حديث: تكلم بقرة وذئب بقدرة الله

منذ 2017-10-14

من كان يؤمن بأن محمداً صلى الله عليه وسلم رسول من الله فيجب عليه أن يصدقه فيما أخبر؛ فإنه لا ينطق عن الهوى.

مما ينكره الطاعنون في صحيح البخاري ما رواه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أن بقرة وذئباً تكلما، وقالوا: هذا مما لا تقبله العقول!

 

وللجواب عن هذه الشبهة نقول: هذا الحديث لم يتفرد بروايته البخاري، فقد رواه أيضاً مسلم (2388)، ورواه غير واحد من الأئمة كأحمد بن حنبل في مسنده (7351)، والنسائي في سننه (8114)، وأبو عوانة في مستخرجه على صحيح مسلم (10521)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (3067).

 

 قال البخاري رحمه الله (3471): حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الصُّبْحِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: «بَيْنَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً إِذْ رَكِبَهَا فَضَرَبَهَا فَقَالَتْ: إِنَّا لَمْ نُخْلَقْ لِهَذَا، إِنَّمَا خُلِقْنَا لِلْحَرْثِ؛ فَقَالَ النَّاسُ: سُبْحَانَ اللهِ! بَقَرَةٌ تَكَلَّمُ؟! فَقَالَ: فَإِنِّي أُومِنُ بِهَذَا أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَمَا هُمَا ثَمَّ، وَبَيْنَمَا رَجُلٌ فِي غَنَمِهِ إِذْ عَدَا الذِّئْبُ فَذَهَبَ مِنْهَا بِشَاةٍ فَطَلَبَ حَتَّى كَأَنَّهُ اسْتَنْقَذَهَا مِنْهُ، فَقَالَ لَهُ الذِّئْبُ: هَذَا اسْتَنْقَذْتَهَا مِنِّي، فَمَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ يَوْمَ لَا رَاعِيَ لَهَا غَيْرِي؟ فَقَالَ النَّاسُ: سُبْحَانَ اللهِ! ذِئْبٌ يَتَكَلَّمُ؟ قَالَ: فَإِنِّي أُومِنُ بِهَذَا أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَمَا هُمَا ثَمَّ». وَحَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ.

 

 فنسأل من لم يقبل عقله التصديق بهذا: هل عقلك لم يقبل بهذا؛ لأن هذا لا يقبله العقل أصلاً أو لكونه سُنة وليس قرآنا؟

 

فإن قال: لا، بل لكونه لا يقبله العقل؛ قيل له: فإن القرآن قد جاء بأعجب من هذا!

 

وإن قال: لا أقبل هذا الحديث؛ لأنه سنة وليس قرآناً.

 

قيل له: إذاً أنت لا تقبل السنة أصلاً، وإن كانت مما يقبله العقل!

 

فإن قال: فما الذي في القرآن أعجب من هذا؟

 

قيل له: قال الله تعالى: {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ} [النمل:82]، فهذه دابة تكلم الناس!

 

وقال تعالى عن الهدهد أنه قال لسليمان عليه الصلاة والسلام: {أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ} [النمل:22].

 

وقال سبحانه: {قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} [النمل:18].

 

بل أخبرنا الله عن السموات والأرض أنهما تكلمتا في قوله: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت:11].

 

وأنَّ النار تقول: {هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} [ق:30].

 

 وأخبرنا الله في القرآن أنه ما من شيء إلا يسبح بحمد الله ويسجد له.

 

وقص الله علينا انشقاق البحر لموسى عندما تبعه فرعون.

 

وأخبرنا الله في القرآن أن الحوت اتخذ سبيله في البحر سربا.

 

وأخبرنا الله في القرآن أن القمر انشقت.

 

وأخبرنا الله في القرآن أن عيسى كان يحيي الموتى بإذن الله.

 

إلى غير ذلك من الأمور العجيبة التي يصدقها كل من يؤمن بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولاً.

 

ومن كان يؤمن بأن محمداً صلى الله عليه وسلم رسول من الله فيجب عليه أن يصدقه فيما أخبر؛ فإنه لا ينطق عن الهوى.

 

الكاتب: محمد بن علي بن جميل المطري

 

  • 9
  • 3
  • 27,649

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً