مع القرآن - بداية مشهد لوط

منذ 2017-03-07

وما أكثر انتكاس الفطر حتى زماننا هذا، فقد يرى الناس الطهر فحشًا، والفحشاء طُهرًا وحضارة وتقدمًا، والأمثلة كثيرة.

بعدما انتهت مهمة الملائكة ببشرى إبراهيم عليه السلام، انطلقوا إلى لوط ليضعوا مشهد النهاية.

 

نهاية قوم انتكست فطرتهم، وأبوا إلا فعل المنكر، وأصروا على أفحش الفواحش؛ وأي منكر أفحش من رجل يأبى ما زينه الله له من النساء الحلال ويسعى خلف الوقوع في الرجال؟!

 

وما أكثر انتكاس الفطر حتى زماننا هذا، فقد يرى الناس الطهر فحشًا، والفحشاء طُهرًا وحضارة وتقدمًا، والأمثلة كثيرة.

 

فلمَّا أنكر لوط أضيافه ولم يعرفهم وركِبه الهمّ والغمّ بسبب جمال منظرهم، وخاف من قدوم القوم ليقعوا بالفاحشة فيهم؛ طمأنوه وأعلموه بأنفسهم، وأخبروه بسرعة تنفيذ أمر الله بالخروج من قريته، ومعه أهله إلا امرأته التي كانت تدل القوم على أضيافه حتى يقعوا بهم.

 

وبالرغم من أن أمر الله وقضاءه قد نزل بالفعل: {وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ} [الحجر: 666].

 

إلا أنهم قدموا مسرعين ليقضوا شهوتهم في ملائكة الله المكرمين، ولا يدرون أنهم إنما جاؤوا بالهول.

 

وإليك المشهد بالكامل:

 

{قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ * قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ * إِلا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ * فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ * قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ * قَالُوا بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ * وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ * فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ * وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ * وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ * قَالَ إِنَّ هَؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ * وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ * قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ } [الحجر 57 : 77].

 

 قال السعدي في تفسيره

أي: {قَالَ الخليل عليه السلام للملائكة: {فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَأي: ما شأنكم ولأي شيء أرسلتم؟

 

{قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ} أي: كثر فسادهم وعظم شرهم، لنعذبهم ونعاقبهم، {إِلا آلَ لُوطٍ} أي: إلا لوطاً وأهله {إِلا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ} أي: الباقين بالعذاب، وأما لوط فسنخرجنه وأهله وننجيهم منها، فجعل إبراهيم يجادل الرسل في إهلاكهم ويراجعهم، فقيل له: {يا إبراهيم أعرض عن هذا إنه قد جاء أمر ربك وإنهم آتيهم عذاب غير مردودفذهبوا منه.

 

{فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ * قَالَلهم لوط {إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ } أي لا أعرفكم، ولا أدري من أنتم؟

{قَالُوا بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ } أي جئناك بعذابهم الذي كانوا يشكون فيه ويكذبونك حين تعدهم به {وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ } الذي ليس بالهزل {وَإِنَّا لَصَادِقُونَ} فيما قلنا لك {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ } أي في أثنائه حين تنام العيون ولا يدري أحد عن مسراك {وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ } أي بادروا وأسرعوا {وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ } كأن معهم دليلا يدلهم إلى أين يتوجهون..

{وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ} أي أخبرناه خبرًا لا مثنوية فيه {أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ } أي سيصبحهم العذاب الذي يجتاحهم ويستأصلهم {وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ} أي المدينة التي فيها قوم لوط {يَسْتَبْشِرُونَ } أي يبشر بعضهم بعضًا بأضياف لوط وصباحة وجوههم، واقتدارهم عليهم؛ وذلك لقصدهم فعل الفاحشة فيهم فجاؤوا حتى وصلوا إلى بيت لوط فجعلوا يعالجون لوطًا على أضيافه، ولوط يستعيذ منهم ويقول: {إِنَّ هَؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ * وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ} أي: راقبوا الله أول ذلك وإن كان ليس فيكم خوف من الله فلا تفضحون في أضيافي، وتنتهكوا منهم الأمر الشنيع.

 فـ {قَالُوا له جوابًا عن قوله {ولا تخزون } فقط: {أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ} أن تضيفهم فنحن قد أنذرناك، ومن أنذر فقد أعذر.

#مع_القرآن

  • 2
  • 2
  • 15,397
المقال السابق
منازل المتقين
المقال التالي
مشهد سريع لأصحاب الأيكة

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً