أدلة السنة على ذم الطمع

منذ 2018-10-18

قال القاري:والخائن الذي لا يخفى له طمع- وإن دقَّ- إلا خانه)): هو إغراق في وصف الطَّمع، والخيانة تابعة له، والمعنى أنه لا يتعدَّى عن الطَّمع، ولو احتاج إلى الخيانة

ذم الطمع في السنة النبوية:


- عن كعب بن مالك الأنصاري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( «ما ذئبان أرسلا في غنم بأفسد لها، من حرص المرء على المال، والشرف لدينه» ))  [صححه الألباني]  .
قال ابن رجب في شرحه للحديث السابق: (فهذا مثل عظيم جدًّا ضربه النبي -صلى الله عليه وسلم- لفساد دين المسلم بالحرص على المال والشرف في الدنيا، وأن فساد الدين بذلك ليس بدون فساد الغنم بذئبين جائعين ضاريين يأتيا في الغنم، وقد غاب عنها رعاؤها ليلًا، فهما يأكلان في الغنم ويفترسان فيها.
ومعلوم أنه لا ينجو من الغنم من إفساد الذئبين المذكورين- والحالة هذه- إلا قليل، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن حرص المرء على المال والشرف: إفساده لدينه ليس بأقل من إفساد الذئبين لهذه الغنم؛ بل إما أن يكون مساويا وإما أكثر، يشير إلى أنه لا يسلم من دين المسلم مع حرصه على المال والشرف في الدنيا إلا القليل، كما أنه لا يسلم من الغنم مع إفساد الذئبين المذكورين فيها إلا القليل. 
فهذا المثل العظيم يتضمن غاية التحذير من شر الحرص على المال والشرف في الدنيا)   .
وقال القاري: (والمعنى أنَّ حرص المرء عليهما أكثر فسادًا لدينه المشبه بالغنم، لضعفه بجنب حرصه من إفساد الذئبين للغنم)   .
وقال المناوي: (فمقصود الحديث أنَّ الحرص على المال والشرف أكثر إفسادًا للدين من إفساد الذئبين للغنم؛ لأنَّ ذلك الأشر والبطر يستفز صاحبه، ويأخذ به إلى ما يضره، وذلك مذموم لاستدعائه العلو في الأرض والفساد المذمومين شرعًا)   .
- وعن عبد الله بن عمر، عن أبيه، قال: سمعت عمر بن الخطاب، رضي الله عنه يقول: ((قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيني العطاء، فأقول: أعطه أفقر إليه مني، حتى أعطاني مرة مالًا، فقلت: أعطه أفقر إليه مني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذه، وما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه، وما لا، فلا تتبعه نفسك))   .
قال القاري: (قال الطيبي: الإشراف الاطلاع على شيء والتعرض له، والمقصود منه الطَّمع، أي: والحال أنك غير طامع له. ((ولا سائل فخذه)). أي: فاقبله وتصدق به، إن لم تكن محتاجًا. ((وما لا)). أي: وما لا يكون كذلك بأن لا يجيئك هنالك إلا بتطلع إليه واستشراف عليه. ((فلا تتبعه نفسك)). من الإتباع بالتخفيف، أي: فلا تجعل نفسك تابعة له ولا توصل المشقة إليها في طلبه)   .
- وعن أبي بن كعب رضي الله عنه، قال: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( «إنَّ الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن قال: فقرأ: { لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ}  [البينة: 1]، قال: فقرأ فيها: ولو أنَّ ابن آدم سأل واديًا من مال فأعطيه، لسأل ثانيًا، ولو سأل ثانيًا فأعطيه، لسأل ثالثًا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب، وإن ذلك الدِّين القيِّم عند الله الحنيفية، غير المشركة، ولا اليهودية، ولا النصرانية، ومن يفعل خيرًا، فلن يكفره» )) [صحح إسناده الحاكم] والذهبي   .
قال ابن بطَّال: (وأشار صلى الله عليه وسلم بهذا المثل، إلى ذمِّ الحرص على الدنيا، والشره على الازدياد منها؛ ولذلك آثر أكثر السلف التقلل من الدنيا، والقناعة، والكفاف، فرارًا من التعرض لما لا يعلم كيف النجاة من شرِّ فتنته، واستعاذ النبيُّ صلى الله عليه وسلم من شرِّ فتنة الغنى، وقد علم كلُّ مؤمن أنَّ الله تعالى قد أعاذه من شرِّ كلِّ فتنة، وإنما دعاؤه بذلك صلى الله عليه وسلم تواضعًا لله، وتعليمًا لأمته، وحضًّا لهم على إيثار الزهد في الدنيا)   .
- وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( «من غزا في سبيل الله، ولم ينوِ إلا عقالًا ، فله ما نوى» )) [صحيح الجامع]   .
قال الطيبي: (هو مبالغة في قطع الطَّمع عن الغنيمة، بل ينبغي أن يكون خالصًا لله تعالى، غير مشوب بأغراض دنيوية)   .
- وعن عياض بن حمار رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان مقسط متصدق موفق، ورجل رحيم رقيق القلب لكلِّ ذي قرب ومسلم، وعفيف متعفف ذو عيال. وأهل النار خمسة: الضعيف  الذي لا زبر  ، الذين فيكم تبع، لا يبغون أهلًا ولا مالًا، والخائن الذي لا يخفى له طمع وإن دقَّ إلا خانه، ورجل لا يصبح ولا يمسي إلا وهو يخادعك عن أهلك ومالك، وذكر البخل أو الكذب. والشنظير: الفحاش))  .

لا زبر له : أي لا عقل له يمنعه عن الإقدام على ما لا ينبغي.
قال القاري: (... ((والخائن الذي لا يخفى له طمع- وإن دقَّ- إلا خانه)): هو إغراق في وصف الطَّمع، والخيانة تابعة له، والمعنى أنه لا يتعدَّى عن الطَّمع، ولو احتاج إلى الخيانة، ولهذا قال الحسن البصري: الطَّمع فساد الدين والورع صلاحه)   .
- وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((اتقوا الظلم؛ فإنَّ الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشحَّ؛ فإنَّ الشحَّ أهلك من كان قبلكم؛ حملهم على أن سفكوا دماءهم، واستحلُّوا محارمهم))   .
قال ابن عثيمين: (ثم قال صلى الله عليه وسلم: ((واتقوا الشحَّ)) يعني الطَّمع في حقوق الغير. اتقوه: أي احذروا منه، واجتنبوه)

  • 21
  • 2
  • 50,782

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً