مع القرآن (من لقمان إلى الأحقاف ) - هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ

منذ 2017-12-05

{خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ * هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } [ لقمان 10 – 11]

آثار عظمة الله تتجلى في مخلوقاته

فيا من قدمتم كلمة غيره على كلماته و أطعتم غيره في غير طاعته و عظمتم أعداءه ووقرتم مناهج تعادي رسالته إليكم :

أين آثار عظمة هؤلاء الذين قدمتموهم على الله؟

أين هم من خلق السماء بلا عمد؟

أين هم من تلك الرواسي التي تحفظ الأرض من الميل و الاهتزاز و تجبرها على الاستقرار و الثبات ؟

أين هم من كل تلك المخلوقات التي أولها أنا و أنت أيها الإنسان ؟

أين هم من تلك الأجرام السماوية الهائلة وأين هم من هذا الماء النازل من السماء ليحيي الأرض ؟

أين هم من تلك الثمار اليانعة بألوانها المبهجة و روائحها المنعشة ؟

هذا خلق الله فماذا خلق و قدم لنا هؤلاء الذين قدمتوهم على الله ؟

{خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ * هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } [ لقمان 10 – 11]

قال السعدي في تفسيره :

يتلو تعالى على عباده، آثارا من آثار قدرته، وبدائع من بدائع حكمته، ونعما من آثار رحمته، فقال: { {خَلْقِ السَّمَاوَاتِ} } السبع على عظمها، وسعتها، وكثافتها، وارتفاعها الهائل. { {بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} } أي: ليس لها عمد، ولو كان لها عمد لرئيت، وإنما استقرت واستمسكت، بقدرة اللّه تعالى.

{ {وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ} } أي: جبالا عظيمة، ركزها في أرجائها وأنحائها، لئلا { تَمِيدَ بِكُمْ } فلولا الجبال الراسيات لمادت الأرض، ولما استقرت بساكنيها.

{ { وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ} } أي: نشر في الأرض الواسعة، من جميع أصناف الدواب، التي هي مسخرة لبني آدم، ولمصالحهم، ومنافعهم. ولما بثها في الأرض، علم تعالى أنه لا بد لها من رزق تعيش به، فأنزل من السماء ماء مباركا، { { فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ } } المنظر، نافع مبارك، فرتعت فيه الدواب المنبثة، وسكن إليه كل حيوان.

{ {هَذَا} } أي: خلق العالم العلوي والسفلي، من جماد، وحيوان، وسَوْقِ أرزاق الخلق إليهم { {خَلق اللَّه} } وحده لا شريك له، كل مقر بذلك حتى أنتم يا معشر المشركين.

{ {فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} } أي: الذين جعلتموهم له شركاء، تدعونهم وتعبدونهم، يلزم على هذا، أن يكون لهم خلق كخلقه، ورزق كرزقه، فإن كان لهم شيء من ذلك فأرونيه، ليصح ما ادعيتم فيهم من استحقاق العبادة.

ومن المعلوم أنهم لا يقدرون أن يروه شيئا من الخلق لها، لأن جميع المذكورات، قد أقروا أنها خلق اللّه وحده، ولا ثَمَّ شيء يعلم غيرها، فثبت عجزهم عن إثبات شيء لها تستحق به أن تعبد.

ولكن عبادتهم إياها، عن غير علم وبصيرة، بل عن جهل وضلال، ولهذا قال: { { بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } } أي: جَلِيٍّ واضح حيث عبدوا من لا يملك نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا، وتركوا الإخلاص للخالق الرازق المالك لكل الأمور.

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن

  • 6
  • 1
  • 30,115
المقال السابق
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ
المقال التالي
وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً