مع القرآن (من لقمان إلى الأحقاف ) - وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم

منذ 2018-08-22

إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ * أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ

{وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ}

كتاب مبين واضح أنزله سبحانه وتعالى لهداية الخلق وبيان كل يحتاجه العبد من سبل الصلاح والإصلاح والسلامة في رحلته في الدار الدنيا وحتى يلقى الله تعالى, أنزله سبحانه بلسان عربي واضح المباني والمعاني ما فرط الله فيه من شيء من الأحكام أو الأخبار أو المواعظ والأمثال وسائر وسائل البيان والحجة الواضحة , كتاب له مقامه الرفيع ومكانته السامقة عند رب العالمين .

فما كان سبحانه ليترك الخلق هملاً بلا كتاب هداية أو يضرب عنهم صفحاً , وإنما أنزل لهم الحجة الواضحة و الرسالة الكاملة {ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة}  .

قال تعالى:

{ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ * أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ}  [الزخرف  1-5]

قال السعدي في تفسيره:

هذا قسم بالقرآن على القرآن، فأقسم بالكتاب المبين وأطلق، ولم يذكر المتعلق، ليدل على أنه مبين لكل ما يحتاج إليه العباد من أمور الدنيا والدين والآخرة.

{ {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا } } هذا المقسم عليه، أنه جعل بأفصح اللغات وأوضحها وأبينها، وهذا من بيانه. وذكر الحكمة في ذلك فقال: { لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } ألفاظه ومعانيه لتيسرها وقربها من الأذهان.

{ {وَإِنَّهُ } } أي: هذا الكتاب { {لَدَيْنَا } } في الملأ الأعلى في أعلى الرتب وأفضلها { لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ } أي: لعلي في قدره وشرفه ومحله، حكيم فيما يشتمل عليه من الأوامر والنواهي والأخبار، فليس فيه حكم مخالف للحكمة والعدل والميزان.

ثم أخبر تعالى أن حكمته وفضله يقتضي أن لا يترك عباده هملا، لا يرسل إليهم رسولا، ولا ينزل عليهم كتابا، ولو كانوا مسرفين ظالمين فقال:

{ {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا} } أي: أفنعرض عنكم، ونترك إنزال الذكر إليكم، ونضرب عنكم صفحا، لأجل إعراضكم، وعدم انقيادكم له؟ بل ننزل عليكم الكتاب، ونوضح لكم فيه كل شيء، فإن آمنتم به واهتديتم، فهو من توفيقكم، وإلا قامت عليكم الحجة، وكنتم على بينة من أمركم.

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن

  • 3
  • 0
  • 6,099
المقال السابق
وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا
المقال التالي
وما يأتيهم من نبي إلا كانوا به يستهزئون

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً