مع القرآن (من لقمان إلى الأحقاف ) - استجيبوا لربكم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله

منذ 2018-08-18

فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ

{اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ} :

نداء من الله تعالى لكافة الخلق : بادروا بالاستجابة لأمر الله وإياكم والتكاسل أو التسويف فلا تدري نفس متى ينتهي الأجل ويحل الحساب يوم لا ملجأ للخلق ولا مهرب من الله وحسابه وجزائه.

فمن أعرض عن أمر الله وكلماته فهو وشأنه مع الله وما على الرسول إلا البلاغ وما على الدعاة إلا أداء الأمانة وإيصال الرسالة, فلا تنشغل بالخلق فهم سرعان ما ينسون المنعم وينشغلون بالنعمة وسرعان ما يقنطون من رحمة الله إذا مسهم الضر .

قال تعالى :

{ اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ * فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ} . [الشورى 47-48]

قال السعدي في تفسيره:

يأمر تعالى عباده بالاستجابة له، بامتثال ما أمر به، واجتناب ما نهى عنه، وبالمبادرة بذلك وعدم التسويف، مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْم القيامة الذي إذا جاء لا يمكن رده واستدراك الفائت، وليس للعبد في ذلك اليوم ملجأ يلجأ إليه، فيفوت ربه، ويهرب منه.

بل قد أحاطت الملائكة بالخليقة من خلفهم، ونودوا { {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ } } وليس للعبد في ذلك اليوم نكير لما اقترفه وأجرمه، بل لو أنكر لشهدت عليه جوارحه.

وهذه الآية ونحوها، فيها ذم الأمل، والأمر بانتهاز الفرصة في كل عمل يعرض للعبد، فإن للتأخير آفات.

{ {فَإِنْ أَعْرَضُوا } } عما جئتهم به بعد البيان التام { {فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا } } تحفظ أعمالهم وتسأل عنها، { {إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ } } فإذا أديت ما عليك، فقد وجب أجرك على اللّه، سواء استجابوا أم أعرضوا، وحسابهم على اللّه الذي يحفظ عليهم صغير أعمالهم وكبيرها، وظاهرها وباطنها.

ثم ذكر تعالى حالة الإنسان، وأنه إذا أذاقه الله رحمة، من صحة بدن، ورزق رغد، وجاه ونحوه { { فَرِحَ بِهَا } } أي: فرح فرحا مقصورا عليها، لا يتعداها، ويلزم من ذلك طمأنينته بها، وإعراضه عن المنعم.

{ {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ} } أي: مرض أو فقر، أو نحوهما { {بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ } } أي: طبيعته كفران النعمة السابقة، والتسخط لما أصابه من السيئة.

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن

  • 3
  • 0
  • 20,503
المقال السابق
وترى الظالمين لما رأوا العذاب يقولون هل إلى مرد من سبيل
المقال التالي
يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً