دورة علمية ميسرة - الحلقة (15): أحكام قضاء الحاجة والوضوء

منذ 2017-01-30

مختصر الحديث حول أحكام قضاء الحاجة، وأحكام الوضوء وشروط الوضوء، وفروض الوضوء، وصفة الوضوء

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

أولًا: قضاء الحاجة:

بعض العوام يظن أن الاستنجاء من الوضوء، فإذا أراد أن يتوضأ؛ بدأ بالاستنجاء، ولو كان قد استنجى سابقًا بعد قضاء الحاجة، وهذا خطأ؛ لأن الاستنجاء ليس من الوضوء، وإنما هو من شروطه؛ كما سبق، ومحله بعد الفراغ من قضاء الحاجة، ولا داعي لتكراره من غير وجود موجبه.

  • إذا أراد المسلم دخول الخلاء -وهو المحل المعد لقضاء الحاجة- فإنه يستحب له أن يقول: بسم الله، أعوذ بالله من الخبث والخبائث. ويقدم رجله اليسرى حال الدخول، وعند الخروج يقدم رجله اليمنى، ويقول: غفرانك.
  • ويحرم أن يستقبل القبلة أو يستدبرها حال قضاء الحاجة، بل ينحرف عنها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن استقبال القبلة واستدبارها حال قضاء الحاجة.
  • وعليه أن يتحرز من رشاش البول أن يصيب بدنه أو ثوبه، فيرتاد لبوله مكانا رخوا، حتى لا يتطاير عليه شيء منه.
  • ولا يجوز له أن يمس فرجه بيمينه.
  • ولا يدخل موضع الخلاء بشيء فيه ذكر الله عز وجل أو فيه قرآن، فإن خاف على ما معه مما فيه ذكر الله؛ جاز له الدخول به، ويغطيه.
  • ولا ينبغي له أن يتكلم حال قضاء الحاجة؛ فقد ورد في الحديث أن الله يمقت على ذلك، ويحرم عليه قراءة القرآن.
  • فإذا فرغ من قضاء الحاجة؛ فإنه ينظف المخرج بالاستنجاء بالماء أو الاستجمار بالأحجار أو ما يقوم مقامها، وإن جمع بينهما؛ فهو أفضل، وإن اقتصر على أحدهما؛ كفى.
  • والاستجمار يكون بالأحجار أو ما يقوم مقامها من الورق الخشن والخرق ونحوها مما ينقى المخرج وينشفه، ويشترط ثلاث مسحات منقية فأكثر إذا أراد الزيادة.

أحكام الوضوء

يقول الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة من الآية:6] الآية.

فهذه الآية الكريمة أوجبت الوضوء للصلاة، وبينت الأعضاء التي يجب غسلها أو مسحها في الوضوء، وحددت مواقع الوضوء منها، ثم بين النبي صلى الله عليه وسلم صفة الوضوء بقوله وبفعله بيانًا كافيًا.

إن للوضوء شروطًا وفروضًا وسننًا، فالشروط والفروض لا بد منها حسب الإمكان؛ ليكون الوضوء صحيحًا، وأما السنن؛ فهي مكملات الوضوء، وفيها زيادة أجر، وتركها لا يمنع صحة الوضوء.

فالشروط هي:

  • الإسلام، والعقل، والتمييز، والنية؛ فلا يصح الوضوء من كافر، ولا من مجنون، ولا من صغير لا يميزه، ولا ممن لم ينو الوضوء؛ بأن نوى تبردًا، أو غسل أعضاءه ليزيل عنها نجاسة أو وسخًا.
  • ويشترط للوضوء أيضًا أن يكون الماء طهورًا، فإن كان نجسًا؛ لم يجزئه.
  • ويشترط للوضوء أيضًا أن يكون الماء مباحًا، فإن كان مغصوبًا أو تحصل عليه بغير طريق شرعي؛ لم يصح الوضوء به.
  • ويشترط للوضوء أيضًا إزالة ما يمنع وصول الماء إلى الجلد؛ فلا بد للمتوضئ أن يزيل ما على أعضاء الوضوء من طين أو عجين أو شمع أو وسخ متراكم أو أصباغ سميكة؛ ليجري الماء على جلد العضو مباشرة من غير حائل.

وأما فروض الوضوء -وهي أعضاؤه- فهي ستة:

أحدها: غسل الوجه بكامله، والله تعالى يقول: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} فأمر بغسل الوجه كله، فمن ترك شيئًا منه؛ لم يكن ممتثلًا أمر الله تعالى.

الثاني: غسل اليدين مع المرفقين، لقوله تعالى: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} أي: مع المرافق؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم: (أدار الماء على مرفقيه)، وفي حديث آخر: (غسل يديه حتى أشرع في العضد) مما يدل على دخول المرفقين في المغسول.

والثالث: مسح الرأس لقوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ}.

والرابع: غسل الرجلين مع الكعبين، لقوله تعالى: {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ و(إلى) بمعنى (مع)، وذلك للأحاديث الواردة في صفة الوضوء؛ فإنها تدل على دخول الكعبين في المغسول.

الخامس: الموالاة، وهي أن يكون غسل الأعضاء المذكورة متواليًا، بحيث لا يفصل بين غسل عضو وغسل العضو الذي قبله، بل يتابع غسل الأعضاء الواحد تلو الآخر حسب الإمكان.

هذه فروض الوضوء التي لا بد منها فيه على وفق ما ذكره الله في كتابه.

وقد اختلف العلماء في حكم التسمية في ابتداء الوضوء هل هي واجبة أو سنة؟

فهي عند الجميع مشروعة، ولا ينبغي تركها، وصفتها أن يقول: بسم الله، وإن زاد: الرحمن الرحيم، فلا بأس.

والترتيب؛ بأن يغسل الوجه أولا، ثم اليدين، ثم يمسح الرأس، ثم يغسل رجليه؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ والنبي صلى الله عليه وسلم رتب الوضوء على هذه الكيفية، وقال: «هَذَا وُضُوءٌ لَا يَقْبَلُ اللهُ الصَّلَاةَ إِلَّا بِهِ» رواه أبو داود وغيره.

واختلف في حكم المضمضة والاستنشاق ومسح الأذنين هل هو ركن أو واجب.

ويستحب للمتوضئ أن يغسل كفيه إلى الرسغين ثلاثًا في بداية الوضوء كما يستحب له التيامن (البدء باليمين من الأعضاء) ويستحب له التكرار ثلاثًا في الكل.

صفة الوضوء:

أن ينوي الوضوء لما يشرع له الوضوء من صلاة ونحوها.

  • ثم يقول: بسم الله.
  •  ثم يغسل كفيه ثلاث مرات.
  • ثم يتمضمض ثلاث مرات، ويستنشق ثلاث مرات، وينثر الماء من أنفه بيساره.
  • ويغسل وجهه ثلاث مرات، وحد الوجه طولًا من منابت شعر الرأس المعتاد إلى ما انحدر من اللحيين والذقن، واللحيان عظمان في أسفل الوجه: أحدهما من جهة اليمين، والثاني من جهة اليسار، والذقن مجمعهما، وشعر اللحية من الوجه؛ فيجب غسله، ولو طال، فإن كانت اللحية خفيفة الشعر؛ وجب غسل باطنها وظاهرها، وإن كانت كثيفة (أي: ساترة للجلد)؛ وجب غسل ظاهرها، ويستحب تخليل باطنها كما تقدم، وحد الوجه عرضا من الأذن إلى الأذن.
  • ثم يغسل يديه مع المرفقين ثلاث مرات، وحد اليد هنا: من رءوس الأصابع مع الأظافر إلى أول العضد، ولا بد أن يزيل ما علق باليدين قبل الغسل من عجين وطين وصبغ كثيف على الأظافر حتى يتبلغ بماء الوضوء.
  • ثم يمسح كل رأسه وأذنيه وصفة مسح الرأس أن يضع يديه مبلولتين بالماء على مقدم رأسه، ويمرهما إلى قفاه، ثم يردهما إلى الموضع الذي بدأ منه، ثم يدخل أصبعيه السبابتين في خرقي أذنيه، ويمسح ظاهرهما بإبهاميه.
  • ثم يغسل رجليه ثلاث مرات مع الكعبين، والكعبان: هما العظمان الناتئان في أسفل الساق.

ومن كان مقطوع اليد أو الرجل؛ فإنه يغسل ما بقي من الذراع أو الرجل، فإن قطع من مفصل المرفق؛ غسل رأس العضد، وإن قطع من الكعب، غسل طرف الساق؛ لقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وقوله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ»، فإذا غسل بقية المفروض؛ فقد أتى بما استطاع.

ثم بعد الفراغ من الوضوء على الصفة التي ذكرنا، يرفع بصره إلى السماء، ويقول ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأدعية في هذه الحالة، ومن ذلك: «أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِي مِنَ الْمُتَطَهِّرِينَ».

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

والله أعلم وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

مختصر مع تصرف يسير من كتاب الملخص الفقهي للعلامة صالح الفوزان

المصدر: فريق عمل طريق الإسلام
  • 3
  • 1
  • 22,823
المقال السابق
الحلقة (14): أنواع المياه وبعض أنواع النجاسات الشائعة
المقال التالي
الحلقة (16): أحكام المسح على الخفين ونواقض الوضوء

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً