مع القرآن (من لقمان إلى الأحقاف ) - إنا أنزلناه في ليلة مباركة

منذ 2018-09-10

فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ * رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ

{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ} :

كتاب مبارك فيه كل ما يحتاج الإنسان لنيل السعادة في الدارين , كتاب يحدد للإنسان طريقه و يدله على اتجاه نجاته ووسائل النجاة ويأخذ بناصيته للعافية الكاملة في الدارين , أنزله تبارك وتعالى في ليلة القدر المباركة لينذر العالمين من خطر مخالفة دليلهم الهادي ومنهجهم المبين الواضح ويبشرهم بالفلاح إن هم انقادوا لأمر الله ووحيه.

تلك الليلة المباركة التي أنزل الله فيها رحمته على العالمين هي ليلة القدر التي ينزل فيها مقادير الخلائق طوال عام قادم  , وفيها يفصل ويميز ويكتب كل أمر قدري وشرعي حكم الله به.

قال تعالى:
 
{حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ * رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} . [الدخان 1-5]

قال السعدي في تفسيره :

هذا قسم بالقرآن على القرآن، فأقسم بالكتاب المبين لكل ما يحتاج إلى بيانه أنه أنزله { {فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ } } أي: كثيرة الخير والبركة وهي ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، فأنزل أفضل الكلام بأفضل الليالي والأيام على أفضل الأنام، بلغة العرب الكرام لينذر به قوما عمتهم الجهالة وغلبت عليهم الشقاوة فيستضيئوا بنوره ويقتبسوا من هداه ويسيروا وراءه فيحصل لهم الخير الدنيوي والخير الأخروي ولهذا قال: { {إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيهَا} } أي: في تلك الليل الفاضلة التي نزل فيها القرآن { { يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ } } أي: يفصل ويميز ويكتب كل أمر قدري وشرعي حكم الله به، وهذه الكتابة والفرقان، الذي يكون في ليلة القدر أحد  الكتابات التي تكتب وتميز فتطابق الكتاب الأول الذي كتب الله به مقادير الخلائق وآجالهم وأرزاقهم وأعمالهم وأحوالهم، ثم إن الله تعالى قد وكل ملائكة تكتب ما سيجري على العبد وهو في بطن أمه، ثم وكلهم بعد وجوده إلى الدنيا وكل به كراما كاتبين يكتبون ويحفظون عليه أعماله، ثم إنه تعالى يقدر في ليلة القدر ما يكون في السنة، وكل هذا من تمام علمه وكمال حكمته وإتقان حفظه واعتنائه تعالى بخلقه.

{ {أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا} } أي: هذا الأمر الحكيم أمر صادر من عندنا.

 { {إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ} } للرسل ومنزلين للكتب والرسل تبلغ أوامر المرسل وتخبر بأقداره، { {رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} } أي: إن إرسال الرسل وإنزال الكتب التي أفضلها القرآن رحمة من رب العباد بالعباد، فما رحم الله عباده برحمة أجل من هدايتهم بالكتب والرسل، وكل خير ينالونه في الدنيا والآخرة فإنه من أجل ذلك وسببه، { {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} } أي: يسمع جميع الأصوات ويعلم جميع الأمور الظاهرة والباطنة وقد علم تعالى ضرورة العباد إلى رسله وكتبه فرحمهم بذلك ومن عليهم فله تعالى الحمد والمنة والإحسان.

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن

  • 7
  • 1
  • 20,715
المقال السابق
وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله
المقال التالي
فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً