مع القرآن - وَلا تَنِيَا فِي ذِكْرِي

منذ 2017-05-18

تكليف من الله تعالى لرسوله موسى و نبيه هارون بالذهاب إلى فرعون الذي بلغ من الطغيان ما بلغ متسلحان بذكر الرحمن متوكلان عليه كل التوكل مستخدمان لين الكلام و حلو الحديث و البصيرة في الدعوة إلى الله لعله يعود و يثوب إلى رشده .

تكليف من الله تعالى لرسوله موسى و نبيه هارون بالذهاب إلى فرعون الذي بلغ من الطغيان ما بلغ متسلحان بذكر الرحمن متوكلان عليه كل التوكل مستخدمان لين الكلام و حلو الحديث و البصيرة في الدعوة إلى الله لعله يعود و يثوب إلى رشده .

اشتكى موسى لربه من توقع الأذى من الطاغية , و داخله بعض الخوف الجبلي فطمئنه الله أنه في معيته متسربلاً برعايته سبحانه .

{اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلا تَنِيَا فِي ذِكْرِي * اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولا لَهُ قَوْلا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى * قَالا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى * قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى}  . [42 - 46 طه]

قال السعدي في تفسيره :

لما امتن الله على موسى بما امتن به، من النعم الدينية والدنيوية قال له: { اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ }  هارون { بِآيَاتِي } أي: الآيات التي مني، الدالة على الحق وحسنه، وقبح الباطل، كاليد، والعصا ونحوها، في تسع آيات إلى فرعون وملئه،   {وَلا تَنِيَا فِي ذِكْرِي } أي: لا تفترا، ولا تكسلا عن مداومة ذكري بل استمرَّا عليه، والزماه كما وعدتما بذلك  { كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا } فإن ذكر الله فيه معونة على جميع الأمور، يسهلها، ويخفف حملها.

{ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى } أي: جاوز الحد، في كفره وطغيانه، وظلمه وعدوانه.

{ فَقُولا لَهُ قَوْلا لَيِّنًا } أي: سهلا لطيفا، برفق ولين وأدب في اللفظ من دون فحش ولا صلف، ولا غلظة في المقال، أو فظاظة في الأفعال، { لَعَلَّهُ } بسبب القول اللين { يَتَذَكَّرُ } ما ينفعه فيأتيه، { أَوْ يَخْشَى } ما يضره فيتركه، فإن القول اللين داع لذلك، والقول الغليظ منفر عن صاحبه، وقد فسر القول اللين في قوله: { فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى * وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى }  فإن في هذا الكلام من لطف القول وسهولته وعدم بشاعته ما لا يخفى على المتأمل فإنه أتى بـ " هل " الدالة على العرض والمشاورة التي لا يشمئز منها أحد ودعاه إلى التزكي والتطهر من الأدناس التي أصلها التطهر من الشرك الذي يقبله كل عقل سليم ولم يقل " أزكيك " بل قال " تزكى " أنت بنفسك ثم دعاه إلى سبيل ربه الذي رباه وأنعم عليه بالنعم الظاهرة والباطنة التي ينبغي مقابلتها بشكرها وذكرها فقال { وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى } فلما لم يقبل هذا الكلام اللين الذي يأخذ حسنه بالقلوب علم أنه لا ينجع فيه تذكير فأخذه الله أخذ عزيز مقتدر

{ قَالا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا }  أي يبادرنا بالعقوبة والإيقاع بنا قبل أن تبلغه رسالاتك ونقيم عليه الحجة  { أَوْ أَنْ يَطْغَى } أي يتمرد عن الحق ويطغى بملكه وسلطانه وجنده وأعوانه

  {قَالَ لا تَخَافَا }  أن يفرط عليكما   {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى } أي أنتما بحفظي ورعايتي أسمع أقوالكما وأرى جميع أحوالكما فلا تخافا منه فزال الخوف عنهما واطمأنت قلوبهما بوعد ربهما

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن

  • 3
  • 0
  • 19,686
المقال السابق
إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ
المقال التالي
ماذا لو أجاب فرعون المطلبين؟

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً