قم وادخل الجنة
رضا الجنيدي
هيا تحرك وضع نصب عينيك حصاد الغد، وتذكر أنَّ من عاش بين أحضان الكسل والخمول ووضع أهدافه العليا في دائرة النسيان لن يحصد إلا الشوك ومرارة الندم والأحزان،
- التصنيفات: الدار الآخرة -
كم من إنسان عاش حياته لا يدرك من معانيها سوى سفاسف الأمور، يومه كأمسه، ونهاره كليله، ليس له همَّة في الحياة سوى طعامه ومشربه وملبسه، بل ربما ضعفت همته حتى في السعي وراء متطلبات حياته الأساسية فعاش يتقلب بين أحضان العجز والكسل!
وعلى النقيض تماما نجد في الحياة أشخاصا تطلعاتهم في القمة، نتعجب عندما نرى ما هم عليه من همة!
تدور حياتهم حول أهداف كبرى وغايات عظمى، ومنهم ذلك الرجل العظيم الذي لم يذكر الله -عز وجل- اسمه لنا؛ فليست الأسماء بالتي تهم من أراد أن يصنع له أثرا يُقتدى به بعد الرحيل، وليست الشهرة بالمقياس الذي يقاس به صدق الصادقين وعزم من عاش لهدف مبين.
يذكر الله -عز وجل- في سورة يس قصة رجل وضع نُصب عينيه غاية كبرى، وقرر ألا يحيد عنها مهما كانت العقبات؛ فخرج من بيته يسعى على قدميه من أقصى المدينة إلى أدناها؛ ليدافع عن عقيدته التي حاربها المضللون، وليرفع راية دينه وينصر رسل ربه الذين كذبهم المكذبون.
خرج ساعيا على قدميه، ورغم مشقة السير، ووعثاء الطريق ما ضعفت همته، وما وهنت عزيمته، وما استكانت رغبته المشتعلة في إيقاظ القلوب وما خارت إرادته.
زادت حوله العقبات، وانهالـت عليه ممن أراد لهم الخير أسوأ الاتهامات وأقوى التهديدات، فرد بكل ثبات ويقين:
{وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [22 يس].
ثبت في وجه قسوة الأقوال والأفعال حتى سقط شهيدا؛ فبُشر بالجنة في الحال:
{قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُون بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ} [26 -27يس].
عاش في الدنيا في جنة إيمانه، وفي جنة إرادته، عاش واضعا نصب عينيه غايته، حتى تحقق له ما أراد، وقيل له ادخل الجنة.
وأنت أيها القارئ الكريم تُرى ما هي أهدافك التي وضعتها من أجل الوصول إلى غايتك؟
وما هي خطواتك التي خطوتها نحو تحقيقها؟
أرى البعض قد وضع لنفسه أهدافا عظيمة ثم سرعان ما دفنها في بداية مولدها في أعماق هوة سحيقة.
وأرى البعض قد لون عقله وقلبه بأحلام شامخة ثم سرعان ما فترت الهمة وسقطت الأحلام من القمة حتى توارت في قاع عميق.
أتدري يا صاحب الأهداف المقتولة لم سقطت أهدافك في هذا القاع العميق؟
لأنك اتخذت من التكاسل والتسويف خير صديق.
لأنك ما تحركت بصدق وقوة، وحين تحركت كان سيرك متخبطا ومعوجا، تتوقف أحيانا في منتصف الطريق ثم سرعان ما تعود من حيث بدأت من جديد.
عجبا لك!
لماذا هذه العثرة ولماذا هذا التوقف؟!
ألا ترجو أن يقال لك ادخل الجنة؟!
تحرك فربما قيل لك ادخل الجنة بسبب إصرارك وعزيمتك في الوصول لغايتك.
تحرك فحتى لو لم تحقق كل أهدافك فيكفيك أنك على الطريق تسير، وبنجوم الإرادة تقتدي وبسراج الأنبياء والصالحين تهتدي.
قم وتحرك وابذر بذورك أهدافك، واسقها بماء عزيمتك، وراعها بكل طاقتك؛ فغدا ستجد أثرها وتسعد بطيب ثمرها.
غدا حين تصدق النية وتعقبها بصحيح الفعل سيقال لك بإذن الله: "ادخل الجنة"
هيا اربط أهدافك بغاية كبرى، ولا تجعلها غارقة في بحر مطامع الدنيا.
قم ففي الدنيا جنات وجنات تنعم بعبير الخيرات، وتفتح لك بابا لجنات الآخرة، لتحيا فيها حياة بالنعيم مُزهرة.
قم وتذكر أن أهدافك التي تعيش لها اليوم هي بذورك التي تزرعها لتحصدها في الغد، فماذا تحب أن تحصد غدا حين تقف بين يدي ربك فيسألك عن عمرك فيما أفنيت؟
هيا تحرك وضع نصب عينيك حصاد الغد، وتذكر أنَّ من عاش بين أحضان الكسل والخمول ووضع أهدافه العليا في دائرة النسيان لن يحصد إلا الشوك ومرارة الندم والأحزان، ومن عاش لمجد أهدافه وغايته النبيلة صانعا سيحيا فيما بعد في النعيم خالدا.