التصالح مع النفس و بين المؤمنين بداية النصر

أبو الهيثم محمد درويش

كل فرد من أفراد الأمة لا يختلف كثيراً عن الأمة ، فلن يتحقق نصر أو فوز على المستوى الشخصي دون تصالح مع النفس.
وقد تواترت أدلة الكتاب و السنة.

  • التصنيفات: التصنيف العام - قضايا إسلامية معاصرة -

في جميع ملاحمها و عبر تاريخها لم تنتصر أمة الإسلام عن تفرق و فساد ذات بين و إنما دائما تتحقق انتصاراتها وقت تصالح ووفاق و توحد كلمة.

و كل فرد من أفراد الأمة لا يختلف كثيراً عن الأمة ، فلن يتحقق نصر أو فوز على المستوى الشخصي دون تصالح مع النفس.
وقد تواترت أدلة الكتاب و السنة على هذا المعنى:

قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات:10] فمهما تباعدت وجهات النظر فسيظلوا إخوة طالما كانوا على ثوابت الإيمان.

ويقول جل وعلا: {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [آل عمران:103].

يحدثنا سبحانه و تعالى عن نعمة الأخوة في الله و جمع الشمل و التآلف  بعد العداء و يؤكد كونها نعمة من الله في أول الآية و في آخرها.

ويقول جل وعلا: {هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ* وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال:62-63].

فتآلف الأفئدة و زوال الغل من القلوب لا تعادله كنوز الأرض، و لا يقدر عليه إلا مالك القلوب سبحانه ، و من سننه عز وجل هداية السبل و تحقيق المراد لو التمس العباد من أسباب الإصلاح ما يستطيعون.

و قد حثت رسالة السماء على المسارعة في الإصلاح والمبادرة  برأب الصدوع بين أبناء الأمة، و إزالة أفعال و وسوسات شياطين الإنس و الجن التي تسعى لتفرق الشمل و تمزيق الأمة ، قال تعالى آمرا بالمسارعة إلى إصلاح ذات البين:

{فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} [الأنفال:1].

وقال تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الحجرات:9].


و قال تعالى محفزاً و شاكراً صنيع الساعين إلى الإصلاح:

{لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً} [النساء:114].

قال صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بما هو أفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة»، قالوا بلى يا رسول الله، قال: «إصلاح ذات البين» فإن فساد ذات البين هي الحالقة.

و قال  صلى الله عليه وسلم لأبي أيوب: «ألا أخبرك بعمل يرضي الله ورسوله"، قال نعم، قال: "أصلح بين الناس إذا فسدوا وقارب بينهم إذا تباعدوا».

و قال  صلى الله عليه وسلم: «يُصبح على كل سُلامى من الناس صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين اثنين صدقة».