العلمانيون والصوفية.. توافق على إسقاط الشريعة (4)
مدحت القصراوي
المقصود بالصوفية هنا هو الغلاة والمنحرفون وليس المستقيمين منهم على السنة.
- التصنيفات: التصنيف العام - الواقع المعاصر - قضايا إسلامية معاصرة -
وأما الصوفية وتوهينهم لشريعة الله:
فأمر عجَب! وقد قال بعض السلف أنه ما من أمر لله تعالى إلا وللشيطان عنده خطتان لا يبالي بأيهما ظفر، الغلو والتفريط.
والمقصود بالصوفية هنا هو الغلاة والمنحرفون وليس المستقيمين منهم على السنة.. أما المستقيمون منهم على السنة فهم متمسكون بالشريعة ظاهرا وباطنا، ولا يقبلون من أحد قولا أو نكتة أو معنى قلبيا إلا وعليه شاهدا عدل من الكتاب والسنة.. فلله تعالى درُّهم.
ولكن المنحرفون منهم من المتسمّين باسمهم والمتّسمين بسمتهم لهم مآخذ كذلك للانحراف:
أحد مآخذ انحرافهم أنهم يجعلون للسالكين مراحل:
1- أولها يرى فيها السالك الطاعة والمعصية.. (نظرا الى الأمر الشرعي).
2- فإذا ارتقى ـ بزعمهم ـ رأى طاعة بلا معصية، (نظرا الى القدر) فرأى الجميع مطيعا لأنهم جارون على قدر الله لم يخرجوا عنه.
وجعْلُ هذا طاعة لله فهذا إلغاء للفارق بين الكفر والإيمان وموجِب الجنة وموجب النار؛ إذ لا يخرج أحد عن قدر الله ومشيئته {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ} ومع هذا أسكن فريقا الجنة بفضله وذكر أن السبب هو عملهم وما وفقهم اليه {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ* أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[الأحقاف: 13-14]. وأسكن فريقا النار بعدله، وذكر أنهم ما جوزوا إلا بما كانوا يعملون {وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [سبأ: 33].
فمن ألغى الفارق شابه المشركين في قولهم {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ نَّحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ} [النحل: 35].
فأسقطوا الشريعة رأسا وأوهنوا أمر التزامها.
3- فإذا ارتقى ـ على زعمهم ـ لم ير طاعة ولا معصية، بل رأى أن (الكل هو عين الحقيقة فلا يوجد مطيع ومطاع).. وهذه عقيدة وحدة الوجود أو الحلول.. وهي من أفسد العقائد عقلا وشرعا.
وكلا أهل الدرجتين الأخيرتين ليسوا من أهل التقيد بالشريعة ولا إجلالها ولا تعظيمها:
- فهذا يرى العاصي والكافر مطيعا، ويعبّرون عن ذلك بقولهم أنه «إذا عصى الأمر (يقصدون الشرع)، فقد أطاع الإرادة (يقصدون القدر)»..
- وذاك جعل عين وجود المخلوق هو عين وجود الخالق.. فلا مطيع ولا مطاع ولا آمر ولا مأمور.. فأسقطوا الشريعة رأسا كإخوانهم من القدرية المشركية.. لكن هؤلاء قولهم أفحش وأخطر.
ولهم مآخذ أخرى في إسقاط الشريعة..
يُتبع إن شاء الله