الإسلام أولا

منذ 2017-05-01

الدَّعوة الإسلامية هي دعوة شاملة، فهي ليست حكرًا على عِرْقٍ واحدٍ من الأعراق، أو شعب واحد من الشعوب، بل هي دعوة تستهدف سكان المعمورة قاطبة من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب فلا فرق لعربيٍّ على أعجمي إلا بالتقوى فباتت التقوى من أهم معايير تحديد الهوية ومراتب العباد عند ربّ العباد.

في خضمّ الصراعات التي يعيشها عالمُنا الإسلامي، ومحاولات تفتيته وتجزئته عبر المعركة الحاميةِ الوطيسِ ضدَّ الإسلام والمسلمين، وابتداع شتَّى الطرق والوسائل؛ لإبعاد المسلمين عن دينهم، بأسلوبي الترغيب والترهيب كان لابُد لنا من وقفة محاسبة ومراجعة في جدول أولوياتنا، وفي ترتيبها ترتيبًا واقعيًّا يتماشى مع مُتطلَّبات عصرنا ومجتمعنا، ويرضي ربَّنا جلَّ وعلا في آن واحد.

 

منذُ فترةٍ ليستْ ببعيدة ظهر دعاةُ القومية في محاولات عديدة لطعن المسلمين في الصميم؛ ليجعلوا أقدسَ شيء لدى الناس أوطانَهم المجزَّأة، حتى بات الوطن وحيدًا وفي الطليعة على منصَّة قلب كثيرٍ مِن مدَّعي الإسلام، فأصبح الهمَّ الأكبرَ والشغل الشاغلَ لدى السواد الأعظمِ الوطنُ والأرضُ، بينما تناسى كثيرون منهم الدينَ والعقيدة، حتى بات العلماني أو الملحد الذي يعيش على نفس الأرض التي أعيش عليها هو "أخي"!! ولكن في ماذا؟ في المواطنة!! كيف ذلك وقد قال الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10]؟! إنَّ ما لا شك فيه أن حبَّ الوطن الإسلامي مهمٌّ في الإسلام، إلا أنه مطلوب أن يحب الإنسان وطنه ويدافع عنه، إذا لم يتعارض هذا الحبُّ مع حب الدين والتزام الشريعة، وترك الدفاع عن الدين في مُقابل الدّفاع عن الوطن؛ بل إنَّ رابطة الدين لَهي أقوى رابطة، أقوى حتى من رابطة الأخوة الحقيقيَّة.

 

نرى أوروبا اليوم باتِّحادها، وتوحيد عملاتها، ومحاولة توحيد بلدانها مثالاً يُحتذَى به من حيث معرفة معنى القوَّة، وأنَّها تكمن في الاتّحاد، لا بالتَّفرّق والانقسام. بينما نرى على المقلبِ الآخر البلادَ العربية والإسلامية مشتَّتةً مُجزَّأة، تتبع فتاتَ الخبز الذي يرميه لها دول الغرب، تتبارى فيما بينها: مَن يبني العدد الأكبر من الجدران في وجه الأخرى، وتتفاخر بالأنظمة الغربية، وتتشبَّث بها وكأنها سبيل الخلاص، فتسعى لإعمار ثقافة "الوطنية" على حساب الإسلام والمسلمين، دون تطبيق دستورهم الذي لا سعادة دونه "القرآن الكريم"، وغاب عنهم حديث الرسول عليه الصلاة والسلام: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»؛ فظهرت الحواجز الجمركية، واختلاف العملات، وجعلوا السفر بين البلدان العربية والإسلامية مهمةً صعبة، وكل ذلك حصيلة التقسيمات التي وضعها المحتلُّ الأجنبيّ أيَّام "الاستعمار". ومن المضحك أنَّ الناس تحتفل بالاستقلال، فأيُّ استقلال هذا والأوطان ما زالت قائمةً على تقسيم المحتلّ نفسه للأرض؟!

 

إنَّ الدَّعوة الإسلامية هي دعوة شاملة، فهي ليست حكرًا على عِرْقٍ واحدٍ من الأعراق، أو شعب واحد من الشعوب، بل هي دعوة تستهدف سكان المعمورة قاطبة من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب فلا فرق لعربيٍّ على أعجمي إلا بالتقوى فباتت التقوى من أهم معايير تحديد الهوية ومراتب العباد عند ربّ العباد. فإنّ ذلك الرجل "الماليزي" المؤمن بالله والملتزم بشريعته لهو أقرب إليّ من شخصٍ يجاورني المسكن ولكنه بعيدٌ عن الله سبحانه وتعالى الذي يقول في كتابه العزيز: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ[الحجرات: 10].

 

إنَّ المشكلة الأساسية لما نعايشه من واقع أليم تكمن فيما أصاب إيمانَنا من الهُزال والضعف، أما الحل فلا يكون إلا بالإيمان بالله وحده، وفي التزام المنهج القويم، والهدي النبوي السليم، ولا بد من جعل الإسلامِ صاحبَ "المركز الأول" في قلوبِنا، وعلى ألسنتنا، ومن خلال أخلاقنا وسلوكنا؛ لتنهض أمَّتُنا المسلمة من جديد، ولتتصدى لأعداء الإسلام وطغاة هذا العصر.

الكاتب: إبراهيم عز الدين حلواني

  • 0
  • 0
  • 1,422

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً