مع الشيخ رفاعى سرور رحمه الله

منذ 2017-04-23

ولولا كتابه "عندما ترعى الذئاب الغنم الجزء الأول" لقلت أن كتابه "قدر الدعوة" هو أروع كتبه لكن الكتابين كليهما فى قمة الروعة ولا أعلم كتابا يضاهيهما فى موضوعهما لأى مفكر أو عالم إسلامى فى العصر الحديث حتى يومنا هذا بحسب علمى

مع الشيخ رفاعى سرور رحمه الله من "أصحاب الأخدود" وحنى "التصور السياسى" :

فضيلة الشيخ رفاعى سرور رحمه الله كان ممن تتلمذت عليهم فى شبابى المبكر، وأول مرة سمعت عنه كانت حين حدثنى عنه طارق الزمر وحكى لى نبذة عن حياة الشيخ رحمه الله وكتبه وربما اطلعت وقتها على كتابيه "عندما ترعى الذئاب الغنم" و "أصحاب الأخدورد" وكان ذلك فى عام 1980 أو بداية 1981 ، وفى أكتوبر 1981 اعتقلت وصرت فى نفس السجن الذى اعتقل فيه الشيخ رفاعى سرور رحمه الله وهو سجن استقبال طرة بجنوب القاهرة، وفى النصف الأول من عام 1982 توقف التعذيب وسوء المعاملة بالسجن بدرجة كبيرة وتمكن الشيخ رفاعى (وغيره من المشايخ والدعاة بالسجن) من إلقاء دروس بالليل بعد غلق أبواب مبنى السجن وانسحاب أغلب قوة السجن من المبنى إلى الخارج، وكانت الدروس تلقى من نوافذ أبواب الزنازين المطلة على ساحة المبنى فيسمع المبنى كله، وألقى الشيخ رفاعى سرور وقتها دروسا تتضمن سردا وشرحا لكتبه التى كانت حتى ذلك الوقت لا تتعدى سوى أربعة كتب هى:
 أصحاب الأخدود
عندما ترعى الذئاب الغنم الجزء الأول
بيت الدعوة
حكمة الدعوة
وقد ركزت أكثر فى متابعتى لدروسه على "أصحاب الأخدود" و"عندما ترعى الذئاب الغنم" وكنت أقابله عندما يتاح لنا الخروج من الزنازين لفترات قصيرة يوميا تتراوح المرة من ربع ساعة إلى ساعة كاملة، كنت أصافحه وأقف منصتا لكل كلمة يقولها ويلتف الأخوة حوله يسألونه أو يناقشوه بينما أنصت أنا فقط واتابع إذ كان عمرى وقتها 17 عاما.
وبمناسبة الإنصات فأذكر أننى ظللت أنصت لكل عالم أو متخصص ولا أجادل ولا أحاول أن أدلى بوجهة نظر  خاصة حتى تخرجت من كلية الآداب ثم بلغت 25 عاما، وبذا أكون أنصت ودرست لمدة تزيد عن 11 عاما متواصلة، فقط كنت أسأل تساؤلا يأخذ أحيانا صورة النقاش لكنه لم يكن أبدا نقاشا أو مخالفة حقيقية وإنما كان إظهار قليل من المعارضة بغرض استخراج علم وفكر المتحدث كما يفعل المذيعون والصحفيون مع ضيوفهم.
كان الشيخ رفاعى سرور رحمه الله مفكرا إسلاميا مبدعا جدا متقيدا فى فكره بعقيدة أهل السنة والجماعة ومنهجهم فى البحث والاستدلال ورغم هذا كان متواضعا تواضعا بالغا لدرجة أنك لو رأيته وتعاملت معه دون سابق معرفة تظن أنه شخص عادى جدا من عامة الناس، وظل هكذا طوال عمره.
ومثله مثل أى مفكر مبدع تجده متألقا فى بعض كتاباته وكتبه بينما تجد بعضا منها هى كتابات وكتب عادية يمكن لأى عالم عادى كتابة مثلها، ومن واقع اطلاعى على أغلب كتبه فأعتبر أن عددا من كتبه مثلت علامات مميزة وهى:
"أصحاب الاخدود" الذى أظن انه كتبه وعمره 16 عاما حسبما حكى على ما أذكر. 
"عندما ترعى الذئاب الغنم" الجزء الأول
"بيت الدعوة"
"حكمة الدعوة"
"قدر الدعوة"
"التصور الاسلامى للحركة الاسلامية"

وقمة الإبداع فى هذه كلها بل وفى كل كتبه تجدها (بالترتيب) فى:
عندما ترعى الذئاب الغنم الجزء الأول
قدر الدعوة
التصور الاسلامى للحركة الاسلامية
ففى كتابه "عندما ترعى الذئاب الغنم الجزء الأول" يقدم تحليلا نفسيا وسياسيا لشخصية إبليس ميبنا دوره فى السياسة بعامة وفى القيادة السياسية العالمية لقوى الكفر والشر والضلال بشكل خاص ويبين أيضا كيفية مواجهة كل صفة نفسية أو سياسية لإبليس وهزيمته فى مجال هذه الصفة.
أما فى كتابه "قدر الدعوة" فيقدم المنهج الاسلامى الشامل لسنن الله فى سير الأحداث بعامة وشأن الدعوة الإسلامية بخاصة ومن ثم سبل النصر وأسباب الهزيمة، ولولا كتابه "عندما ترعى الذئاب الغنم الجزء الأول" لقلت أن كتابه "قدر الدعوة" هو أروع كتبه لكن الكتابين كليهما فى قمة الروعة ولا أعلم كتابا يضاهيهما فى موضوعهما لأى مفكر أو عالم إسلامى فى العصر الحديث حتى يومنا هذا بحسب علمى، والله أعلم.
أما كتابه "التصور الإسلامى للحركة الإسلامية"  فمن أروع الكتب بشأن النظرية السياسية الإسلامية حيث ذكر أن لب النظرية السياسية الإسلامية والتصور السياسى الإسلامى والقيمة العليا فيهما هى وحدة الصف الإسلامى ودلل على ذلك بالسنة والسيرة والقرآن طبعا، وأظن أن هذا الكتاب كان وضعه باتفاق مسبق جرى بينه وبين عبود الزمر قبل خروج الشيخ رفاعى سرور من السجن عام 1984 بحيث يؤلف الشيخ كتابا عن التصور  السياسى الإسلامى لرفع مستوى الفكر السياسى الإسلامى بين الصف الإسلامى بعامة وشباب التيار الجهادى بخاصة فى ذلك الوقت بمنتصف الثمانينات من القرن الماضى ولكن صدور الكتاب تأخر لأسباب شتى إذ صدر باواخر الثمانينات أو أوائل التسعينات على ما أذكر.
وفى عام 1982 ذكر لى أحد الأخوة ونحن بسجن استقبال طرة أنه سيحاول يسأل الشيخ رفاعى سرور عن حرب العصابات وإمكانية تنفيذها ضد النظام الحاكم بمصر باعتتبار أنه  رحمه الله كان الساعد الأيمن ليحى هاشم الذى سعى لشن حرب عصابات ضد الرئيس الأسبق أنور السادات عام 1974، لكنى لم أسمع الشيخ رفاعى سرور يتكلم أبدا عن أى عمل مسلح وإنما كلامه دائما كان فى الفكر والسياسة، لكن هناك أخوة آخرون كثر تتلمذوا بأكثر منى على الشيخ رفاعى رحمه الله ولعل لهم معه مناقشات أخرى.
تاريخ الشيخ رفاعى سرور سواء فى تنظيم الجهاد القديم أو فى تنظيم الجهاد الجديد كتبت عنه فى كتبى ومقالاتى المتعددة، وذكر لى أحد الأخوة المقربين من الشيخ رفاعى (لعله خالد حربى فرج الله عنه) أن الشيخ عندما قرأ ما كتبته عنه قال له: "هو عبد المنعم عرف الكلام ده كله من أين؟؟" وتعجب الشيخ رفاعى من معلومات محددة قائلا له:"هذه المعلومات لا تعرفها حتى أجهزة الأمن فهذه كانت أسرار بينى وبين عبود الزمر".  
وكان الشيخ رفاعى جرت محاكمته ضمن قضية تنظيم الجهاد فى الفترة من 1981 وحتى 1984 ثم أفرج عنه وكانت محاكمته على خلفية علاقته بتنظيم الجهاد الذى أسسه وقاده محمد عبد السلام فرج رحمه الله وعبود الزمر ونبيل المغربى رحمه الله، وكانت علاقة الشيخ رفاعى سرور المباشرة مع عبود الزمر وحده حفاظا على السرية.
لكن الشيخ رفاعى سرور رحمه الله بعد هذه القضية لم يرد اسمه فى أى قضية كبرى للتنظيمات الجهادية واشتغل بالدعوة العامة كلما تيسر له كما اشتغل بالكتابة وكتب ونشر كتبا ومقالات عديدة كما سجلت له فيديوهات عديدة.

 

عبد المنعم منيب

صحفي و كاتب إسلامي مصري

  • 5
  • 0
  • 300,921

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً