مع القرآن - لوط يقابل انتكاس الفطر

منذ 2017-09-03

كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ (160) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ (161) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (162) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (163) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ الْعَالَمِينَ (164) أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ (165) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ (166) قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ (167)

أرسل الله تعالى لوطاً إلى قومه بدعوة التوحيد و بطهارة السلوك بعدما انحرفت فطرتهم و شذ سلوكهم و صار استمتاعهم بالرجال دون النساء و انتشر هذا الهوى في أوساطهم .

فكانت الدعوة بالرجوع إلى الله و التوبة مما يفعلون و العودة إلى الفطرة السليمة , فما كان إلا العناد و الاستكبار و العداء السافر لله و لرسوله .

هنا و قد بلغتهم الحجة و فعل لوط ما يستطيع ما كان منه إلا البراءة ما صنيعهم و سؤال الله النجاة فأنجاه الله و أهلكهم كما أهلك من قبلهم من المعاندين و سيهلك من بعدهم إلى يوم الدين .

{كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ (160) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ (161) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (162) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (163) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ الْعَالَمِينَ (164) أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ (165) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ (166) قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ (167) قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُم مِّنَ الْقَالِينَ (168) رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ (169)فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (170) إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ (171) ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ (172) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا ۖ فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنذَرِينَ (173) إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ (174) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (175)} [الشعراء]

قال السعدي في تفسيره :

" {كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ} "

كَذَّبت قوم لوط برسالته, فكانوا بهذا مكذبين لسائر رسل الله؛ لأن ما جاؤوا به من التوحيد وأصول الشرائع واحد.

" { إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ} "

" {إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ} "

" {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ } "

" {وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ} "

إذ قال لهم أخوهم لوط: ألا تخافون عذاب الله؟ إني رسول من ربكم , أمين على تبليغ رسالته إليكم , فاحذروا عقاب الله على تكذيبكم رسوله , واتبعوني فيما دعوتكم إليه , وما أسألكم على دعوتي لهدايتكم أيَّ أجر , ما أجري إلا على رب العالمين.

" { أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ} "

" {وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ } "

أتنكحون الذكور مِن بني آدم , وتتركون ما خلق الله لاستمتاعكم وتناسلكم مِن أزواجكم؟ بل أنتم قوم - بهذه المعصية- متجاوزون ما أباحه الله لكم من الحلال إلى الحرام.

" {قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ } "

قال قوم لوط: لئن لم تترك يا لوط نَهْيَنا عن إتيان الذكور وتقبيح فعله , لتكونن من المطرودين من بلادنا.

" {قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ} "

قال لوط لهم: إني لِعملكم الذي تعملونه من إتيان الذكور , لَمن المبغضين له بغضًا شديدًا.

" {رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ} "

ثم دعا لوط ربه حينما يئس من استجابتهم له قائلًا: ربِّ أنقذني وأنقذ أهلي مما يعمله قومي مِن هذه المعصية القبيحة, ومِن عقوبتك التي ستصيبهم.

" {فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ} "

" { إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ} "

فنجيناه وأهل بيته والمستجيبين لدعوته أجمعين إلا عجوزًا من أهله , وهي امرأته , لم تشاركهم في الإيمان , فكانت من الباقين في العذاب والهلاك.

" {ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ} "

" { وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ} "

ثم أهلكنا مَن عداهم من الكفرة أشدَّ إهلاك , وأنزلنا عليهم حجارة من السماء كالمطر أهلكتهم, فقَبُحَ مطرُ من أنذرهم رسلهم ولم يستجيبوا لهم؛ فقد أُنزل بهم أشدُّ أنواع الهلاك والتدمير.

" {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ} "

إن في ذلك العقاب الذي نزل بقوم لوط لَعبرة وموعظة, يتعظ بها المكذبون. وما كان أكثرهم مؤمنين.

" { وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} "

وإن ربك لهو العزيز الغالب الذي يقهر المكذبين, الرحيم بعباده المؤمنين.

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن

  • 1
  • 0
  • 14,149
المقال السابق
استكبار ثمود : ترى كم نادم في قبره اليوم ؟
المقال التالي
قوم شعيب يتحدون رسولهم

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً