أيهما يبقى: أبو القاسم أم مبارك؟

منذ 2011-01-30

فكم من الوقت مطلوب منا أن ننتظر حتى نرى مبارك يخرج علينا وقد فهم ما يريده الشعب المصري الذي تعب طويلاً


      يبدو أن أبا القاسم الشابي- وبعد أن اطمئن على أحوال بلاده-  قرر أن يزور بلد النيل لتدبّ فيها الحياة من جديد، ولتتنسم عبير الحرية، ويرى الشعب فجرًا جديدًا، وتنكسر قيوده كل قيوده التي طالما كبّلته، وأقعدته عن الحركة حتى ظن البعض ممن لا يعرفون هذا الشعب أنه قد مات.

       ويبدو أن قرار أبي القاسم الشابي للسفر إلى مصر كان سريعًا، بل حتى أسرع من كل التوقّعات وأسرع مما تخيّل الجميع.

هل فهمت؟

       لم يستوعب النظام المصري مطالبات الشباب الذين نزلوا إلى الشوارع، منادين بطلبات محدّدة، تمامًا كما حدث مع النظام التونسي البائد الذي لم يفهم ما يريده الشعب، إلاّ بعد أيام طويلة، وبعد فوات الأوان خرج عليهم "بن علي" ليقول: (الآن فهمت...... الآن فهمتكم)!!

      فكم من الوقت مطلوب منا أن ننتظر حتى نرى مبارك يخرج علينا وقد فهم ما يريده الشعب المصري الذي تعب طويلاً، وحاول إفهامه بكل الطرق دون جدوى؟!

      إن الاتهامات التي تُكال اليوم للإخوان المسلمين بأنهم المتسببون في تحريك تلك الجماهير، وأنهم المخربون والسارقون لن تجدي نفعًا في إخافة الغرب ليتدخل لحماية النظام المصري من الانهيار؛ فالجميع يعلم أن ما يجري حتى الآن فوق طاقة أو قدرة الإخوان المسلمين، على الرغم من أنهم القوة المعارضة الكبرى في الساحة السياسية المصرية.

والكل يعلم أن الإخوان ليسوا هم من سرق ثروات البلاد على مدار عقود ثلاث مضت.

والكل يعلم أن الإخوان ليسوا هم من صدّر الغاز لإسرائيل بأرخص الأسعار، والناس لا يجدون الغاز للطهي في منازلهم.

والكل يعلم أن الإخوان ليسوا هم من باع الدور القومي للبلاد بالقطعة حسب الطلب والسعر.

والكل يعلم أن الإخوان ليسوا هم من حمى الفساد حتى عشعش وباض.

لقد آن أوان الرحيل

       لاشك أن الأحداث كانت سريعة ومتلاحقة، وأن الجميع قد أخطأ في الحسابات والتوقعات، حتى الشعب ذاته الذي لم يكن يعرف إمكاناته أو ما يستطيع هو أن يصنع، فكان أول المتفاجئين، فضلاً عن الغرب والشرق الذي جلس يراقب دون أن يأخذ فترة ليستطيع أن يفهم الأمور والى أين تسير.

      إن استمرار النظام بتوجيه الاتهامات يمينًا ويسارًا في محاولة محمومة ليجد شمّاعه يعلّق عليها فشله الذريع في إدارة البلاد، وليلتمس حماية الغرب له من اقتراب المعارضة من استلام زمام الأمور في البلاد سوف يفشل أمام الشعب، أمام الشارع المصري بكامله وتحت أقدام شبابه الأبطال.

      وأخيرًا لم يبقَ أمام النظام إلاّ أن يفهم الرسالة التي يريد الشعب أن يوصلها له والتي أصر الشعب أن يردّدها من الإسكندرية إلى أسوان، ومن مطروح حتى رفح، وبأعلى صوته عسى أن يصل صوته إلى مبارك، تلك الرسالة التي مفادها وبمنتهى البساطة: لقد آن أوان الرحيل..

      فإن لم يفهم مبارك تلك الرسالة البسيطة الواضحة، واستمر في البحث عن شمّاعة، فأقترح عليه أن يلقي القبض على أبي القاسم الشابي، مع توجيه تهمة محاولة قلب نظام الحكم له قبل أن يترك مصر ويرحل.  

فإمّا أن يرحل أبو القاسم الشابي أو ترحل أنت

فارحلْ أنت
 

كتبه : البدوي عبد العظيم

المصدر: الإسلام اليوم
  • 0
  • 0
  • 6,201

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً