وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمراً

أبو الهيثم محمد درويش

{وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ * قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} . [الزمر 71-72]

  • التصنيفات: التفسير -

{وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا} :

كما كانوا في الدنيا مجتمعين على المعصية و الشهوات , متلقفين للشبهات , هاهم في الآخرة يساقون بأغلظ الأساليب إلى جهنم في جماعات كما كانوا في الدنيا , و فجأة تفتح عليهم جهنم , و يستقرون في العذاب المهين.

تسألهم خزنة جهنم عن رسلهم الذين أنذروهم و أتوهم بالآيات و الكلمات و المعجزات و الرسالات النورانية التي تركوها وراء ظهورهم و ارتضوا بظلمات الجهل و الجاهلية.
  {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ * قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} . [الزمر 71-72]

قال السعدي في تفسيره:

لما ذكر تعالى حكمه بين عباده، الذين جمعهم في خلقه ورزقه وتدبيره، واجتماعهم في الدنيا واجتماعهم في موقف القيامة، فرقهم تعالى عند جزائهم، كما افترقوا في الدنيا بالإيمان والكفر، والتقوى والفجور، فقال: { { وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ } } أي: سوقا عنيفا، يضربون بالسياط الموجعة، من الزبانية الغلاظ الشداد، إلى شر محبس وأفظع موضع، وهي جهنم التي قد جمعت كل عذاب، وحضرها كل شقاء، وزال عنها كل سرور، كما قال تعالى: { { يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا } } أي: يدفعون إليها دفعا، وذلك لامتناعهم من دخولها.

ويساقون إليها { {زُمَرًا} } أي: فرقا متفرقة، كل زمرة مع الزمرة التي تناسب عملها، وتشاكل سعيها، يلعن بعضهم بعضا، ويبرأ بعضهم من بعض. { {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا } } أي: وصلوا إلى ساحتها { { فُتِحَتْ} } لهم أي: لأجلهم { {أَبْوَابُهَا} } لقدومهم وقِرًى لنزولهم.

{ وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا } مهنئين لهم بالشقاء الأبدي، والعذاب السرمدي، وموبخين لهم على الأعمال التي أوصلتهم إلى هذا المحل الفظيع: { {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ } } أي: من جنسكم تعرفونهم وتعرفون صدقهم، وتتمكنون من التلقي عنهم؟. { {يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ } } التي أرسلهم اللّه بها، الدالة على الحق اليقين بأوضح البراهين.

{ {وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا } } أي: وهذا يوجب عليكم اتباعهم والحذر من عذاب هذا اليوم، باستعمال تقواه، وقد كانت حالكم بخلاف هذه الحال؟

{ {قَالُوا } } مقرين بذنبهم، وأن حجة اللّه قامت عليهم: { { بَلَى} } قد جاءتنا رسل ربنا بآياته وبيناته، وبينوا لنا غاية التبيين، وحذرونا من هذا اليوم. { {وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ } } أي: بسبب كفرهم وجبت عليهم كلمة العذاب، التي هي لكل من كفر بآيات اللّه، وجحد ما جاءت به المرسلون، فاعترفوا بذنبهم وقيام الحجة عليهم.

فـ { {قِيلَ } } لهم على وجه الإهانة والإذلال: { {ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ } } كل طائفة تدخل من الباب الذي يناسبها ويوافق عملها. { {خَالِدِينَ فِيهَا } } أبدا، لا يظعنون عنها، ولا يفتر عنهم العذاب ساعة ولا ينظرون. { {فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ } } أي: بئس المقر، النار مقرهم، وذلك لأنهم تكبروا على الحق، فجازاهم اللّه من جنس عملهم، بالإهانة والذل، والخزي.

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن