صرخة..

منذ 2018-02-14

واليوم النموذج يوضع وينعكس في الشارع في اليوم التالي.. وامتلك الفجرة ناصية أمة.. الألم هنا ليس ألم من معصية تراها؛ بل ألم لنموذج تفرزه محطات ومراكز وأجهزة..

صرخة..

فروق في مجتمعاتنا ونماذج:

1) أمر الله عباده بتقواه، بالتزام أمره أصلا وفروعا، وتجنب سخطه تعالى:

وإذا عصى الإنسان فشعوره بالألم يكون بحسب حياة قلبه.. فمن كان قلبه حيا ووقع في المعصية على وجه الزلة العارضة، كانت المعصية كطعنة في قلبه، يتوجع منها ويتأوه، وقد يشتد شعوره وألمه فيعلو صوته من ألم قلبه أنينا موجعا، وتدمع عينه نحيبا، ويشهق صدره زفيرا حارا.. أن عصى الله تعالى.. ولا يرتاح صاحب هذه الفطرة إلا أن يعود ويتوب فيطمئن في كنف ربه وطاعته.

 

2) قد يتفلت الإنسان من طاعة ربه تعالى فيعصي، أو يشتد فيفسق.. ويتضاءل شعوره بالألم، وهذا أمره أخطر وقد يدركه ربه بتذكير بموعظة توجعه أو مصيبة يستفيق بها.. أو يتمادى ويُستدرَج حتى يباشر الألم في قبره ويجد العقوبة تنتظره..!

 

3) أما أن يعصي الإنسان ثم يجاهر بمعصيته، ثم يصر عليها.. فهذا أخطر وأخوف.

 

4) وأما أن يعصي ويجاهر ويصر.. ثم يضيف اليها الدفاع عن معصيته، ويرى أنها حق له! وأن من حقه أن يعصي ويفجر ويفعل ما يشاء دون نهيه من أحد عن منكره، ويتكلم هنا عن الحرية.. فهذا على شفا جرف؛ منه ما هو انهماك في الفسق ومنه ما هو إسقاط للشرائع ورد لها وردة عنها..

 

وهو تغيير لقيم المجتمع واستعلان بالمنكر وجرأة على الله تعالى.. وهذه هي الجرعة من الدفاع عن (الحريات!) وأن أصحابها من حقهم أن يفعلوا ويفجروا ويفسقوا وينتهكوا حرمات الله كما يشاؤون.. هذه الجرعة هي ما تُسقى وتلقَّن للأجيال الناشئة التي وقعت فريسة قدّمها أرباب 30يونيه لعنهم الله.. كقربان سلموه لأرذل الخلق ورموز الإباحية وللملاحدة.. للشياطين البشرية.

 

5) لكن هناك مشكلة على المستوى التربوي أكبر وأخطر.. وهي المؤامرة على هذا المجتمع لذبحه بل وعلى البشرية لإنهاكها. وهي صنع نموذج من الفسقة والفاجرين والفاجرات، ليحتذي المجتمع حذوه.. كما تفعل هوليود عالميا، وكذلك القرود هنا يفعلون.

 

هنا تعرف الفرق بين الدولة الحديثة وما سبقها.. فعلى مدار التاريخ الإسلامي كان انحراف السلطة يخص صراعها مع غيرها من القوى، ومشكلة الاستبداد بالرأي وحرمان الأمة من الشورى في اختيار حكامها، وموضوع الأموال والإسئثار بها وجبايتها بغير حق.. في بعض الظروف.

 

لكن لم يكن أبدا من يرسم للناس طريقا للخروج من دين الله، ومن يرسم نماذج للإباحية، ومن يعلم قيم الهبوط والدفاع عنها ويلقن الناس ما يدافعون به عن فسقهم إذا فسقوا وفجورهم وفجور أولادهم إذا فعلوا.

 

أما الدولة الحديثة فأنت تسلم أبناءك لمن يعلمهم ويضع لهم ما يريد من فكرة، وهو غير مؤتمن؛ بل هو يستدرج خطوة بعد أخرى في مشروع ممتد ليصل متزامنا مع التشريع المبدَل والنخبة المأجورة والإعلام الفاجر ورموز الفكر والفن الذين لا شغل لهم إلا تدمير قيم هذه الأمة.. وعلى هذا يؤجرون أموالا وأضواء.

 

إنك تسلم أدمغتك وأسرتك وأولادك في بيتك من خلال الإعلام لمن يضع لهم النموذج المستهدف..

 

كانت رموز الأربعينات والخمسينات غير موجود في الواقع لكنها جاءت بعد ذلك، ونماذج الستينات المتفرضة أفرزت نماذج تالية في الواقع، وهكذا.. حتى واخترعوا نموذج سيدات الأعمال، وعصابات البودي جارد، ونشروا مصطحات وألفاظ تجار المخدرات، وغيرها.

 

واليوم النموذج يوضع وينعكس في الشارع في اليوم التالي.. وامتلك الفجرة ناصية أمة.. الألم هنا ليس ألم من معصية تراها؛ بل ألم لنموذج تفرزه محطات ومراكز وأجهزة، في مقابل مجتمع لا مناعة عنده.. وقد دفن من قبلُ شرفاءه أو حبسهم..!

 

من يناقش شرعية الحاكم المتغلب فليضع هذا المتغير في حسبانه.. ومن يقر هذه الأوضاع من المتدينين فليراجع أوامر من يسجد له..! سبحانه.

 

ومن يقرها من أجل الوطن فالوطن بلا دين لا يبقى، والدين يحفظ الوطن ويباركه، وقد رفعه عبر التاريخ..

 

فمن يبيع اليوم دينا وقيما وهوية من أجل حتشبسوت وحتحور وابن آوى.. فلينظر هل يبقى له وطن..؟ وهل سيشفعون له في قبره..؟ وهل ستحمد له الأجيال ما أفسد..؟

مدحت القصراوي

كاتب إسلامي

  • 2
  • 0
  • 5,987

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً