مع القرآن - "وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا"
نعمة المطر والماء العذب يعرفها جيداً من حرمها فجدبت أرضه وقلت ثمراتها، نعمة البحار وتيسير الإبحار فيها ونقل أثقل البضائع وتسيير المصالح خلالها لا يعرف قدرها إلا من واجه مشقة السفر عبر الصحارى أو الجبال الشاهقة أو المتجمدة وتعطلت تجارته أو تأخرت وسائل معيشته، ونعمة الأنهار لا يعرف قدرها إلا من ينتظر قطرات السماء أو يبحث بعناء عن آبار ليتحصل منها على ما يروي ظمأه وظمأ عياله، وكذا نعمة الشمس نفتقدها في شدة البرد والزمهرير ونعمة الإبصار نهاراً يفتقدها الأعمى ونعمة النوم ليلاً يفتقدها من تضطره الأحوال إلى العمل بالليل، و كذا نعمة العافية في البدن والأولاد والأهل يستشعرها ويعرف قدرها من حرم أحدها.
نعم الله علينا لا تحصى، والطبيعة الإنسانية لا تعرف قدر النعمة إلا عند زوالها أو غيابها ولو لمدةٍ يسيرة، أما والنعمة حاضرة فقليلٌ من عباد الله شكور.
نعمة المطر والماء العذب يعرفها جيداً من حرمها فجدبت أرضه وقلت ثمراتها، نعمة البحار وتيسير الإبحار فيها ونقل أثقل البضائع وتسيير المصالح خلالها لا يعرف قدرها إلا من واجه مشقة السفر عبر الصحارى أو الجبال الشاهقة أو المتجمدة وتعطلت تجارته أو تأخرت وسائل معيشته، ونعمة الأنهار لا يعرف قدرها إلا من ينتظر قطرات السماء أو يبحث بعناء عن آبار ليتحصل منها على ما يروي ظمأه وظمأ عياله، وكذا نعمة الشمس نفتقدها في شدة البرد والزمهرير ونعمة الإبصار نهاراً يفتقدها الأعمى ونعمة النوم ليلاً يفتقدها من تضطره الأحوال إلى العمل بالليل، و كذا نعمة العافية في البدن والأولاد والأهل يستشعرها ويعرف قدرها من حرم أحدها.
ولو عددنا نعم الملك سبحانه لن نحصيها، فهل أدينا شكرها أم بارزنا ربنا بالظلم وكفران النعم؟
{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأنْهَارَ * وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ * وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الإنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّار} } [إبراهيم: 32 - 35].
قال السعدي في تفسيره: يخبر تعالى: أنه وحده {الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ} على اتساعهما وعظمهما، {وَأَنزلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} وهو: المطر الذي ينزله الله من السحاب، {فَأَخْرَجَ} بذلك الماء {مِنَ الثَّمَرَاتِ} المختلفة الأنواع {رِزْقًا لَكُمْ} ورزقًا لأنعامكم {وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ} أي: السفن والمراكب.
{ {لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ} } فهو الذي يسر لكم صنعتها وأقدركم عليها، وحفظها على تيار الماء لتحملكم، وتحمل تجاراتكم، وأمتعتكم إلى بلد تقصدونه.
{وَسَخَّرَ لَكُمُ الأنْهَارَ} لتسقي حروثكم وأشجاركم وتشربوا منها.
{وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ} لا يفتران، ولا ينيان، يسعيان لمصالحكم، من حساب أزمنتكم ومصالح أبدانكم، وحيواناتكم، وزروعكم، وثماركم، {وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ} لتسكنوا فيه {وَالنَّهَارَ} مبصرًا لتبتغوا من فضله.
{وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ} أي: أعطاكم من كل ما تعلقت به أمانيكم وحاجتكم مما تسألونه إياه بلسان الحال، أو بلسان المقال، من أنعام، وآلات، وصناعات وغير ذلك.
{وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} فضلًا عن قيامكم بشكرها {إِنَّ الإنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} أي: هذه طبيعة الإنسان من حيث هو ظالم متجرئ على المعاصي مقصر في حقوق ربه كفَّار لنعم الله، لا يشكرها ولا يعترف بها إلا من هداه الله فشكر نعمه، وعرف حق ربه وقام به.
ففي هذه الآيات من أصناف نعم الله على العباد شيء عظيم، مجملٌ ومفصل يدعو الله به العباد إلى القيام بشكره، وذكره ويحثهم على ذلك، ويرغبهم في سؤاله ودعائه، آناء الليل والنهار، كما أن نعمه تتكرر عليهم في جميع الأوقات.
#مع_القرآن
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف:
- المصدر: