مكانة الفتوى في الإسلام

منذ 2017-10-24

الأصل أن الفتوى فرضُ كفاية؛ إذ لا بدَّ أن يوجد في المسلمين من يُبيِّن لهم أحكام دينهم فيما يَعرِض لهم، ولــمَّا كان لا يُحْسِنُ ذلك كلُّ مكلَّف، وجب أن يقومَ به من يقدر عليه،فلزم أن يكون في البلاد مفتون يعرفهم الناس ويتوجهون إليهم بأسئلتهم، وقدَّر الشافعية أن يكون في كل مسافة قصر واحد من المفتين يرجع الناس إليه في السؤال عن أمور دينهم.

وهنا يعرض لنا سؤال: متى تكون الفـتوى فرضَ عينٍ؟

تكون الفتوى فرضَ عينٍ بشروط:

- أن لا يوجدَ في الناحية غيرُه ممن يتمكن من الإجابة، فإن وجد عالم آخر يمكنه الإفتاء، لم يتعيَّن على الأول، بل له أن يحيلَ على الثاني.

- أن يكون المسؤول عالمـًا بالحكم؛ لأن اللَّـه تعالى حرَّم القول في دين اللَّـه بلا علم.

- ألا يوجد مانع يمنع المفتي منه، فإذا كان السؤال عن أمر غير واقع، أو عن أمر لا منفعةَ فيه للسائل، أو غير ذلك، فهذا مانعٌ من وجوب الجواب عليه، فالمفتي وارث النبي صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بيان الأحكام للأنام، وقد خلف النبي صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَأصحابه الكرام، ثم أهل العلم جيلًا بعد جيل.

ولهذا كان الإمام الشافعي رحمه الله دقيقًا صادقًا عندما صرَّح أن الحكمة من شرع الاجتهاد هي الابتلاء، فقال رحمه الله في كتابه الرسالة: "ومنه ما فرض الله على خلقه الاجتهاد في طلبه، وابتلى طاعتهم في الاجتهاد، كما ابتلى طاعتهم في غيره مما فرض عليهم".

ويصور الإمام الشاطبي رحمه الله مكانةَ المفتي أدقَّ تصويرٍ بقوله:"المفتي هوالقائمُ في الأُمَّة مقامَ النبي صلى الله عليه وسلم".

ووجه القيام مقام النبي صلى الله عليه وسلم يكون بجملة أمور، منها: الوراثةُ في علم الشريعة بوجه عام، ومنها: إبلاغُها للناس، وتعليمُها للجاهل، والإنذارُ بها كذلك، ومنها: بذلُ الوسع في استنباط الأحكام.

إعداد: الشيخ عبد اللطيف دريان

مفتي الجمهورية اللبنانية

  • 0
  • 1
  • 4,728

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً