الإحساس المرهف

منذ 2017-12-14

الحس المرهف رزق وهبة ومنحة ربانية وصاحب الحس المرهف ذو عاطفة جياشة بديعة ومشاعر رائعة ورقة نادرة هو أقرب إلى الجوهرة الكريمة ولا يشبه الذهب والماس، ذو روح وثابة وقلب عفيف راق.

الإحساس المرهف

كُل الطُرق إلى الله مُزهِرة فالقلوب البيضاء النقية الطاهرة لا تُغيرها كثرة الشرور، ولا يضر بعد المسافات متى تقاربت القلوب وتعارفت الأرواح وتواصلت بالدعاء.

الحس المرهف رزق وهبة ومنحة ربانية وصاحب الحس المرهف ذو عاطفة جياشة بديعة ومشاعر رائعة ورقة نادرة هو أقرب إلى الجوهرة الكريمة ولا يشبه الذهب والماس، ذو روح وثابة وقلب عفيف راق.

يسابق عقله النظيف وقلبه العفيف يسابق روحه الوثابة وأعصابه المتوهجة متسق مع ذاته للضرورة البشرية والراحة النفسية والحالة الاجتماعية والفريضة الشرعية.

ذو ذوق عال، وأدب جم، وإنسانية مُفرطة، وابتسامة حانية... فالذوق سلوك الروح، والأدب شيم الأمراء، والاعتذار عن الخطأ نهج العظماء، وكلمة الحق طريق الأولياء، والصمت زينة الأتقياء، والابتسامة خلق الأنبياء، والرحمة تعني إنسان، والكلام الرقيق أطايب الكلم مفاتيح تقفل بها أفواه وتفتح بها قلوب، وتنير بها عقول، ونظرة القلب أمضى من رؤية العين.

ويخبرنا صلى الله عليه وسلم أن صاحب القلب الرحيم الرقيق من أهل الجنة فقال
«وأهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان مقسط متصدق موفق، ورجل رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم، وعفيف متعفف ذو عيال» (رواه مسلم). 

وقال صلى الله عليه وسلم:  

«خاب عبد وخسر من لم يجعل الله تعالى في قلبه رحمة للبشر» (صحيح الجامع الصغير). 

وحذرنا صلى الله عليه وسلم من قسوة القلب «من لا يرحم لا يُرحم» (السلسلة الصحيحة). 

ديننا دين الرحمة جاء به نبي الرحمة من رب يرحم من عباده الرحماء، هو الذي أدخل امرأة النار في هرة حبستها، وأدخل رجلاً الجنة لأنه سقى كلباً، الإحساس نعمة عظيمة يرفع صاحبه في أعلى درجات المؤمنين من فقده فقد جزء من الإيمان وأخمد جذوته في قلبه.

يقول صلى الله عليه وسلم:  
«مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» (رواه مسلم).

 
وها هو عمر الخير يبكي لبكاء حبيبيه في فداء أسرى بدر قال: يا رسول الله! أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك؟ فإن وجدت بكاء بكيت، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما.

قرأت عنواناً طريفاً عن أن بعض خبراء الكمبيوتر صمموا كمبيوترا يستطيع معرفة حال مستخدمه من حيث الشعور بالألم والفرح والسعادة والشقاء والرضا والغضب فتأثرت حقيقة واستغربت كثيرا بحال البشر الذي لا يبالي بغيره ولا يتأثر قلبه بتقلبات الدهر بمن حوله ولا يستشعر أفراحهم وأحزانهم، غناهم وفقرهم، سعادتهم وشقائهم.

تأثر القلب وتغيره مطلب شرعي وضرورة بشرية لاسيما إذا انتهكت المحارم ولا أشد من انتهاك المقدسات واحتلال الأرض وتجبر الطغاة وابتلاء المؤمنين واستشهاد المجاهدين وحبس الصابرين ومطاردة الصادقين وضعف الأرامل والأيتام والثكلى.

لين القلب دليل وعلامة على صلاحه ورشده وإيمانه:

يقول صلى الله عليه وسلم: 
«ألا وإن في الجسدِ مُضغَة: إذا صلَحَتْ صلَح الجسدُ كلُّه، وإذا فسَدَتْ فسَد الجسدُ كلُّه، ألا وهى القلبُ» (البخاري). 

فيا صاحب القلب الرقيق والحس المرهف أبشر بالأمن والإيمان ورحمة الرحمن والوعد بالجنان وصحبة الحبيب العدنان ولا تبخل بطلاقة وجهك وابتسامتك الحانية واللمسة الرقيقة الدالة على المحبة رغم الحزن والجرح والقلب المكلوم فقد كان صلى الله عليه وسلم بسام المُحيا «تبسمك في وجه أخيك صدقة» (البخاري).


وانظر إلى وصيته صلى الله عليه وسلم لرقة القلب ولين الجانب «أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك؟ ارحم اليتيم وامسح علي رأسه وأطعمه من طعامك يلن قلبك وتدرك حاجتك» (السلسلة الصحيحة). 

 

بقلم ماهر إبراهيم جعوان

  • 27
  • 2
  • 79,684

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً