أَبحِر في سفينة الرضا

منذ 2018-05-21

إن كنتَ صاحب ابتلاء.. وأوجعتك كثرة الأدواء.. فأبحِر في سفينة مملوءة بالرضا.. وستُكافئ عن كل ما رضيت به.. فقط ثق بخالقك.. وأبحِرْ فى حماه.

إن المرض من أقسى مايواجه الإنسان في حياته..
يأتى إليه المرض فيتألم ويتوجع..
يلجأ إلى الله ويبكى ويسأل الشفاء.. 
بل يريد شفاء عاجلا.. 
يريد عصا سحرية ليزيل بها آلام جسده.. 
ويذهب إلى الكثير من الأطباء..
ولايجد الدواء والألم يشتد عليه..
ويبدأ اليأس يتسلل إلى قلبه..

 

ولقد نسي أن شفائه بيد من زرعه بداخله..
فيتذكر أن لكل داء دواء عند رب العباد.. 
ولربما أنه أرسل إليه هذا المرض لأنه أحبه.. 
نعم أحبك فافتقد سماع صوتك.. 
الذى كانت تهتز له السماء.. 
نعم أحبك فبعث إليك ابتلاء.. كي تُهرول إليه.. 
ويرتفع صوتك عاليا في سماء الليل المظلم ليُنير طريق دربك.. 
أو تزيد من شكره.. 
أو تقوم الليل للمناجاة..
أو تكثر من الاستغفار..
أو تزيد من الصدقة..
فإذا كثُرت الابتلاءات..
فعليك أن ترضى وتحسن الظن.. 
بأن كل أقدار الله فيها خير كثير..
حتى وإن كان مرضك شديدا..
ثق أنك ستؤجر عليه.. 
وأن ربك هو الشافي والقادر على إرسال الأسباب كي يشفيك من أي داء..
وسيجبر كسر قلبك..
فقط عليك بالرضا.. فإذا رضيت رضى الله عنك.. 

 

كنت دوما أرى فتاةً ذات ابتلاءات كثيرة.. 
ومع كل ابتلاء و ابتلاء.. 
ابتسامة رضا وثقة أن الذي خلق الداء قادر على خلق الدواء..  
لم تتذمر يوما أو تكون ذات وجه عبوس..
بل من شدة الرضا أشرق وجهها بنور ليس له مثيل..  
فهي أحبت خالقها وأحسنت الظن.. 
فكُوفئت بالرضا والسكينة.. 
وما أجمل القلب حينما يُزَيّن بالرضا.. 
فلكل شيء تاج.. 
وتاج القلب الرضا..
فتوجّهَت إلى الله بالدعاء والمناجاة فأقبلت بكل عضو منها إلى ربها.. 
ولم تكن يوما تعبأ بسخرية الآخرين.. 
فرضا ربها أعظم من أن تلتفت إليهم..
لقد أنشأت من قيام ليلها حِصنا.. 
ومن الإستغفار أمانا.. 
ومن الشكر رضا.. 
لقد أقامت سدا منيعا ضد شكوى النفس والتذمر من أي ألم.. 
نعم هو ألم شديد لايستطيع التحكم به إلا ذو قلب غلّفه الرضا وحب الرحمن.. 
وجعل من آلامه زيادة في حسناته وعلوا في عباداته.. 

نعم هي فهمت الرسالة من الابتلاء..
وقررت النجاة بسفينة الرضا..
فكوفئت من رب العباد.. 
ورُزقت حب كل من يعرفها..
إذا تحدثت ملكت قلوب المستمعين.. 
فكأن لكلماتها عطرا خاصا.. 
جعلت الكثير يدخلون في عالم من الرضا.. 
عالمٌ إن أنت ملكته يوما تذوقت طعم الحياة.. 
وكنت أنت الرابح الفائز.. 

ولكنهم مازالوا يتساءلون..
كيف لفتاة في عمرها أن تكون بمثل هذا الرضا والثبات؟..
كيف تتحمل كل هذه الآلام؟.. 
فأجابت ووجهها يُشرق بالرضا..
لقد كان حب ربي ورضاه عونا وأمانا لي..
فأدركتُ أن سفينتي لن تبحر من غيرهما.. 

 

فإن كنتَ صاحب ابتلاء.. 
وأوجعتك كثرة الأدواء..
فأبحر في سفينة مملوءة بالرضا.. 
وستُكافئ عن كل ما رضيت به..
فقط ثق بخالقك..
وأبحِرْ فى حماه..

 

الكاتبة: فاطمة الأمير.

  • 10
  • 1
  • 4,641

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً