مع القرآن - هدايتك و ضلالك لنفسك

منذ 2017-04-03

{ مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا } [ الإسراء15] .

هدايتك لنفسك لن تنفع الله بها و لن تزيد في ملك الله شيئاً  و ستجدها يوم تكون في أشد الحاجة إليها .
و ضلالك أيضاً لنفسك , و لن يؤثر ضلال ضال و لا جبروت متكبر و لا ظلم ظالم في ملك الله شيئاً ,و سيرى مغبة صنائعه يوم هو في أشد الحاجة لعمل صالح و لن يجد .
و لن يؤاخذ الله أحداً بذنب غيره و إنما كل مخلوق مؤاخذ بجريرته هو , و الله تعالى هو الملك العدل فلا يعذب أحداً إلا بعد بلوغ الحجة الرسالية ووصول الحق إليه , فإن أذعن و انقاد فله الخير كل الخير و إن أعرض و نأى بجانبه فسيرى مغبة ابتعاده .
{ مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا } [ الإسراء15] .
قال الطبري في تفسيره :
يقول تعالى ذكره: من استقام على طريق الحقّ فاتبعه، وذلك دين الله الذي ابتعث به نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم عليه وسلم {فإِنَّمَا يهتَدِي لِنَفسِهِ}  يقول: فليس ينفع بلزومه الاستقامة، وإيمانه بالله ورسوله غير نفسه {وَمَنْ ضَلَّ}  يقول: ومن جار عن قصد السبيل، فأخذ على غير هدى، وكفر بالله وبمحمد صلى الله عليه وسلم وبما  جاء به من عند الله من الحقّ، فليس يضرّ بضلاله وجوره عن الهدى غير نفسه، لأنه يوجب لها بذلك غضب الله وأليم عذابه.. وإنما عنى بقوله { فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا }  فإنما يكسب إثم ضلاله عليها لا على غيرها، وقوله { وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى }  يعني تعالى ذكره: ولا تحمل حاملة حمل أخرى غيرها من الآثام. وقال { وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى }  لأن معناها: ولا تزر نفس وازرة وزر نفس أخرى يقال منه: وزرت كذا أزره وزرا، والوزر: هو الإثم، يجمع أوزارا، كما قال تعالى {وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ} وكأن معنى الكلام: ولا تأثم آثمة إثم أخرى، ولكن على كل نفس إثمها دون إثم غيرها من الأنفس.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى }  والله ما يحمل الله على عبد ذنب غيره، ولا يؤاخذ إلا بعمله.
وقوله { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا }  يقول تعالى ذكره: وما كنا مهلكي قوم إلا بعد الإعذار إليهم بالرسل، وإقامة الحجة عليهم بالآيات التي تقطع عذرهم.
كما حدثنا بشر ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا }  : إن  الله تبارك وتعالى ليس يعذب أحدا حتى يسبق إليه من الله خبرا، أو يأتيه من الله بيِّنة، وليس معذّبا أحدا إلا بذنبه.
قال السعدي في تفسيره :
أي: هداية كل أحد وضلاله لنفسه لا يحمل أحد ذنب أحد، ولا يدفع عنه مثقال ذرة من الشر، والله تعالى أعدل العادلين لا يعذب أحدا حتى تقوم عليه الحجة بالرسالة ثم يعاند الحجة.
وأما من انقاد للحجة أو لم تبلغه حجة الله تعالى فإن الله تعالى لا يعذبه.
واستدل بهذه الآية على أن أهل الفترات وأطفال المشركين، لا يعذبهم الله حتى يبعث إليهم رسولا لأنه منزه عن الظلم.
أبو الهيثم
#مع_القرآن

  • 0
  • 0
  • 2,836
المقال السابق
يوم تلقى عملك
المقال التالي
من أسباب الهلاك : فسق المترفين

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً