الصحفيون وفتوى اللجنة الدائمة في عمل الكاشيرات

منذ 2010-12-05

إن بعض البلاد يكون لها سبقٌ تعرف به، ولكن السبق سبقان؛ سبق إلى المشاريع التي تعود بالنفع للأمة في دينها ودنياها، وسبق إلى مشاريع لا خير للأمة فيها، بل الضرر المحض، وأعظم الضررين ما أضر الأمة في دينها وخلقها...


الحمد لله وحده، وصلى الله على من لا نبي بعده، أما بعد:
فإن بعض البلاد يكون لها سبقٌ تعرف به، ولكن السبق سبقان؛ سبق إلى المشاريع التي تعود بالنفع للأمة في دينها ودنياها، وسبق إلى مشاريع لا خير للأمة فيها، بل الضرر المحض، وأعظم الضررين ما أضر الأمة في دينها وخلقها، ومن الأمر المشهور أن لمدينة جدة سبقا في المشاريع التغريبية، ولم تزل فيها هذه القابلية في تاريخها القريب، يشهد بذلك واقعها، ومن شواهد هذا السبق ما قامت به الغرفة التجارية في جدة من تعيين عضوات وتلويح بعض مسؤوليها بإمكان تعيين امرأة في منصب أمين عام غرفة جدة، وأنه ليس في النظام ما يمنع من ذلك، وقد سبق الإنكار من صاحب المعالي الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد البدر وفقه الله مدير الجامعة الإسلامية في المدينة سابقا، في بيانه تعليقا على الخبر المنشور في صحيفة المدينة في عددها الصادر في 13/9/1431هـ، وقد ورد في خبر الصحيفة "أن غرفة جدة رائدة فيما يخص تمكين المرأة، وفسح المجال لها لإثبات كفاءتها" إلخ، وعلق الشيخ عبد المحسن على هذا بأنه "هو الواقع، فقد سبقت -أي غرفةُ جدة- غيرها من الغرف التجارية بجعل المرأة عضوا في مجلس إدارتها".


وعلق الشيخ عبد المحسن أيضا على ما جاء في الخبر من تبرير تعيين المرأة في منصب أمين عام الغرفة بخلو النظام مما يمنع من ذلك قائلا حفظه الله: "إن هذا فقه جديد، فيه نوع من المكر للوصول إلى منكر".


وقد شكر الشيخ عبدَ المحسن العباد على بيانه هذا وبياناته السابقة كلُّ غيور على دين الله وحرمات الله، والله نسأل أن يجزيه على ذلك أعظم الأجور.
ومن شواهد السبق في المشاريع التغريبية ما قامت به أسواق بندة ومرحبا في جدة من تعيين بنات على وظيفة محاسبات (كاشيرات)، وهذا السبق يدل على استعداد سابق لدى أصحاب هذه الأسواق، فمن حين جاء الإذن من وزارة العمل بتعيين النساء في الأسواق بادروا إلى ذلك.

وإني بهذه المناسبة، أدعو إلى مقاطعة الأسواق التي تعمل فيها النساء مع الرجال كأسواق بندة ومرحبا في جدة، لأن هذا أقل ما يستطاع من واجب الإنكار.
ومن فضل الله ونعمته في إقامة الحجة على أهل الأهواء أن صدرت الفتوى من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية في المملكة العربية السعودية بتحريم هذا المشروع التغريبي، وجاء في الفتوى ما نصه:

(لا يجوز للمرأة المسلمة أن تعمل في مكان فيه اختلاط بالرجال، والواجب البعد عن مجامع الرجال، والبحث عن عمل مباح لا يعرضها لفتنتها ولا للافتتان بها، وما ذكر في السؤال يعرضها للفتنة ويفتن بها الرجال، فهو عمل محرم شرعا، وتوظيفُ الشركات لها في مثل هذه الأعمال تعاون معها على المحرم، فهو محرم أيضا).


ومن دواعي الأسف ودواعي العجب أن هذه الفتوى من لجنة رسمية مخولة من ولي الأمر خادم الحرمين وفقه الله، ولم تسلم الفتوى ولم تسلم اللجنة من سفه سفهاء الصحفيين والكتاب المروجين للتغريب في هذه البلاد، إذ طفحت صحفهم بالتعليق على الفتوى واللجنة، سخرية واعتراضا واستنكارا، فلا احترام لصفتهم العلمية ولا لجهتهم الرسمية.


ومما يزيد الأمر عجبا أنْ نصبَ هؤلاء الصحفيون والكتاب أنفسهم علماء ومفتين، مع أن قرار قصر الفتوى الذي وجه به خادم الحرمين يحتم قصر الفتوى على هيئة كبار العلماء ومن يأذن لهم ولي الأمر، أَوَليس من المنطق أن المتطفلين على الفتوى بالحلال والحرام أحق بالمنع.

أليس لهؤلاء المتجاوزين لحدودهم مسؤول يقفهم عند حدهم؟! فأين وزير الإعلام، وهو المسؤول الأول؟! فهلا قام بما يليق به نحو هؤلاء السفهاء الذين شوهوا وجه المملكة بما ينشرونه من الباطل والجهالات! ولدينا قائمة بالأسماء والمقالات.


وبعد؛ فالإذن بتوظيف النساء محاسبات (كاشيرات) وتوظيف الشركات لهن في ذلك العمل هو جزء من مشروع تفعيل الاختلاط أو نشر الاختلاط، الذي جرى حوله في الماضي القريب خوض واسع ومغالطات مكشوفة، وليس لهذا المشروع التغريبي حد عند هواته ودعاته، فلم يزالوا ولا يزالون في طلب المزيد، حتى تفقد هذه البلاد تميزها بالمحافظة على الأعراض، أسأل الله ألا يتم لهم مايريدون من الميل العظيم، (ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما)، وليعلم أنه يشترك في إثم عمل المرأة مع الرجال المرأة نفسها ومن وظَّفها ووليُّها الذي أذن لها، فعلى أولياء النساء أن يتقوا الله فيهن وأن يقوموا بالواجب نحوهن من الرعاية والصيانة والإحسان، فإنهم عن الأمانة مسؤولون، وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

6 ذو الحجة 1431هـ.

 
المصدر: شبكة نور الإسلام

عبد الرحمن بن ناصر البراك

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود

  • 0
  • 0
  • 5,680

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً