مع القرآن - ظالم جهول : و لئن رددت إلى ربي لأجدن خيراً منها منقلباً

منذ 2017-04-25

لم يكتف بالاغترار بالدنيا بل زعم أنه سيد من سادة الآخرة . لم يطلبها من صاحبها و لم يقدم بين يدي طلبه خوفاً و لا رجاء فيما عند الله و لم يمهد بأعمال صالحة و إنما ادعى المغرور أنه المستحق بجدارة لسيادة الآخرة كما نال السيادة في الدنيا . { وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا * وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لأجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا} [ الكهف 35و36]

كما هو حال كل مغرور جاهل بحقيقة الدنيا و جاهل بحقيقة ضعفه البشري و افتقاره إلى الله مهما بلغ غناه , و أن أقل الأمراض لو فتك به لأرداه بلا حراك و أن الموت لو زاره فاجأة لترك كل الأملاك .
و لكنها الدنيا بزخرفها و لكنه الغرور و الجهل السائد لدى معظم البشر  , و قليل من عباد الله شكور .
لم يكتف بالاغترار بالدنيا بل زعم أنه سيد من سادة الآخرة .
لم يطلبها من صاحبها و لم يقدم بين يدي طلبه خوفاً و لا رجاء فيما عند الله و لم يمهد بأعمال صالحة و إنما ادعى المغرور أنه المستحق بجدارة لسيادة الآخرة كما نال السيادة في الدنيا .

{ وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا * وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لأجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا} [ الكهف 35و36]
قال السعدي في تفسيره :
  {قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ } أي: تنقطع وتضمحل {هَذِهِ أَبَدًا } فاطمأن إلى هذه الدنيا، ورضى بها، وأنكر البعث، فقال: { وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي } على ضرب المثل { لأجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا } أي ليعطيني خيرا من هاتين الجنتين، وهذا لا يخلو من أمرين: إما أن يكون عالما بحقيقة الحال، فيكون كلامه هذا على وجه التهكم والاستهزاء فيكون زيادة كفر إلى كفره، وإما أن يكون هذا ظنه في الحقيقة، فيكون من أجهل الناس، وأبخسهم حظا من العقل، فأي: تلازم بين عطاء الدنيا وعطاء الآخرة، حتى يظن بجهله أن من أعطي في الدنيا أعطي في الآخرة، بل الغالب، أن الله تعالى يزوي الدنيا عن أوليائه وأصفيائه، ويوسعها على أعدائه الذين ليس لهم في الآخرة نصيب، والظاهر أنه يعلم حقيقة الحال، ولكنه قال هذا الكلام، على وجه التهكم والاستهزاء، بدليل قوله: { وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ } فإثبات أن وصفه الظلم، في حال دخوله، الذي جرى منه، من القول ما جرى، يدل على تمرده وعناده.
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن

 

  • 4
  • 0
  • 15,458
المقال السابق
و كم للجنتين من صاحب مغرور
المقال التالي
مهما طال الغرور لابد من نهاية

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً