع بانتظام أمام استباحة الأرض والعرض والثروات والمقدرات، بما جعل من بلاد أهل السُّنة نهباً متاحاً وكلأً مستباحاً، لكل كلاب الأرض وذئابها وضباعها حتى استمرأ كثيرٌ من العوام – في ظل تلك الأنظمة - مرارة الهزائم، ولم نعد نسمع من نداء ات التحرير لجامعته (العربية) سوى " تحرير" الموصل لتسليمها لإيران، و"تطهير" حلب من أهلها السُّنة لملء أحيائها بروافض الأفغان والباكستان!
• أما حكومات (الدول الإسلامية) التي شهدت تحالفاً عسكريا ًيتيماً، تحت مسمى (التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب) والذي أعلن عن تأسيسه في منتصف ديسمبر عام 2015؛ ليضم كلاً من باكستان وتركيا مع نحو 40 دولة عربية وإسلامية، تمثل معظم دول منظمة (التعاون الإسلامي) عدا إيران وسوريا والعراق والجزائر؛هذا التحالف الذي قيل في إعلانه الرسمي أنه يهدف إلى: "محاربة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره أيأً كان مذهبها وتسميتها"؛ لم نر منه – بعد عام من إعلانه - مجرد بادرةٍ لمحاربة (الإرهاب) الروسي في سوريا، أوالمجوسي في العراق، أو اليهودي في فلسطين، أوالبوذي في بورما!! لأن ذلك التحالف – على ما يبدو – لن يتحالف إلا ضد ما أُدرج على قوائم الإرهاب الأمريكية، التي صارت وقفاً على الجماعات السُّنية، حتى ولو كانت سلمية.!!
• ويظل المجاهدون السُّنة بشتى فصائلهم في عالمنا الإسلامي – وبرغم كل ما يُؤخذ عليهم، وما يُنقم منهم - في طليعة المشوار الصعب، والمهام العظام، والمخاطر الجسام في ظل ظرفٍ مظلمٍ طويلٍ لابديل في الأفق الظاهر للأمة عنهم، ولا شوكة دفاع في وجه الشرك العالمي غيرهم، صحيح أنهم ليسوا ملائكة كما يراهم أنصارهم؛ لكنهم ليسوا شياطين كما يصورهم خصومهم، إنهم جزء من حالة الأمة الراهنة بظروفها الواهنة، وهم قطاع من إخفاقاتها أوطموحاتها، وهم على حالهم يمثلون مرحلةً لا مفر من العبور من فوقها نحو آفاق أوسع أفقاً، وأوقع فهماً، وأرحب صدراً، وأقرب رُحماً وأوثق رباطاً، فالله ألهمنا وعامة الموحدين طريق السداد، وهدانا وإياهم سبيل الرشاد..

  • 2
  • 1
  • 4,298

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً